حيث وردت في ذكره الأحاديث من بينها ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه كان جالساً ذات يوم في صحابته، فغفا إغفاءةً ثم تبسم وقال لهم: "أَتَدْرون ما الكوثرُ؟ فقلنا: اللهُ ورسولُه أعلمُ. قال: فإنه نهرٌ وعَدنِيه ربي عزَّ وجَلَّ، عليه خيرٌ كثيرٌ، و حوضٌ تَرِدُ عليه أمتي يومَ القيامةِ، آنيتُه عدد النجومِ، فيَخْتَلِجُ العبدُ منهم، فأقولُ: ربِّ، إنه مِن أمتي، فيقول: ما تدري ما أَحْدَثَتْ بعدَك". سبب نزول سورة الكوثر أما سبب نزول سورة الكوثر فكما يرى عبد الله بن عباس -وهي أصح رواية-، فقد قيل عنه بأنها نزلت في العاص بن وائل، وذلك أنه رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخرج من المسجد وهو يدخل، فالتقيا عند باب بني سهم، وتحدثا وأناس من صناديد قريش في المسجد جُلوس، فلما دخل العاص قالوا له: من الذي كنت تحدث؟ قال: ذاك الأبتر، يعني النبيّ -صلوات الله وسلامه عليه-، وكان قد توفي قبل ذلك عبد الله ابن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان من خديجة، وكانوا يسمون من ليس له ابن: أبتر، فأنـزل الله تعالى هذه السورة. وكان في تفسير آياتها الخير العظيم وما ذكر الله به نهر الكوثر، فسورة الكوثر سورة جليلة عظيمة فهي من جانب تحدثنا عن بعض ما حبا الله به نبيه وفضله به وذلك نهر الكوثر، وهو من جانب آخر يرد على من كان يعتدي على النبي -صلى الله عليه وسلم- بفحش وببذيء الكلام حين كان يصف النبي بأنه أبتر إذا مات، لا ولد من بعده يحمل اسمه فينقطع أثره ونسله بموته كما روى ذلك ابن العباس في رواية أخرى، فيروى بأنه قال: "كان العاص بن وائل يمر بمحمد -صلى الله عليه وسلم- ويقول: إني لأشنؤك وإنك لأبتر من الرجال، فأنـزل الله تعالى: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ) من خير الدنيا والآخرة".
تعريف عام بسورة الكوثر اختلف العلماء في كون سورة الكوثر من السُّور المكية أو المدنية، فذهب فريقٌ من العلماء إلى القول بأنَّها سورةٌ مكية؛ وهذا رأي جمهور العلماء، وذهب فريقٌ آخر إلى القول بأنّها سورةٌ مدنيّة، أما عدد آياتها فهو ثلاث آيات، وهي مكونة من عشر كلمات، ومن اثنين وأربعين حرفاً، ورتبتها من بين سور القرآن الكريم يأتي بالقم مئة وثمانية، وهي أقصر سورة في القرآن ، وقد نَزَلت بعد سورة العاديات، وتُسمّى أيضاً بسورة النّحر.
بل و هذا الرأي أرجح في ميزان التحليل العلمي المحايد ، لأن الآية جاءت رداً على تعيير النبي ( صلَّى الله عليه و آله) بعدم استمرار نسله ، فنزلت الآية لكي تُقرر في الحقيقة أمرين: 1. إن البنت هي كالابن من حيث اعتبارها من الذرية و النسل و العقب. إن الله عَزَّ و جَلَّ سيرزق النبي ( صلَّى الله عليه و آله) من هذه البنت نسلاً و ذرية ، و إن اسمه ( صلَّى الله عليه و آله) سيبقى حياً و متألقاً على مرّ العصور و على طول التاريخ. مواضيع ذات صلة
العبرة إن الله يدافع عن الذين آمنوا، فمهما فعل الكفار فإن دائرة السوء تدور عليهم وحدهم، وكل كيد يتربصون به لأهل الحق هو باطل لا محالة، لذلك فليطمئن أهل الدعوات إن كان الله بجوارهم فإن سهامه لن تخطئ طريقها إلى أعدائه أبداً.
سورةُ الكَوْثَرِ سورةُ الكوثَرِ، بآياتِها الثَّلاثِ وكَلِمَاتِها العَشْر، بِِخُلُوِّها مِنْ حَرْفِ المِيمِ إعجازاً وَفَصَاحَةً، بِكُلِّ ذلك تُعَدُّ أقصرُ سورةٍ في القُرآن الكريمِ، وهي مكِّيَّةٌ، نَزَلَتْ بعدَ سورةِ العاديات، ترتيبها في المُصْحَفِ هو 108، وتُعْتبرُ هذه السُّورةُ خاصةً بَرسولِ الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- مثلَ سورةِ الضُّحى، وسورةِ الشَّرْحِ؛ يُخَفِفُ عنْهُ رَبُّهُ فيها مِنْ أَذَى المُشْركينَ ويُسَلِّي عن قلبه فيها، وَيَعِدُهُ بالخَيْرِ إذ إنّ ما يفعلونَهُ به إنَّما هو مِنْ ضَعْفِ عُقُولِهِم وإدْراكِهِم، ويُرْشِدُهُ إلى طريقِ الحَمْدِ والإخْلاصِ. تفسيرُ سُورةِ الكوثر الكوثر: هوالمُفْرِطُ في الكَثْرَةِ، وقيل هو نَهْرُ الكوثرِ في الجَنَّةِ، وأصْلُ كلمةِ الكوثَرِ يَدُلُّ على الكَثْرةِ والزِّيادةِ، ففيهِ إشارةٌ إلى كمالِ الخَيْراتِ التي ينعم الله بها على نبيه في الدُّنيا والآخرة. صفاتُ ماءِ نهرِ الكوثرِ أشدُّ بياضاً من اللَّبَنِ، وأحلى مذاقاً من العَسَلِ، وأطيبُ ريحاً من المِسْكِ، ولقد وصف النبيُّ بأن من شرب منه لم يظمأ بعدها أبداً، ولم يسودَّ وجهه أبداً. الشانئ: المُبْغِضُ.