وذلك لأنه من الطبيعي أن يقوم الإنسان ببلع ريقه طوال الوقت، ولا يستطيع الفرد أن يمنع نفسه من القيام بهذا الفعل، وإذا ظل متعمداً عدم بلع الريق حتى لا يفسد صيامه، فإن هذا يُعد تشدداً في الدين وإرهاقاً للنفس. وقد أجمع علماء المسلمين على أن بلع الريق لا يُفطر ولا يُفسد الصيام، وذلك لأن الريق جزء من الإنسان، ولا يُعد شيئاً خارجياً يُفطره. فقد قال الإمام النووي (ابتلاع الريق لا يُفطر بالإجماع)، لذلك يجوز للصائم بلع ريقه، وإذا قام ببلع الريق أثناء الصيام، فصيامه صحيح وليس عليه قضاء. هل يجوز بلع الريق في الصيام مثال على معرفة. حكم جمع الريق ثم بلعه بقصد يقوم بعض الأشخاص من جمع الريق في الفم ثم بلعه، ويقومون بذلك إذا شعروا بجفاف في الحلق. فيكون الهدف من جمع الريق ثم بلعه مرة أخرى هو ترطيب الريق، ويتساءلون هل هذا يُفطر ويُفسد الصيام، أم أنه لا حرج فيه. وقد أشار الفقهاء وعلماء الشريعة الإسلامية أن جمع الريق ثم ابتلاعه لا يُفسد الصيام. وإذا قام الصائم بهذا الفعل فإن صيامه صحيحاً وليس عليه القضاء، ولكن من الجدير بالذكر أن تلك الفتوى لا تُعمم على ريق الآخرين، مثل ريق الطفل، أو ريق الزوجة. فيمكن للشخص بلع ريقه، ولا يمكنه بلع ريق شخص أخر، وذلك لأن ريق الآخرين خارج عن جسم الصائم، ودخوله إلى جسمه يُفسد صيامه.
المغني 3/16 ( ومثله َلَوْ أَخْرَجَ اللِّسَانَ وَعَلَيْهِ الرِّيقُ ثُمَّ رَدَّهُ وَابْتَلَعَ مَا عَلَيْهِ لَمْ يُفْطِرْ فِي الأَصَحِّ, لأَنَّ اللِّسَانَ كَيْفَمَا تَقَلَّبَ مَعْدُودٌ مِنْ دَاخِلِ الْفَمِ فَلَمْ يُفَارِقْ مَا عَلَيْهِ مَعْدِنُهُ). حاشية قليوبي 2/73 ثانيا: الواجب على الصائم بعد المضمضة: قال النووي في " المجموع" (6/327): قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ: إذَا تَمَضْمَضَ الصَّائِمُ لَزِمَهُ مَجُّ الْمَاءِ, وَلا يَلْزَمُهُ تَنْشِيفُ فَمِهِ بِخِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا بِلا خِلافٍ اهـ. وقال الشيخ ابن عثيمين ( لا يجب التفل ولو بعد شرب الماء عند أذان الفجر ، فإنه لم يعهد من الصحابة رضي الله عنهم فيما نعلم أن الإنسان إذا شرب عند طلوع الفجر يتفل حتى يذهب طعم الماء، بل هذا مما يسامح فيه) الممتع 6/428 والذين يرون البصق بعد المضمضة لا يطالبون المتمضمض بأكثر من أن يبصق مرة واحدة بعد مجِّه للماء (إخراجه من فمه) وعلتهم في اشتراط البصق اخْتِلاطِ الْمَاءِ بِالْبُصَاقِ, فَلا يَخْرُجُ بِمُجَرَّدِ الْمَجِّ, وَلا يشْتَرِطُون الْمُبَالَغَةُ فِي الْبَصْقِ; لأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَهُ مُجَرَّدُ بَلَلٍ وَرُطُوبَةٍ, لا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ.
وممن ضعف زيادة (ويمص لسانها) أيضا الألباني في ضعيف سنن أبي داود. وذكر ابن قدامة توجيهين للحديث على فرض صحته: الأول: أن المسألتين غير مرتبطتين ببعضها ، قال رحمه الله ( وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ يُقَبِّلُ فِي الصَّوْمِ, وَيَمُصُّ لِسَانَهَا فِي غَيْرِهِ). الثاني: أن الحديث ليس فيه دليل على ابتلاع الريق ، قال رحمه الله ( وَيَجُوزُ أَنْ يَمُصَّهُ, ثُمَّ لا يَبْتَلِعُهُ, وَلأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ انْفِصَالُ مَا عَلَى لِسَانِهَا مِنْ الْبَلَلِ إلَى فَمِهِ) المغني 3/17 وعلى هذا فإذا لم يحصل من أحد الزوجين ابتلاع لريق الآخر فإن الصوم لا يفسد. ولكن يبقى أن مص أحد الزوجين للسان الآخر داخل في عموم دواعي الوطء ( تحرم القبلة وغيرها من دواعي الوطء إن خشي من فساد صومه بالإنزال أما إن كان يأمن على نفسه فالصحيح أنه يجوز له من غير كراهة لأن النبي صلى الله عليه وسلم ( كان يقبل وهو صائم) البخاري 1927 مسلم 1106) الممتع 6/433 بتصرف. إلا أنه ينبغي عليه أن يصون صومه عما يعرضه لشيء من النقص لاسيما وأن كل هذه المسائل تباح في كل ليالي رمضان. هل يجوز بلع الريق في الصيام عمداُ. وراجع السؤالين ( 20032) و( 14315).
فَإِنْ جَمَعَهُ ثُمَّ ابْتَلَعَهُ قَصْدًا لَمْ يُفَطِّرْهُ؛ لأَنَّهُ يَصِلُ إلَى جَوْفِهِ مِنْ مَعِدَتِهِ، أَشْبَهَ مَا إذَا لَمْ يَجْمَعْهُ، فَإِنَّ الرِّيقَ لا يُفَطِّرُ إذَا لَمْ يَجْمَعْهُ، وَإِنْ قَصَدَ ابْتِلاعَهُ، فَكَذَلِكَ إذَا جَمَعَهُ". [1] حكم بلع النخامة للصائم عند الفقهاء الشافعية فإن النخامة لو تعمد بلعها بعد وصولها إلى ظاهر الحلق فقد أفطر، وعند الأحناف والمالكية قالوا أنها لا تفطر ولو وصلت إلى اللسان، والراجح في القول أنّها لا تفطر فهي من جملة أصل الجسد كالريق وليس من الطعام أو الشراب، لكن على المسلم أن يبتعد بنفسه عن الشبهة والخلاف، فيلفظها لو لم يشق عليه ذلك، فلو ابتلعها وهو صائم وهو قادرٌ على لفظها وإخراجها فهو يفطر عند بعض أهل العلم، أما لو عجز عن ذلك فلم يفطر والله أعلم. [2] شاهد أيضًا: المفطرات في رمضان عمدا أو بدون عمد بالتفصيل هل اكل المخاط يفطر إنّ الراجح في المخاط الذي يكون في الأنف من استشمه بأنفه فأدخله فمه فابتلعه فإنّه لا يفطر على الراجح، فلو استشم المخاط من أنفه حتى أدخله إلى فمه وابتلعه عمدًا لا يفطر، فالصائم لو دخل المخاط أنفه من رأسه ثم استشمه ودخل حلقه على تعمدٍ منه فلا شيء عليه، ذلك أنّه بمنزلة ريقه، أما لو خرج من جوفه كأن يكون على كفه ثم يبتلعه فقد فسد صومه، وعليه القضاء والله أعلم.
بتصرّف. ↑ "حكم بلع الصائم ريقه أو ريق غيره" ، ، 18-11-2003، اطّلع عليه بتاريخ 26-3-2020. بتصرّف. ↑ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (1986)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: ذات السلاسل، صفحة 97، جزء 8. بتصرّف. ↑ ابن عثيمين، جلسات رمضانية ، صفحة 11، جزء 9. بتصرّف. ↑ "حكم ابتلاع الصائم الريق النجس" ، ، 8-6-2011، اطّلع عليه بتاريخ 26-3-2020. بتصرّف. هل يجوز بلع الريق في الصيام هو. ↑ ابن ضويان (1989)، منار السبيل في شرح الدليل (الطبعة السابعة)، لبنان: المكتب الإسلامي، صفحة 226، جزء 1. بتصرّف. ↑ أحمد عمر (2008)، معجم اللغة العربية المعاصرة (الطبعة الأولى)، الرياض: عالم الكتب، صفحة 183، جزء 3. بتصرّف. ↑ ابن الأثير (1972)، جامع الأصول (الطبعة الأولى)، مصر: مكتبة الحلواني- مطبعة الملاح- مكتبة دار البيان، صفحة 190، جزء 11. بتصرّف. ↑ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (1993)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 65-66، جزء 28. بتصرّف. ↑ عبدالرزاق الكندي (2014)، المفطرات الطبية المعاصرة دراسة فقهية طبية مقارنة (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار الحقيقة الكونية، صفحة 160-161. بتصرّف. ↑ "تعريف و معنى المضمضة في معجم المعاني الجامع" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 26-3-2020.