وهكذا كانت استجابة العظماء لخطاب إباء الضيم، فقد حصل هذا النبع من أهل البيت (عليهم السلام) على عظمة الشهادة في قِبال ذلك، إذ ليست الشهادة مُنحة مجانية ولا صدقة، ولكنّها اختيار من الله سبحانه، حيث يقول تعالى: (وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (آل عمران/ 140).
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ يَفْهَمُ وَيَحْفَظُ، وَصَنَّفَ كِتَاباً فِي السُّنَّة، وَعَاجلَتْهُ المَنيَّة، خَرَجَ إِلَى الدِّيْنَوَر، فَأَدركه أَجلُه بِهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَة ثَمَان عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة. ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ جَدَّاء العُكْبَرِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ هِبَةَ اللهِ الطَّبَرِيَّ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟ قَالَ: غَفَر لِي. قلت: بِمَاذَا؟ فَقَالَ كلمَة خفيَّة: بِالسُّنَّة. وَقَالَ شُجَاعٌ الذُّهْلِيُّ: لَمْ يخرج عَنْهُ شَيْءٌ مِنَ الحَدِيْثِ إلَّا اليَسِيْر. قُلْتُ: قَدْ رَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ الطُّرَيْثِيْثِيّ كِتَابهُ فِي "شَرْح السُّنَّة". عريس كربلاء القاسم بن الحسن عليه السلام... - منتديات درر العراق. سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي. اللالكائي الإِمَام أَبُو الْقَاسِم هبة الله بن الْحسن بن مَنْصُور الطَّبَرِيّ الرَّازِيّ الْحَافِظ الْفَقِيه الشَّافِعِي مُحدث بَغْدَاد سمع أَبَا طَاهِر المخلص وطبقته وتفقه بِأبي حَامِد الإسفرايني قَالَ الْخَطِيب كَانَ يحفظ وَيفهم وصنف فِي السّنَن وَرِجَال الصَّحِيحَيْنِ مَاتَ بالدينور فِي رَمَضَان سنة ثَمَان عشرَة وَأَرْبَعمِائَة طبقات الحفاظ - لجلال الدين السيوطي.
فسألت عن الغلام فقيل: هُوَ الْقَاسِمُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ»(2). استشهاده استُشهد(ع) في العاشر من المحرّم 61ﻫ بواقعة الطف، ودفنه الإمام زين العابدين(ع) في مقبرة الشهداء بجوار مرقد الإمام الحسين(ع) في كربلاء المقدّسة.
فما لبث عمّه الحسين إلّا وثار ثورة الضرغام بيده السيف وعليه قميص وإزار وفي رجليه نعلان، جعل يمشي بين صفوف الأعداء ويضرب بسيفه، مستخفاً بالموت غير آبه بالجمع كما يفعل الرجال الصناديد فوقف وهو يرتجز ويقول: أن تنكروني فأنا نجل الحسن سبط النبيّ المجتبى والمؤتمن هـذا حسين كألاسير المرتهن بين قوم لا سقوا صوب المزن
القول في تأويل قوله تعالى: ( والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ( 74)) يقول تعالى ذكره: والذين يرغبون إلى الله في دعائهم ومسألتهم بأن يقولوا: ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا ما تقر به أعيننا من أن تريناهم يعملون بطاعتك. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا. ذكر من قال ذلك: حدثني علي ، قال: ثنا أبو صالح ، قال: ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله: ( هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين) يعنون: من يعمل لك بالطاعة فتقر بهم أعيننا في الدنيا والآخرة. حدثني أحمد بن المقدام ، قال: ثنا حزم ، قال: سمعت كثيرا سأل الحسن ، قال: يا أبا سعيد ، قول الله: ( هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين) في الدنيا والآخرة ؟ قال: لا بل في الدنيا ، قال: وما ذاك ؟ قال: المؤمن يرى زوجته وولده يطيعون الله. حدثنا الفضل بن إسحاق ، قال: ثنا سالم بن قتيبة ، قال: ثنا حزم ، قال: سمعت الحسن فذكر نحوه. حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال: ثنا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، قال: قرأ حضرمي ( ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين) قال: وإنما قرة أعينهم أن يروهم يعملون بطاعة الله. حدثنا ابن حميد ، قال: ثنا ابن المبارك ، عن ابن جريج فيما قرأنا عليه في قوله: ( هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين) قال: يعبدونك فيحسنون عبادتك ، [ ص: 319] ولا يجرون الجرائر.
الزوج في اللغة يطلق على الذكر والأنثى، فهو دعاء وطلب لصلاح الزوج والزوجة معا. فالقرآن يستخدم لفظ الزوج لمن تحقق فيهم الاستقرار الأسري وكانوا لبعضهم سكنا، وتحققت فيهم المودة والرحمة. أما اختيار العبد في دعائه لفظة (قرة) فله دلالات كبيرة ومعاني عظيمة، فالقرة كناية عن السرور والفرح، ومن معانيها السكون والاستقرار والثبات. قرّة أعين: "كناية عن السرور والفرح، وهو مأخوذ من القرر، وهو البرد، لأن دمعة السرور باردة" تفسير الماوردي.. كثيرا ما قورنت العين بالقرآن الكريم بالنعيم، ومن أعظم النعم أن يُزْرَقَ العبد استقرارا واطمئنانا وأمنا قلبيا وروحيا. والعين هي بوابة القلب. واستقرار العين هو استقرار للقلب. وتقول العرب: "أقر الله عينك"، أي: صادف فؤادك ما يحبه وما يرضاه. فالصلاح والاستقرار الأسري يؤهل العبد لمهام ومسؤوليات مجتمعية أكبر، ولهذا نجد عباد الرحمان لهم همم عالية، وعزيمة صادقة، وهم لا يسألون الله مجرد التقوى، بل إنهم يسألون أن يكونوا أئمة للمتقين يعتنون بالدعوة وتكثير السواد من الصالحين المصلحين. هل تدعين بهذا الدعاء رب هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين. ﴿واجعلنا أئمة﴾ هدى يهتدي بنا ولا تجعلنا أئمة ضلالة. لأن الله تعالى قال في أهل السعادة: وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا.
⁕ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا ابن المبارك، عن ابن جُرَيج فيما قرأنا عليه في قوله: ﴿هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾ قال: يعبدونك فيحسنون عبادتك، ولا يجرُّون الجرائر. ⁕ حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: قال ابن جُرَيج، قوله: ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾ قال: يعبدونك يحسنون عبادتك، ولا يجرّون علينا الجرائر. ⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾ قال: يسألون الله لأزواجهم وذرياتهم أن يهديهم للإسلام.
الخطبة الأولى: الحمدُ للهِ الجوادِ الكريمِ، البَرِّ الرحيمِ، يتفضلُ على من يَشاءُ من عبادِه، واللهُ ذو الفضلِ العظيمِ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شَريكَ له، وأشهدُ أن سيدَنا ونبيَنا محمداً عبدُ اللهِ ورسولُه، آتاه الحكمةَ وجوامعَ الكلمِ، وعلمَّه ما لم يكن يعلمُ، وكانَ فَضلُ اللهِ عليه عظيماً، فاللهم صلِّ وسلمْ وباركْ على سيدِنا ونبيِنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعينَ، وعلى من تبعَهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ. أما بعد: فأوصيكم عبادَ اللهِ ونفسي بتقوى اللهِ، قالَ -سبحانَه وتعالى-: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)[الفرقان:29]. يا أهلَ القرآنِ: تأملوا قليلاً في دعاءِ عبادِ الرَّحمنِ: ( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)[الفرقان:74]، فقرَّةُ العينِ هو استقرارُها وثباتُها ويكونُ ذلكَ بالأمانِ والطُّمأنينةِ، بعكسِ حالةِ العينِ في الخوفِ والقلقِ، فإنَّها تكونُ مُضطربةً مُتحرِّكةً لا يقرُّ لها قرارٌ، كما قالَ -تعالى-: ( فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ)[الأحزاب:29].
⁕ حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن أبن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ قال: اجعلنا مؤتمين بهم، مقتدين بهم. قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: معناه: واجعلنا للمتقين الذين يتقون معاصيك، ويخافون عقابك إماما يأتمون بنا في الخيرات، لأنهم إنما سألوا ربهم أن يجعلهم للمتقين أئمة ولم يسألوه أن يجعل المتقين لهم إماما، وقال: ﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ ولم يقل أئمة. وقد قالوا: واجعلنا وهم جماعة، لأن الإمام مصدر من قول القائل: أمّ فلان فلانا إماما، كما يقال: قام فلان قياما وصام يوم كذا صياما. ومن جمع الإمام أئمة، جعل الإمام اسما، كما يقال: أصحاب محمد إمام، وأئمة للناس. فمن وحَّد قال: يأتمّ بهم الناس. وهذا القول الذي قلناه في ذلك قول بعض نحويِّي أهل الكوفة. وقال بعض أهل البصرة من أهل العربية: الإمام في قوله: ﴿لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ جماعة، كما تقول: كلهم عُدُول. قرة أعين - ملتقى الخطباء. قال: ويكون على الحكاية كما يقول القائل: إذا قيل له: من أميركم، هؤلاء أميرنا، واستشهد لذلك بقول الشاعر: يا عاذِلاتي لا تُرِدْنَ مَلامَتِي... إنَّ العوَاذلَ لَسْنَ لي بأمِيرِ [[البيت من شواهد بن هشام في المغني في حرف اللام، على أن قوله: " لا تردن ملامتي " أبلغ من: لا تلمني لأنه نهى عن السبب، والنهي عن إرادة الفعل أبلغ من النهي عن الفعل نفسه.