وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة قال الحسن: يؤتون الإخلاص ويخافون ألا يقبل منهم. أولئك الذين يسارعون في الخيرات. وروى الترمذي ، عن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة قالت عائشة: أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون ؟ قال: لا يا بنت الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون ألا يقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات. وقال الحسن: لقد أدركنا أقواما كانوا من حسناتهم أن ترد عليهم أشفق منكم على سيئاتكم أن تعذبوا عليها. وقرأت عائشة - رضي الله عنها - وابن عباس ، والنخعي ( والذين يأتون ما أتوا) مقصورا من الإتيان. قال الفراء: ولو صحت هذه القراءة عن عائشة لم تخالف قراءة الجماعة ؛ لأن الهمز من العرب من يلزم فيه الألف في كل الحالات إذا كتب ؛ فيكتب سئل الرجل بألف بعد السين ، ويستهزئون بألف بين الزاي والواو ، وشيء وشيء بألف بعد الياء ، فغير مستنكر في مذهب هؤلاء أن يكتب ( يؤتون) بألف بعد الياء ، فيحتمل هذا اللفظ بالبناء على هذا الخط قراءتين ( يؤتون ما آتوا) و ( يأتون ما أتوا).
بَادِرْ شَبَابَكَ أَنْ تَهْرَمَا وَصِحَّةَ جِسْمِكَ أَنْ تَسْقَمَا وَأَيَّامَ عَيْشِكَ قَبْلَ الْمَمَات فَمَا قَصْرُ مَنْ عَاشَ أَنْ يَسْلَمَا وَوَقْتُ فَرَاغِكَ بَادِرْ بِه لَيَالِي شُغْلِكَ فِي بَعْضِ مَا فقدِّر فكل امرئ قادم على علم ما كان قد قدّما وتتأكد المسارعةُ في مواسم الخير كرمضان والجمعة وعشر ذي الحجة والسَّحر، وهكذا عند إقبال الفتن، يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا» رواه مسلم. وتتأكد المسارعة حال تقدم السن وبلوغ الكبر، يقول ابن الجوزي: " من علم قرب الرحيل عن مكة، استكثر من الطواف، خصوصًا إن كان لا يؤمل العود؛ لكبر سنه، وضعف قوته. فكذلك ينبغي لمن قاربه ساحل الأجل بعلو سنه أن يبادر اللحظات، وينتظر الهاجم بما يصلح له ".
وإنما قلت ذلك أولى التأويلين بالكلام; لأن ذلك أظهر معنييه، وأنه لا حاجة بنا إذا وجهنا تأويل الكلام إلى ذلك، إلى تحويل معنى " اللام " التي في قوله: ( لَهَا سَابِقُونَ) إلى غير معناها الأغلب عليها.
والمسارعة في الخيرات سبب لإجابة الدعاء؛ فقد ذكر الله - سبحانه - إجابته دعاءَ نبيّه إبراهيم ولوط ونوح وأيوب ويونس وزكريا - عليهم الصلاة والسلام -؛ وأن مسارعتَهم في الخير أولُ أسباب تلك الإجابة: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِين ﴾.
والمسارعة سبيل لنيل السعادة؛ فقد فسر ابن عباس - رضي الله عنهما - قوله تعالى: ﴿ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [المؤمنون: 61] بسبق السعادة لهم. والمسارعة شعار الصالحين على مَرِّ الزمان، يقول الله - تعالى - عن مؤمني أهل الكتاب: ﴿ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾. فلا غرو أن أَمَرَ الله - سبحانه - بها في غير ما آية وقد بوّأها هذا القدر العلي. تفسير أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون [ المؤمنون: 61]. وذاك مشعر بنفاسة التحصيل وفدح الخسار، وتنبيه لما يعرض لها من المشاغل والصوارف، يقول خالد بن معدان: " إذا فُتح لأحدكم باب خير فليسرع إليه؛ فإنه لا يدري متى يُغلق عنه ". عباد الله! ولئن كان الإغراء بالمسارعة في الخير عاماً في الأحوال؛ فإن ذلك يتأكد حال اشتداد داعي الحاجة، ومواتاة الفرص التي تمتاز بالقلة وسرعة الانقضاء؛ قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - لرجل وهو يعظه: " اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك " رواه الحاكم وقال صحيح على شرطهما، وأوصى الشافعيُّ أحمدَ بن صالح فقال: " تعبّد من قبل أن ترأس؛ فإنك إن ترأس لم تقدر أن تتعبد ".
وجملة وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ حال من الفاعل في قوله- تعالى- يُؤْتُونَ. وجملة أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ تعليلية بتقدير اللام، وهي متعلقة بقوله: وَجِلَةٌ. أى: وقلوبهم خائفة من عدم القبول لأنهم إلى ربهم راجعون، فيحاسبهم على بواعث أقوالهم وأعمالهم، وهم- لقوة إيمانهم- يخشون التقصير في أى جانب من جوانب طاعتهم له- عز وجل-. وقد جاءت هذه الصفات الكريمة- كما يقول الإمام الرازي- في نهاية الحسن، لأن الصفة الأولى دلت على حصول الخوف الشديد الموجب للاحتراز عما لا ينبغي، والثانية: دلت على قوة إيمانهم بآيات ربهم، والثالثة دلت على شدة إخلاصهم، والرابعة: دلت على أن المستجمع لتلك الصفات يأتى بالطاعات مع الوجل والخوف من التقصير، وذلك هو نهاية مقامات الصديقين، رزقنا الله- سبحانه- الوصول إليها. اولئك يسارعون في الخيرات. واسم الإشارة في قوله- تعالى-: أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ يعود إلى هؤلاء المؤمنين الموصوفين بتلك الصفات الجليلة. وهذه الجملة خبر عن قوله- تعالى-: إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ وما عطف عليه، فاسم «إن»: أربع موصولات، وخبرها جملة أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ... أى: أولئك الموصوفون بتلك الصفات، يبادرون برغبة وسرعة إلى فعل الخيرات، وإلى الوصول إلى ما يرضى الله- تعالى- وَهُمْ لَها أى: لهذه الخيرات وما يترتب عليها من فوز وفلاح سابِقُونَ لغيرهم.
[١٨] [١٩] وفاة أم هانئ رضي الله عنها تأخرت وفاة أم هانئ -رضي الله عنها- إلى ما بعد سنة خمسين من الهجرة. [٦] وقد شهدت حياتها مواقف مختلفة مع النبي -صلى الله عليه وسلم- سبق الإشارة إلى بعضها، كما كان لها رواية للحديث، رضي الله عنها وأرضاها. المراجع ↑ الطبري (1418)، خلاصة سير سيد البشر (الطبعة 1)، مكة المكرمة:مكتبة نزار مصطفى الباز، صفحة 145. بتصرّف. ↑ النووي، المجموع شرح المهذب ، بيروت:دار الفكر، صفحة 35، جزء 4. بتصرّف. ↑ ابن الدواداري (1402)، كنز الدرر وجامع الغرر ، مصر:مكتبة عيسى البابي الحلبي، صفحة 134، جزء 3. بتصرّف. ↑ الذهبي (1404)، المعين في طبقات المحدثين (الطبعة 1)، الأردن:دار الفرقان، صفحة 31. بتصرّف. ^ أ ب ت الذهبي (2003)، تاريخ الإسلام وَوَفيات المشاهير وَالأعلام (الطبعة 3)، بيروت:دار الغرب الإسلامي، صفحة 559، جزء 2. بتصرّف. جمانة بنت أبي طالب – الشیعة. ↑ ابن الأثير (1415)، أسد الغابة في معرفة الصحابة (الطبعة 1)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 280، جزء 7. بتصرّف. ^ أ ب راغب السرجاني، السيرة النبوية ، صفحة 12، جزء 39. بتصرّف. ^ أ ب موسى العازمي (1432)، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (الطبعة 1)، الكويت:المكتبة العامرية، صفحة 55-56، جزء 4.
قال أبو عمر: زيد بن واقد هذا ثقة من ثقات الشاميين لقي واثلة بن الأسقع.. بسرة بنت صفوان: بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية، أمها سالمة بنت أمية بن حارثة بن الأوقص السلمية وهي ابنة أخي ورقة بن نوفل، وأخت عقبة بن أبي معيط لأمه، كانت بسرة بنت صفوان عند المغيرة بن أبي العاص فولدت له معاوية وعائشة فكانت عائشة تحت مروان بن الحكم وهي أم عبد الملك بن مروان. وقال الزبير: وطائفة من أهل العلم بالنسب إن بسرة بنت صفوان هي أم معاوية بن المغيرة بن أبي العاص وجدة عائشة بنت معاوية وهي أم عبد الملك بن مروان وقال ابن البرقي: قد قيل إن بسرة بنت صفوان من كنانة. قال أبو عمر: ليس قول من قال إنها من كنانة بشيء. والصواب أنها من بني أسد بن عبد العزى من قريش وعمها ورقة بن نوفل. روى عنها من الصحابة أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط. وروى عنها مروان بن الحكم حديث مس الذكر وهي من المبايعات.. البغوم بنت المعدل: الكنانية. أسلمت يوم الفتح وهي امرأة صفوان ابن أمية، قاله الواقدي.. بقيرة امرأة القعقاع: بن أبي حدرد الأسلمي. وقال ابن أبي خيثمة: لا أدري أسلمية هي أم لا؟ وقال غيره: هي هلالية. روى عنها محمد بن إبراهيم ابن الحارث التيمي أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يا هؤلاء إذا سمعتم بجيش قد خسف به فقد أظلت الساعة».
بتصرّف. ↑ رواه الإمام البخاري، في صحيح البخاري، عن فاختة بنت أبي طالب أم هانئ، الصفحة أو الرقم: 3171 ، صحيح. ↑ بحرق اليمني (1419)، حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار (الطبعة 1)، جدة:دار المنهاج، صفحة 351. بتصرّف. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن فاختة بنت أبي طالب أم هانئ، الصفحة أو الرقم:4292، صحيح.. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن فاختة بنت أبي طالب أم هانئ، الصفحة أو الرقم:336، صحيح.. ^ أ ب ت موسى العازمي (1432)، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (الطبعة 1)، الكويت:المكتبة العامرية، صفحة 55، جزء 4. بتصرّف. ↑ محمد الصوياني (1424)، السيرة النبوية (الطبعة 1)، الرياض:مكتبة العبيكان، صفحة 47-48، جزء 4. بتصرّف. ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن فاختة بنت أبي طالب أم هانئ، الصفحة أو الرقم:27385، إسناده ضعيف.. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:5365، صحيح.. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2527، صحيح. ↑ طه الساكت (30-8-2018)، "نساء قريش خير نساء ركبن الإبل" ، الألوكة الشرعية ، اطّلع عليه بتاريخ 12-6-2021. بتصرّف.