وانظر في استيفاء الرد عليهم، "منهاج السنة" لابن تيمية (7/ 244 - 250). ثالثا: وأما معنى الآية، فقد قال ابن كثير في قوله تعالى: قوله: وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج أي: خلق الماءين: الحلو والملح، فالحلو كالأنهار والعيون والآبار، وهذا هو البحر الحلو الفرات العذب الزلال. قاله ابن جريج، واختاره ابن جرير. وهذا الذي لا شك فيه، فإنه ليس في الوجود بحر ساكن وهو عذب فرات. والله سبحانه إنما أخبر بالواقع، لينبه العباد على نعمه عليهم ليشكروه، فالبحر العذب هو هذا السارح بين الناس، فرقه تعالى بين خلقه لاحتياجهم إليه، أنهارا وعيونا في كل أرض، بحسب حاجتهم وكفايتهم لأنفسهم وأراضيهم. وقوله: وهذا ملح أجاج أي: مالح مر زعاق لا يستساغ، وذلك كالبحار المعروفة في المشارق والمغارب: البحر المحيط وما يتصل به من الزقاق وبحر القلزم، وبحر اليمن، وبحر البصرة، وبحر فارس وبحر الصين والهند وبحر الروم وبحر الخزر، وما شاكلها وشابهها من البحار الساكنة التي لا تجري، ولكن تتموج وتضطرب، وتغتلم في زمن الشتاء وشدة الرياح، ومنها ما فيه مد وجزر، ففي أول كل شهر يحصل منها مد وفيض، فإذا شرع الشهر في النقصان جزرت، حتى ترجع إلى غايتها الأولى، فإذا استهل الهلال من الشهر الآخر شرعت في المد إلى الليلة الرابعة عشرة ثم تشرع في النقص، فأجرى الله سبحانه وتعالى -وله القدرة التامة -العادة بذلك.
النقطة التي يلتقي خلالها مياه البحار الجليدية الذائبة مع المياه بحار خليج ألاسكا. منطقة التقاء مياه نهر النيل العذبة مع المياه المالحة للبحر الأبيض المتوسط الذي يقع في شمال مصر. نقطة التقاء مياه نهر ريو نيجرو ومياه نهر سوليموس في البرازيل. المنطقة التي تفصل بين خليج المكسيكي ونهر المسيسيبي. النقطة التي تفصل بين مياه المحيط الأطلسي الباردة وقليلة الملوحة مع مياه البحر الأبيض المتوسط الحارة وكثيرة الملوحة. مرج البحرين في خليج ألاسكا خليج ألاسكا هو خليج بحري يقع بين ولاية كندا وألاسكا، يوجد في هذا الخليج محيطان يلتقيان ولكن لا يختلطان أبداً، وفي الخط الفاصل بين المحيطين تتشكل رغوة كثيفة، نتيجة إلى اختلاف كثافة المياه وكميات الأملاح والمعادن، تحدث هذه الظاهرة عندما يبدأ المياه العذبة الناتجة من الأنهار الجليدية بالتدفق إلى مياه المحيط الذي يكون أكثر ملوحة وبسبب اختلاف كثافة المياه ونسبة الأملاح بين هذين السطحين المائيين ينتج توتر سطحي بينهما، ويؤدي إلى إنشاء جدار رقيق جداً لا يسمح لمياه هذين السطحين المائيين بالاندماج، وهو ما يطلق عليه ظاهرة مرج البحرين الذين يلتقيان ولكن لا يختلطان.
– وقال تعالى: ﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [فاطر: 12]. ج ـ في وصف لفظة "البحرين" المطلقة جاء في سورة الرحمن قول الحق تبارك وتعالى: ﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ﴾ [الرحمن: 19 ـ 22]. وكل من اللؤلؤ والمرجان لا يحيا إلا في الماء المالح، وإن كانت بعض أصداف اللؤلؤ قد استزرعت صناعياً في الماء العذاب، وعلى ذلك فإن جمع اللؤلؤ والمرجان معاً في الآية رقم (22) من سورة الرحمن يؤكد على أن المقصود بالبحرين هنا هما البحر الملح، والبحر الملح، وهو أمر أكبر إعجازاً من التقاء النهر العذب بالبحر المالح، على أهمية ذلك العظمى، وضرورته القصوى لاستقامة الحياة على سطح الأرض، وعلى ما فيه من إعجاز في الخلق يعجز البيان عن تصويره.