وقال ابن عثيمين: "وصنع الطعام لأهل الميت إنما هو سُنّة لمن انشغلوا عن إصلاح الطعام بما أصابهم من مصيبة، لقوله صلى الله عليه وسلم: فإنه قد جاءهم مَا يَشْغَلُهُمْ ، وهذا يدل على أنه ليس بسُنّة مطلقاً". لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نِعْمَ الصاحب لأصحابه، يشاركهم في مشاعرهم، ويشعر بآلامهم وآمالهم، ويقف معهم في أحزانهم وأفراحهم، ويساعد في رفْع الحزن والأسى عنهم، ويجعل لهم من ألمهم أملا، وله في ذلك مواقف كثيرة، تدل على منهج تربوي أخلاقي في تعامل المسلم مع أصحابه، ومن ذلك موقفه مع أهل وأولاد جعفر بن أبي طالب بعد استشهاده في مؤتة، وقد قال صلوات الله وسلامه عليه: « مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحُمَّى » (رواه مسلم). 7 4 15, 312
انتهى. وقال ابن قاسم في حاشية الروض: ويكره الأكل مما صنع، وقال الطرطوشي: أما المآتم فممنوعة بإجماع العلماء، والمأتم هو الاجتماع على المصيبة، وهو بدعة منكرة، لم ينقل فيه شيء، وكذا ما بعده من الاجتماع في الثاني والثالث، والرابع والسابع، والشهر والسنة، فهو طامة، وإن كان من التركة، وفي الورثة محجور عليه، أو من لم يأذن حرم فعله، وحرم الأكل منه. انتهى. ومن ثم فعليكم أن تنهوا عن هذه العادات، وأقل النهي ألا يحضر الشخص هذه الأطعمة، ولا يشارك في تناولها، وحضوره وأكله دائر بين الكراهة والتحريم على ما مر إيضاحه. وعلى المسلمين أن يحرصوا على أن يرجعوا إلى ما كان عليه الأمر الأول زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يجعلوا سنته صلوات الله عليه مقدمة على ما عداه. والله أعلم.
اهـ. وانظر الفتويين: 58580 67278 والله أعلم.