ت + ت - الحجم الطبيعي عندما قدمت ليو نورا الفلبينية إلى الإمارات، قبل أربع سنوات، كانت تصطحب معها صورة سوداء قاتمة عن الإسلام والمسلمين، يظهر فيها اللون الأحمر كثيراً، وهو لون الدم، لأنها كانت تعتقد أسوة ببقية أبناء شعبها، أن العرب والمسلمين، إرهابيون متعطشون للدماء، شيمتهم الحقد، والعنصرية، والترويع، وسلب الحريات، لكن هذه الصورة النمطية سرعان ما تغيرت، وطغى عليها اللون الأخضر، لون المحبة والسلام والأمان، بعدما وطأت قدماها أرض الدولة، وبدأت تخالط الناس، لتكتشف بنفسها حقيقة الإسلام وأهله. لم يكن في حقيبة سفر ليو نورا عندقدومها، أية خطط وبرامج لتغيير مجرى حياتها، وديانتها، وتطهير عقلها وقلبها من المعتقدات السابقة التي كانت تخبئها تجاه الإسلام واتباعه، إلى أن ساقها الله، تعالى، لتعمل في أحد المطاعم في الشارقة، وتلتقي بعد نحو ثلاثة شهور من العمل، بـ«مريم» إحدى بنات جلدتها، التي زارت ذلك المطعم، وهي تلبس حجاباً لفت انتباهها، وأثار فضولها، فراحت تسألها لماذا تلبسه، فجاءها الجواب سريعاً وبكل ثقة: « أصبحت مسلمة الآن، والحجاب الذي ألبسه هو عنوان السلام والراحة النفسية والاطمئنان والأمان». بعد هذا الموقف، الذي أثر فيها كثيراً، وجدت ليو نورا نفسها محاطة بكثير من الحماسة والشغف والاندفاع لتعرف أكثر عن الإسلام، وراحت تسأل مريم عنه كلما زارت المطعم، وكيف عرفت حقيقته وتعلمت أركانه، وكيف أسلمت وأين، وبماذا تشعر بعد اعتناقه ، واستمر هذا النقاش «العابر»مدة شهرين، حتى نجحت مريم في إقناعها بالذهاب معها إلى مركز الصحابة التابع لدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، للاستماع لبعض الدروس والمحاضرات الدينية التي ساعدتها على اتخاذ قرار الدخول في الإسلام.
ومنها: الإنابة إلى الله سبحانه وتعالى ، ومحبته بكل القلب والإقبال عليه والتنعم بعبادته ، فلا شيء أشرح لصدر العبد من ذلك. حتى إنه ليقول أحيانا: إن [ ص: 24] كنت في الجنة في مثل هذه الحالة فإني إذا في عيش طيب. وللمحبة تأثير عجيب في انشراح الصدر وطيب النفس ونعيم القلب ، لا يعرفه إلا من له حس به ، وكلما كانت المحبة أقوى وأشد كان الصدر أفسح وأشرح ، ولا يضيق إلا عند رؤية البطالين الفارغين من هذا الشأن ، فرؤيتهم قذى عينه ، ومخالطتهم حمى روحه. ومن أعظم أسباب ضيق الصدر الإعراض عن الله تعالى ، وتعلق القلب بغيره ، والغفلة عن ذكره ، ومحبة سواه ، فإن من أحب شيئا غير الله عذب به ، وسجن قلبه في محبة ذلك الغير ، فما في الأرض أشقى منه ، ولا أكسف بالا ، ولا أنكد عيشا ، ولا أتعب قلبا ، فهما محبتان ، محبة هي جنة الدنيا ، وسرور النفس ، ولذة القلب ، ونعيم الروح وغذاؤها ودواؤها ، بل حياتها وقرة عينها ، وهي محبة الله وحده بكل القلب ، وانجذاب قوى الميل والإرادة ، والمحبة كلها إليه. ومحبة هي عذاب الروح ، وغم النفس ، وسجن القلب ، وضيق الصدر ، وهي سبب الألم والنكد والعناء ، وهي محبة ما سواه سبحانه. أعظم أسباب شرح الصدر - إسلام ويب - مركز الفتوى. ومن أسباب شرح الصدر دوام ذكره على كل حال ، وفي كل موطن ، فللذكر تأثير عجيب في انشراح الصدر ونعيم القلب ، وللغفلة تأثير عجيب في ضيقه وحبسه وعذابه.
ليو نورا التي غيرت اسمها إلى نورا بعد إشهار إسلامها، لم تتمالك أعصابها، وقدرتها على حبس دموعها بعدما نطقت «أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله»، وراحت تجهش بالبكاء من شدة فرحها وسعادتها بانتمائها إلى دين محمد، صلى الله عليه وسلم، وتقول، إن أكبر هدية من الله تعالى لها، هو هدايتها للإسلام، وإخراجها من «الظلمات إلى النور». «الإسلام غير كل شيء بحياتي للأفضل» تقول نورا التي تعيش أسعد أيامها بعد تغيير ديانتها، وصارت تواظب كثيراً على حضور المحاضرات والدروس الدينية للتعرف أكثر إلى الإسلام، وتكون جاهزة للرد على استفسارات أهلها الذين عارضوا- وما زالوا- تغيير ديانتها.
وبضد هذا: فإن التفكير في هموم الماضي، والتكدّر منها، والاسترسال في ذلك غمٌ على غم، يتذكر الإنسانُ شخصًا ظلَمه، وآخر اعتدى عليه، أو مصيبةً حلّت به! ولو فكّر المؤمنُ أن هذا كله لا يزيده إلا حزنًا وهمًا، مع أنه لن يغير من القدر شيئًا؛ لأعرض عنه وتَركه، ولهذا كان من أعظم مزايا عيش أولياء الله في الدنيا والآخرة أنهم: { لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس من الآية:62] فهم لا يخافون من المستقبل، ولا يحزنون على الماضي.