(وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) مبتدأ وجملة لا يهدي خبر. * الفوائد: ما يقوله التاريخ عن النسيء: روى التاريخ أن العرب في الجاهلية كانت تعتقد حرمة الأشهر الحرم وتعظيمها وكانت عامة معايش العرب من الصيد والغارة وكان يشق عليهم الكف عن ذلك ثلاثة أشهر متوالية وربما وقعت حروب في بعض الأشهر الحرم فكانوا يكرهون تأخير حروبهم إلى الأشهر الحلال فنسئوا يعني: أخروا تحريم شهر إلى شهر آخر فنزلت. وقال المبرد في كامله: «نسأ الله في أجلك، ونسأ الله أجلك، وأنسأ الله أجلك، والنسيء من هذا ومعناه تأخير شهر عن شهر، وكانت النسأة من بني مذلج بن كنانة فأنزل الله عز وجل «إنما النسيء زيادة في الكفر» لأنهم كانوا يؤخرون الشهور فيحرمون غير الحرام ويحلون غير الحلال لما يقدرونه من حروبهم وتصرفهم فاستوت الشهور لما جاء الإسلام».
وأربعة حرم سميت حرمًا لتحريم القتال فيها، أو لتعظيم انتهاك المحارم فيها. وتسكين الراء لغة. وذكر ابن قتيبة عن بعضهم أنها الأشهر التي أجل المشركون فيها أن يسيحوا، والصحيح: أنها رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم. وأولها عند كثير من العلماء رجب، فيكون من سنتين. وقال قوم: أولها المحرم، فيكون من سنة واحدة. ذلك الدين القيم أي: القضاء المستقيم، قاله ابن عباس. وقيل: العدد الصحيح. وقيل: الشرع القويم، إذ هو دين ابراهيم. فلا تظلموا فيهن أنفسكم، الضمير في فيهن عائد على الاثنا عشر شهرًا، قاله ابن عباس: والمعنى: لا تجعلوا حلالًا حرامًا، ولا حرامًا حلالًا كفعل النسيء. ويؤيده كون الظلم منهيًا عنه في كل وقت لا يختص بالأربع الحرم. وقال قتادة والفراء: هو عائد على الأربعة الحرم، نهى عن المظالم فيها تشريفًا لها وتعظيمًا بالتخصيص بالذكر، وإن كانت المظالم منهيًا عنها في كل زمان. وقال الزمخشري: فلا تظلموا فيهن أي: في الأشهر الحرم، أي: تجعلوا حرامها حلالًا. وعن عطاء الخراساني: أحلت القتال في الأشهر الحرم براءة من الله ورسوله. وقيل: معناه لا تأثموا فيهن بيانًا لعظم حرمتهن، كما عظم أشهر الحج بقوله تعالى: {فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} وإن كان ذلك محرمًا في سائر الشهور انتهى.
الفوائد: ورد في هذه الآية قوله تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً) فإعراب كلمة اثنا عشر كالتالي: اثنا: خبر إن مرفوع بالألف لأنه ملحق بالمثنى، عشر: جزء مبني على الفتح لا محل له من الإعراب. وهنا نحن سنوضح جانبا من إعراب الأعداد المركبة من أحد عشر إلى تسعة عشر فنقول: 1- الأعداد من أحد عشر إلى تسعة عشر، مبنيّة على فتح الجزأين، في محلّ رفع أو نصب أو جر. كقولنا: جاء خمسة عشر رجلا، فأقول في إعرابها: خمسة عشر مبني على فتح الجزأين في محل رفع فاعل. وقوله تعالى: (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً) أحد عشر: مبني على الفتح الجزأين في محل نصب مفعول به. 2- أما العدد (اثنا عشر) فيعرب جزؤه الأول إعراب المثنى، بالألف رفعا، وبالياء نصبا وجرا، وجزؤه الثاني مبني على الفتح لا محل له من الإعراب. ومن أراد مزيد بيان فليراجع إلى كتب النحو. وقد بينت ذلك لأنه عرضة للغفلة والنسيان واللّه الموفق.