ولكن لم يخرج أحد من الجنود لانهم يدركون أن جالوت قوي ولا يستطيعون مبارزته. فتدخل طالوت وأعلن أنه من يبارز جالوت سوف جالوت ويقتله سوف يتزوج إبنته ويكون قائد الجيش. خرج من بين صفوف جيش طالوت سيدنا داود عليه السلام، وكان شاب ضعيف صغير السن. تعجب الجنود من ثقة سيدنا داوود، كيف يمكن له بمبارزة جالوت! من هو طالوت. ولكن داود كان متوكلًا على الله، وواثقًا في قدرته فقتل جالوت. وانتهت المعركة بانتصار جيش طالوت وهزيمة جيش جالوت وأصبح داوود قائدًا للجيش ثم ملكًا لبني إسرائيل. "(250) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْ ضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ(251)}".
وبعد هذا الحوار زال ما في قلوبهم من ريب وشك وشبهة في تولي طالوت الملك. ثم قال تعالى: { وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة:248]، ذكر لهم نبيُّهم أيضًا آيةً حسية يشاهدونها وهي إتيان التابوت - صندوق التوراة - الذي قد فقدوه زمانًا طويلًا؛ وفي ذلك التابوت سكينة تسكنُ بها قلوبُهم، وتطمئنُ لها خواطرُهم، وفيه بقية مما ترك آل موسى وآل هارون كعصا وثياب موسى وهارون وغيرها، فأتت به الملائكة حاملةً له وهم يرونه عيانًا.
(فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُوا اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (٢٤٩)). [البقرة: ٢٤٩]. (فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ) أي: خرج بالجيش وانفصل عن بيت المقدس وجاوزه. (قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ) أي: مختبركم بنهر. خبر نبي الله شمويل - إسلام ويب - مركز الفتوى. • قال ابن الجوزي: ووجه الحكمة في ابتلائهم به أن يعلم طالوت من له نية في القتال منهم ومن ليس له نية. • وقال الرازي: في حكمة هذا الابتلاء وجهان: الأول: قال القاضي: كان مشهوراً من بني إسرائيل أنهم يخالفون الأنبياء والملوك مع ظهور الآيات الباهرة فأراد الله تعالى إظهار علامة قبل لقاء العدو يتميز بها من يصبر على الحرب ممن لا يصبر، لأن الرجوع قبل لقاء العدو لا يؤثر كتأثيره حال لقاء العدو، فلما كان هذا هو الصلاح قبل مقاتلة العدو لا جرم قال (فَإِنَّ الله مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ).
طالوت هو أحد ملوك بني إسرائيل، قاتل جالوت وقتله نبي الله داوود عليه و على جميع الانبياء السلام ظل بنو إسرائيل بعد مجيئهم إلى فلسطين بعد موسى عليه السلام من غير ملك 356سنة، وتعرضوا في تلك الفترة لغزوات الأمم القريبة منهم كالعماليق من العرب، وأهل مَدْيَن وفلسطين والآراميين وغيرهم، فمرة يَغْلبون وتارة يُغْلبون. وفي أواسط المائة الرابعة أيام "عالي الكاهن" تحارب العبرانيون مع الفلسطينيين سكان أُشدود قرب غزة، فغلبهم الفلسطينيون، وأخذوا تابوت العهد منهم، وهو التابوت (الصندوق) الذي فيه التوراة أي الشريعة، فعزَّ عليهم ذلك، لأنهم كانوا يستنصرون به. وكان من قضاة بني إسرائيل نبي اسمه صمويل، جاء إليه جماعة من أشرافهم وشيوخهم في بلدة الرامة، وطلبوا منه تعيين ملك عليهم، يقودهم إلى قتال أعدائهم الذين أذلوهم وقهروهم زمناً طويلاً، فلم يقتنع بمطلبهم لما يعلمه من تخاذل نفوسهم، إن فرض عليهم القتال، فأجابوه بأن دواعي القتال موجودة: وهي إخراج الأعداء لهم من أوطانهم وأسرهم أبناءهم. فجعل عليهم طالوت ملكاً، واسمه في سفر صمويل: شاول بن قيس، من سبط بنيامين، وكان شاباً جميلاً عالماً وأطول بني إسرائيل، فرضي به جماعة، ورفضه آخرون،لأنه ليس من سلالة الملوك، وهو راع فقير.