جاء في سورة البقرة في سياق الحديث عن إبراهيم عليه السلام، وقصة بنائه للبيت الحرام، قوله تعالى: { وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين} (البقرة:124). وقد أورد بعض الناس إشكالاً نحويًا في الآية، وذلك أن قوله تعالى: { لا ينال عهدي الظالمين} جاء فيه الفاعل { الظالمين} منصوباً، وكان المتبادر أن يقال: (لا ينال عهدي الظالمون)! فما هو توجيه الآية الكريمة؟ هذه الآية قرأها معظم القراء بنصب { الظالمين} بالياء؛ لأنه جمع مذكر سالم، وجمع المذكر السالم ينصب بالياء. شبهات وردود | شبهة لغوية ﴿ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾. وقرأ بعض القراء في قراءة غير متواترة بالرفع (الظالمون) بالواو؛ لأنه جمع مذكر سالم، وجمع المذكر السالم يرفع بالواو، ويكون { عهدي} على هذه القراءة مفعول به مقدم على الفاعل اهتمامًا به. والآية على القراءة الثانية لا إشكال فيها. وهي كذلك على القراءة الأولى؛ فقوله تعالى: { لا ينال عهدي الظالمين} جملة مؤلفة من فعل وفاعل ومفعول به؛ أما الفعل فقوله تعالى: { ينال}، والفعل (نال) كما يقول النحويون، يتعدى لمفعول واحد لا غير، وهو في الآية { الظالمين}، فتعين أن يكون الفاعل هو (العهد) في قوله سبحانه: { عهدي}، وهذا الفاعل مرفوع بضمة مقدرة على ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة لياء المتكلم؛ أما قوله سبحانه: { الظالمين} فهو مفعول به منصوب بالياء؛ لأنه جمع مذكر سالم.
[1] شاهد أيضًا: من هو النبي الذي لقب بأبي الانبياء لماذا ورد اسم سيدنا ابراهيم عليه السلام في سورة البقرة ابراهم بدل ابراهيم؟ يعتبر رسم الخط لهذه الكلمة مختلف وكذلك غير متحد في كافة الآيات التي وردت فيها هذه الكلمة ولكن بالرغم من ذلك فهي عبارة عن كلمة واحدة وكذلك تعبر عن منطوق واحد، ويراد منها معنى واحد ومعناها خليل الله ابراهيم عليه السلام وهو نبي من أنبياء الله ( عليهم السلام). حيث تم رسم اسم ابراهيم في سورة البقرة " ابراهم " و رُسم على الراء حرف ألف صغير كذلك رسمت ياء صغيرة في الأعلى وذلك ما بين حرفي الهاء و الميم كحركة من الحركات بدلاً من توضيحهما كحرفين كاملين ضمن حروف الكلمة. لكن الصحيح في كتابة هذه الكلمة وحسب قواعد الإملاء في الوقت الحالي أن يتم كتابتها " إبراهيم " حيث أن الخط تم وضعه حتى يعبر عن المعنى ولكن بنفس اللفظ المنطوق، فيجب أن تكون الكتابة معبرة عن اللفظ المنطوق بشكل تام كما ينطق به من غير زيادة أو نقص. لكن يجب معرفة أن الأمر بالنسبة لكلمة "إبراهيم" ليس أمر مهم للغاية وذلك حيث أنها من الوضوح بمكان و لا تسبب اشتباها أو إلتباسًا وذلك لأن القارئ يعرف التلفظ الصحيح للكلمة حتى في حال أنه تم كتابتها بأكثر من صورة أو شكل.
سماحة الشيخ محمّد صنقور لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ بسم الله الرحمن الرحيم اللهمَّ صلِّ على محمَّدٍ وآل محمَّد قوله تعالى: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ (1). استدلَّ الإماميَّة بهذه الآية المباركة على عدم أهليَّة الخلفاء الثلاثة للإمامة، وذلك يتَّضح عبر مجموعة من المقدِّمات: المقدِّمة الأولى: أنَّ الآية الشريفة تحكي عن أنَّ الله عزَّ وجل لمَّا أن أهَّل إبراهيم الخليل (ع) للإمامة وجعلها له، سأل إبراهيمُ (ع) ربَّه أنَّ الإمامة هل تكون لذريته؟ وهذا السؤال إمَّا أنْ يكون استفهاماً أو يكون طلبًا، وعلى أيَّ تقدير كان الجواب أنَّ الله تعالى لا يجعل العهد والإمامة للظالمين. وهذا معناه أنَّ كل من تقمَّص الإمامة الظاهريَّة وهو ظالم فإمامته ليست شرعيَّة. المقدِّمة الثانية: إنَّ الخلفاء الثلاثة كانوا قبل الإسلام من المشركين، حيث كانوا - كما كانت قريش- يعبدون الأصنام، وهذا المقدار ليس مورداً للخلاف بين المسلمين سنةً وشيعة. فهم مجمِعون على ذلك، فقد كانوا حين بُعث النبيُّ الكريم (ص) رجالاً بل كهولاً، وقد كانوا يسجدون للأصنام من دون الله عزَّ وجل إلى أنْ أسلموا.