بل وأن هناك بعض الشعراء الذين تحدثوا عنه في بعض أشعرهم وقاموا بمدحه بشكل جميل. وليس من خلال بيت شعري واحداً بل كان يكثر عليه الثناء والمدح في أكثر من بيت شعري. ومن بين هؤلاء الشعراء هم المبرد، أبو الفرج، والجاحظ فقالوا عنه أنه لم يثني بشعره. ليصل من الغزل إلى المدح أو الهجاء وهذا النوع من الشعر لم يصل إليه أحد سوى أبن العباس. فقال عنه الجاحظ أنه كان يقدم غزل عفيف لم يتجاوز إلى الفسق. المقصود هنا من قول الجاحظ بعض من الشعراء الذي كان يوصف شعرهم بالجرأة. التي كانت تصل على الفسق حتى أن المستمع إليها قد يخجل عندما يسمعها. وهذا النوع هو ما كان يصف المرأة وصفاً تفصيلياً من محاسنها كالشعر والقدم والشفاه. وما غير ذلك آخر وقد وجه النقد على هذا النوع من الشعر. طبيعة شعر العباس بن الأحنف لقد قال الجاحظ عن العباس أبن الأحنف أنه كان عندما يتحدث لا يمل سامعه من الكلام، حتى أنه كان من داخله ينتابه الشعور بأنه لا يريد ان يصمت. بل يظل يتحدث ليستمتع المستمع إلى حديثه الذي قال عنه أنه كان كلاماً حسناً جميلاً أشبه ببيوت الشعر الذي يريد ان يسمعها المرء أكثر من مرة. فكان شعر أبن الأحنف لا يصل إلى الهجاء أو الذم كما قد يحدث في بعض القصائد.
معلومات عن العباس بن الأحنف العباس بن الأحنف العصر العباسي poet-al-abas-ibn-al-ahnaf@ العباس بن الأحنف بن الأسود الحنفي اليمامي، أبو الفضل. شاعر غزل رقيق، قال فيه البحتري: أغزل الناس. أصله من اليمامة (في نجد) وكان أهله في البصرة، وبها مات أبوه. ونشأ هو ببغداد، وتوفي بها، وقيل بالبصرة. خالف الشعراء في طريقتهم فلم يمدح ولم يهج، بل كان شعره كله غزلاً وتشبيباً. له (ديوان شعر - ط) وهو خال إبراهيم بن العباس الصولي.
يقول ابن تغري بردي عن العباس: إنه" حامل لواء الشعر في عصره، وكان معظم شعره في الغزل والمديح، وله أخبار مع الخلفاء، وكان حُلو المحاضرة مقبولاً عند الخاص والعام، وهو شاعر الرشيد". وقال فيه البحتري: "أغزل الناس". المبرد.. النحوي الكبير تناول العباس في كتاباته وقال الْمُبرِّد: "كان العباس من الظرفاء، ولم يكن من الخلعاء، وكان غزلاً ولم يكن فاسقاً، وكان ظاهر النعمة ملوكي المذهب، شديد الترف، وذلك بيِّنٌ في شعره، وكان قَصَدَ الغزل وشَغَلَه النسيب، وكان حلواً مقبولاً غزلاً، غزير الفكر، واسع الكلام، كثير التصرف في الغزل وحده، ولم يكن هجَّاءً ولا مدَّاحاً". قال عنه ابن رشيق: إنه " ممن أنِفَ عن المدح تظرُفاً، وقال فيه مصعب الزبيري: العباس عُمر العراق، يريد أنَّهُ لأهل العراق، كعُمر بن أبي ربيعة لأهل الحجاز، استرسالاً في الكلام، وأنفةً عن المدح والهجاء، واُشتُهِر بذلك، فلم يكُن يكلِّفه إيَّاه أحد من الملوك ولا الوزراء، وقد أخذ صلة الرشيد وغيره على حُسن التعزُّل ولطف المقاصد في التشبيب بالنساء". يروي الحصري عن أبي نواس قوله في وصف شعر العباس بأنَّهُ "أرقُّ من الوهم وأحسن من الفهم". لو كُنْتُ عــاتبــةً لسكَّــن عَبْـرتــي.. أملــي رضاكَ فزُرت غير مراقبِ لكــن مَلَلْتِ فلَــم تَكُــنْ لـي حيلــةٌ.. صَدُّ الملول خلافُ صدِّ العاتِبِ!
وحملت على ما ترون من الظّهر! ثم قال الوزير: من تمام اليد عندك أن لا تخرج من الدار حتى يؤهل لك هذا المال ضياعا. فاشتريت لي ضياع بعشرين ألف درهم، ودفع إليّ بقية المال. فهذا الخبر الذي عاقني عنكم، فهلموا حتى أقاسمكم الضيّاع، وأفرق فيكم المال قلنا له: هنأك اللَّه، فكل منا يرجع إلى نعمة من أبيه. فأقسم وأقسمنا فقال: [فتكونون] أسوتي فيه. فقلنا: أما هذه فنعم. قال: فامضوا بنا إلى الجارية حتى نشتريها. فمشينا إلى صاحبها، وكانت جارية جميلة حلوة، لا تحسن شيئا، أكثر ما فيها ظرف اللسان وتأدية الرسائل، وكانت تساوي على وجهها خمسين ومائة دينار؛ فلما رأى مولاها ميل المشتري استام بها خمسمائة، فأجبناه بالعجب فحط مائة، ثم قال العباس: يا فتيان، إني واللَّه أحتشم أن أقول بعد ما قلتم، ولكنها حاجة في نفسي، بها يتم سروري، فإن ساعدتم فعلت. قلنا له: قل قال هذه الجارية أنا أعاينها منذ دهر، وأريد إيثار نفسي بها؛ فأكره أن تنظر إليّ بعين من قد ماكس في ثمنها! دعوني أعطيه بها خمسمائة دينار كما سأل! قلنا له: وإنه قد حط مائتين. قال: وإن فعل. قال: فصادفت من مولاها رجلا حرّا، فأخذ ثلاثمائة وجهزها بالمائتين! فما زال إلينا محسنا حتى فرق الموت بيننا.