وعن ورعه روى الشيباني عن قيس بن محمد بن الأشعث: أن الأشعث كان عاملا لعثمان على أذربيجان، فحلف مرة على شيء، فكفر عن يمينه بخمسة عشر ألفا. كما روى الشعبي أن الأشعث كان حلف على يمين ثم قال: قبحك الله من مال! أما والله ما حلفت إلا على حق، لكنه رد على صاحبه، وكان ثلاثين ألفا. (سير أعلام النبلاء 2: 41). الاشعث بن قيس الكندي. وعن مكانته العلمية وتبحره: أورد الذهبي عن منصور، والأعمش: عن أبي وائل: قال لنا الأشعث: فيّ نزلت: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً} (77) سورة آل عمران خاصمت رجلا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - فقال: ألك بينة؟ قلت: لا. قال: فيحلف؟ قلت: إذاً يحلف. فقال النبي - صلى الله عليه وسلَّم -: «من حلف على يمين فاجرة ليقتطع بها مالا، لقي الله وهو عليه غضبان» (سير أعلام النبلاء 2: 38). وقد توسع في هذا المفسرون والمحدثون: كالبخاري ومسلم وأحمد والطبراني في الكبير. وقد جاء ابن الأثير بهذا الخبر مجملاً ومقروناً بأمر آخر ينبئ عن ورعه رضي الله عنه أن يتقدم بالصلاة وفيه من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - ، من يرى له فضلاً ومكانة في العلم، والصحبة وهذه مكانة فقهية كبيرة لصحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - ، وعرفان لأهل الفضل بفضلهم، وإنزال لأهل المكانة بما هم أهله، وكلهم رضي الله عنهم يدركون هذه المكانة ويتواضعون في أنفسهم، ويتأسون برسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - في أدبه الرفيع، بنفسه عملاً، ولأمته توجيهاً، فكان عملهم هذا خير منهج تتأسى به الأجيال من بعدهم، لأنهم خير تلاميذ لخير معلم.