السؤال: لماذا قال - تعالى: ادخلوا هذه القرية فكلوا (البقرة 58) بالعطف بالفاء (فلكوا)؟ ولماذا قال في الأعراف (161): اسكنوا هذه القرية وكلوا بالعطف بالواو؟ الجواب: في عطف الأكل بالفاء (فلكوا) إشارة إلى أن الأكل يكون عقب دخول بني إسرائيل القرية مباشرة، فبمجرد دخولهم يأكلون. أما عطف الأكل بالواو في الأعراف (وكلوا) ففيه دلالة على أن الأكل لا يكون إلا بعد السكن وليس بعد الدخول، كما أنه ليس محدداً بزمن ولا بوقت. فالأكل في البقرة مُعَدٌّ ومهيأ قبل السكن والاستقرار، أما الأكل في الأعراف فلا يتأتى لهم إلا بعد السكن والاستقرار، ولذا فمقام التكريم في البقرة أفضل. تفسير: وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم. السؤال: لماذا أثبت لفظ (رغداً) في البقرة، ولم يثبته في الأعراف وقال في الأعراف: وكلوا منها حيث شئتم (161)؟ الجواب: قال - سبحانه رغداً في البقرة لأنه مناسب لمقام التكريم وتعداد النعم، ولأن النعم تكون بهذا اللفظ أتم، ففي (رغداً) ترخيص لهم بالأكل الواسع الكثير وليس القناعة لسد الجوع. ولم يقل (رغداً) في الأعراف، لأن المقام مقام زجر وتوبيخ وأنهم لا يستحقون إلا ما يسد جوعهم من الأكل. ثم انظر إلى تناظر قصة موسى - عليه السلام - مع قصة آدم - عليه السلام - فقد قال - سبحانه - في قصة آدم في سورة البقرة: وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما (35) فذكر الرغد في الآية نظير ما ذكر في قصة موسى - عليه السلام - في البقرة، لأن الجو فيها جو تكريم لآدم وتكريم لذريته من بني إسرائيل، ولم يذكر سبحانه ذلك في قصة آدم في الأعراف فلم يثبت (رغداً) - مثلما لم يذكرها في قصة موسى - فقال سبحانه: ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما (19) والعلة في ذلك أن السياق في الأعراف سياق عقوبات وتأنيب.
تفسير: وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم
ولَيْسَ المَعْنى عَلَيْهِ وأنَّهُ إنَّما قُدِّرَ في الكَشّافِ الفِعْلُ المَحْذُوفُ مُقْتَرِنًا بِالفاءِ لِأنَّ الفاءَ في عَطْفِ الجُمَلِ تُفِيدُ مَعَ التَّرْتِيبِ والتَّعْقِيبِ مَعْنى السَّبَبِيَّةِ غالِبًا، فَتَكُونُ الجُمْلَةُ المَعْطُوفَةُ مُتَسَبِّبَةً عَنِ الجُمْلَةِ المَعْطُوفِ عَلَيْها؛ فَشَبَّهَ وُقُوعَ ظُلْمِهِمْ حِينَ كَفَرُوا النِّعْمَةَ عَقِبَ الإحْسانِ بِتَرَتُّبِ المُسَبَّبِ عَلى السَّبَبِ في الحُصُولِ بِلا رَيْثٍ وبِدُونِ مُراقَبَةِ ذَلِكَ الإحْسانِ حَتّى كَأنَّهم يَأْتُونَ بِالظُّلْمِ جَزاءً لِلنِّعْمَةِ. وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون. ورَمَزَ إلى لَفْظِ المُشَبَّهِ بِهِ بِرَدِيفِهِ وهو فاءُ السَّبَبِيَّةِ وقَرِينَةُ ذَلِكَ ما يَعْلَمُهُ السّامِعُ مِن أنَّ الظُّلْمَ لا يَصْلُحُ لِأنْ يَكُونَ مُسَبَّبًا عَنِ الإنْعامِ عَلى حَدِّ قَوْلِكَ (أحْسَنْتُ إلى فُلانٍ فَأساءَ إلَيَّ). وقَوْلُهُ تَعالى ﴿وتَجْعَلُونَ رِزْقَكم أنَّكم تُكَذِّبُونَ﴾ [الواقعة: ٨٢] أيْ تَجْعَلُونَ شُكْرَ رِزْقِكم أنَّكم تُكَذِّبُونَ فالفاءُ مَجازٌ لِغَيْرِ التَّرَتُّبِ عَلى أُسْلُوبِ قَوْلِكَ: أنْعَمْتُ عَلَيْهِ فَكَفَرَ. ولَكَ أنْ تَقُولَ إنَّ أصْلَ مَعْنى الفاءِ العاطِفَةِ التَّرْتِيبُ والتَّعْقِيبُ لا غَيْرَ وهو المَعْنى المُلازِمُ لَها في جَمِيعِ مَواقِعِ اسْتِعْمالِها فَإنَّ الِاطِّرادَ مِن عَلاماتِ الحَقِيقَةِ.
07-26-2009, 04:19 PM
رقم المشاركة: 1
(( وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ))
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجل فرجهم يا كريم
أسعد الله أيامكم بميلاد ريحانة المصطفى (صلى الله عليه و آله) الحسين بن علي عليهما السلام
( وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) البقرة: 57. روى الحافظ الحنفي سليمان القندوزي بسنده عن أبي جعفر الباقر (رضي الله عنه) في تفسير هذه الآية: ( وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ). قال: فالله جل شأنه، وعظم سلطانه، ودام كبرياؤه، أعز وأرفع وأقدس من أن يعرض له ظلم، ولكن أدخل ذاته الأقدس فينا أهل البيت، فجعل ظلمنا ظلمه فقال: ( وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ). ـ ينابيع المودة: ص358.