ما قصة تسمع بالمعيدي خير من ان تراه
وينفى السياسي حين تميل كفة الانتخاب لصالحه وتهتف له الجماهير بأصواتها المتعطشة للحرية والدولة المدنية ومبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان. بماذا رد المعيدي على الخليفة عندما قال له تسمع بالمعيدي خيرا من أن تراه - إسألنا. أيها الشاب العربي المصدوم بالواقع وحجم التحديات، تفائل خيرا فالبلدان العربية اليوم تعيش نشازا في مجال الحريات، ومعركة الحق والباطل محسومة سلفا- وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا- طال الوقت أم قصر، ودم جراحك المهراق في الميادين نلت به ما ناله عثمان رضي الله عنه بعطيته لجيش العسرة في غزوة تبوك. والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتيهم الله من فضله، وعزة المؤمن تفرض عليه أن يعيش كريما مرفوع الرأس، وإلا ففي الأرض منأى للكريم عن الأذى. فلله در الشعوب العربية ما أقدرها على مقارعة المستبدين، وما أشجعها يوم تتكالب الأمور، وما أجمل الحياة بالبلدان العربية والإسلامية حين يحكم الشعب نفسه بنفسه، ويحتكم على صناديق الاقتراع في شؤونه.
فماذا عمن لا خبر و لا مظهر لهم؟ استفاقوا يوما وبالصدفة وجدوا أنفسهم سياسيين، كيف تمارس هذه السياسة ومن أين تؤتى؟ لا يهم، انقضوا على تجربة اللعب بها ولم يزيلوا الرمص عن أعينهم بعد. فما كان إلا أن أفقروا البلاد ودمروا نفسية العباد، تدنٍ في تدنٍ على جميع مستويات من المعيشة، التنمية، القطاعات الحيوية إلى تذيل قوائم المؤشرات والتصنيفات العالمية مقابل ارتفاع المديونية الخارجية، الأسعار والاقتطاعات وضغط دم المواطن، انتظر الناس نصرهم فجاؤوهم بالخذلان، لا منجزات ولا عدالة و لا حتى طردوا العفاريت، استقووا فقط على الضعفاء الذين يدفعون اليوم ثمن تعاطفهم، تعاطف بات مؤكدا أنه من النوع المرضي الذي ينقلب سلبا على أصحابه. حصنوا فقط أنفسهم وأرصدتهم وامتصوا دماء الناس، منابع تعويضاتهم متعددة ودائمة التدفق، لكن حينما يتعلق الأمر بالمواطن تتقطع وتجف، امتيازاتهم خط أحمر يستميتون في الدفاع عنها بكل صفاقة وأجرة الموظف كثوب مهترئ تنسل خيوطه من أطرافه يوما بعد يوم. أن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه – e3arabi – إي عربي. يحتاج مجتمعنا إلى قيم الدين الحقيقية، لا إلى مظاهر تدين مضعضعة تذروها رياح الأهواء وعقلية الغنيمة، أين الورع والعدل وحرمة المال العام الذي يؤكل اليوم جهارا؟ قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إني أنزلت نفسي من مال الله منزلة مال اليتيم، إن استغنيت منها استعففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف"، لم نعاين سوى المزاعم والوهي في أحاديثهم عن الاقتداء بالسلف، ولا مبادرة عملية في الاحتذاء بمن كانوا يأخذون أجورهم من بيت مال المسلمين بالمعروف؛ راتب ما يفتأ يسد حاجياتهم كغيرهم من العامة.
فلا سبيل لتعليل رفع (خير) إلا بكونها خبرًا، ولا تفسير لكونها خبرًا إلا بافتراض وجود مصدرٍ مؤوَّلٍ نعدُّه – غصبًا – هو المبتدأ!! ولا يوجد أيُّ حلٍّ آخر. ملاحظة: يمكن تفسير جملة (إنَّ بعد الصَّبر يأتي الفرج) أيضًا بظاهرة (المصدر المسبوك بغير سابكٍ)؛ فـ (نفترض) وجود مصدرٍ مؤوَّلٍ من الفعل وحده هنا!! تسمع بالمعيديِّ خيرٌ من أن تراه. إذا كانت (خير ) خبرًا، فأين المبتدأ؟!! - موقع نحو دوت كوم. ليكون التَّقدير: إنَّ بعد الصَّبر إتيان الفرج. وهكذا تُحَلُّ إشكاليَّة دخول (إنَّ) على الجملة الفعليَّة بحلَّين: الأوَّل: ما ذكرناه في مقالنا السَّابق من وجود ضمير شأنٍ محذوف، بتقدير: إنَّه بعد الصَّبر يأتي الفرج. والثَّاني: ما ذكرناه اليوم بخصوص (المصدر المسبوك بغير سابكٍ).