وهذا يدل على أنه لا حل إلا بعد التقصير. وعلى هذا ، فإذا فرغ من السعي ولم يجد حلاقًا أو أحدًا يقصر رأسه ، فليبق على إحرامه حتى يحلق أو يقصر ، ولا يحل له أن يتحلل قبل ذلك ، فلو قُدِّر أن شخصًا فعل هذا جاهلا بأن تحلل قبل أن يحلق أو يقصر ، ظنًا منه أن ذلك جائز ، فإنه لا حرج عليه لجهله ، ولكن يجب عليه حين يعلم أن يخلع ثيابه ويلبس ثياب الإحرام ؛ لأنه لا يجوز التمادي في التحلل من الإحرام مع علمه بأنه لم يحل ، ثم إذا حلق أو قصر تحلل.
المقدم: جزاكم الله خيراً. فتاوى ذات صلة
ففي مجموع فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين: إن قال قائل: ماذا تقولون في رجل دخل في العمرة في أيام رمضان -مثلا- ثم وجد الزحام شديدا، ثم تحلل ورجع إلى أهله متحللا؟ نقول له: إن هذا التحلل لا تنحل به العمرة، وإن عليه -ولو كان قد سافر إلى بلده- عليه أن يخلع ثيابه -ثياب الحل- ويلبس ثياب الإحرام، ويذهب ويكمل عمرته على الإحرام الأول، لا بإحرام جديد؛ وذلك لأنه لم يتحلل من عمرته، وكونه نوى التحلل لا يؤثر؛ لأن الحج والعمرة لا ينقطعان بقطعهما، ودليل ذلك ما أشرنا إليه من قوله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ. انتهى. وقال في المغني: لا خلاف في وجوب الفدية على المحرم إذا تطيب أو لبس عامدا لأنه ترفه بمحظور في إحرامه فلزمته الفدية كما لو ترفه بحلق شعره أو قلم ظفره، والواجب عليه أن يفديه بدم، ويستوي في ذلك قليل الطيب وكثيره وقليل اللبس وكثيره وبذلك قال الشافعي. معنى : التحلل من العمرة. إلى أن قال: المشهور في المذهب أن المتطيب أو اللابس ناسيا أو جاهلا لا فدية عليه، وهو مذهب عطاء و الثوري و إسحاق و ابن المنذر... وعنه. (يعني الإمام أحمد) رواية أخرى أن عليه الفدية في كل حال وهو مذهب مالك و الليث و الثوري وأبي حنيفة لأنه هتك حرمة الإحرام فاستوى عمده وسهوه كحلق الشعر وتقليم الأظفار.
المبحث الثالث: ما يترتَّبُ على التحلُّلِ الأوَّلِ مَن تحلَّلَ التحلُّلَ الأوَّلَ حَلَّ له كلُّ شيءٍ حَرُمَ عليه، إلَّا النِّساءَ, وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (4/38)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/142)., والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (8/225)، ويُنظر: ((الأم)) للشافعي (2/242), ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/471)., والحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (4/30)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/458)., وبه قالَتْ طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ ((الإشراف)) لابن المنذر (3/359). الأدلَّة مِنَ السُّنَّة 1- حديثُ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((طَيَّبْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيدَيَّ هاتينِ حِينَ أحرمَ، ولِحِلِّه حين أحَلَّ، قبل أن يطوفَ، وبَسَطَتْ يَدَيها)) رواه البخاري (1754) واللفظ له، ومسلم (1189). وَجهُ الدَّلالةِ: أنَّ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أخبَرَت أنَّها طَيَّبَتِ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عندما أحلَّ قبل أن يطوفَ؛ وفي هذا دلالةٌ واضحةٌ ونَصٌّ صريحٌ في إباحةِ الطِّيبِ بالتحلُّلِ الأوَّلِ ((مجلة البحوث الإسلامية)) (50/284).
((المغني)) (3/390). ، واختارَه ابنُ قُدامة قال ابن قُدامة: (وعن أحمد: إذا رمى الجمرةَ فقد حَلَّ، وإذا وَطِئَ بعد جمرةِ العَقبةِ، فعليه دمٌ. ولم يذكُرِ الحَلْقَ. وهذا يدلُّ على أنَّ الحِلَّ بدون الحَلْقِ. وهذا قول عطاء، ومالك، وأبي ثور. وهو الصحيحُ، إن شاء الله تعالى). ((المغني)) (3/390)., والألبانيُّ قال الألباني: (إنَّ المُحْرِمَ إذا رمى جمرةَ العقبة حلَّ له كلُّ شيءٍ إلَّا النساءَ، ولو لم يحلِقْ) ((حجَّة النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)) (1/78). الأدلَّة مِنَ السُّنَّة 1- حديثُ أمِّ سَلَمةَ رَضِيَ اللهُ عنها، وفيه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ هذا يومٌ رُخِّصَ لكم إذا أنتم رَمَيْتُم الجمرةَ أن تَحِلُّوا- يعني مِن كلِّ ما حُرِمْتُم منه- إلَّا النِّساءَ)) رواه أبو داود (1999)، وأحمد (26573). صحح إسناده النووي في ((المجموع)) (8/234)، وقال ابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/264): في إسنادِه ابنُ إسحاق، ولكن صرَّحَ بالتحديث، وقال ابن القَيِّم في ((تهذيب السنن)) (5/480): محفوظ، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (1999): حسن صحيح. 2- حديثُ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((طَيَّبْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيَدَيَّ بذريرةٍ الذَّريرةُ: هي نوعٌ من الطِّيبِ مُرَكَّبٌ.
، والشربينيُّ قال الشربيني: ( "وإذا فعل الثالث" بعد الاثنينِ [الحَلْق أو التقصير، أو الرمي أو الطواف] "حصل التحلُّل الثاني وحلَّ به باقي المُحَرَّمات" بالإجماع) ((مغني المحتاج)) (1/ 505). انظر أيضا: الفصل الأوَّل: رَمْيُ الجِمارِ. الفصل الثَّاني: ذَبحُ الهَدْيِ والأُضْحِيةِ. الفصل الثَّالث: الحَلقُ والتَّقصيرُ. الفصل الرابع: طوافُ الإفاضةِ.