[٢] مكانة التوبة وأهميتها إنّ للتوبة في الإسلام مكانةً عظيمةً، ومنزلةً رفيعةً، فالدين كُلّه داخلٌ فيها، حيث يدخل في مسمّاها كُلٌّ من الإسلام ، والإيمان، والإحسان، وهي الغاية الحقيقية التي أوجد الله -تعالى- الكون من أجلها، ولذلك فهو يحبّ التوّابين، ويحبّ المتطهّرين، وإنّما استحقّ التائبون محبّة الله -تعالى- لهم؛ لأنّه يحبّ من التزم أوامره واجتنب نواهيه، والتوبة في حقيقتها هي الرجوع عن كُلّ ما يكرهه الله -سبحانه- إلى كُلّ ما يحبّه ويرضاه، ولذا فهي غاية كُلّ مؤمنٍ. [٣] مُعيناتٌ على التوبة حتى يتمكّن المسلم من التوبة إلى الله -تعالى-، والاستمرار على ذلك؛ فلا بدّ له من بعض المعينات، وفيما يأتي بيان جانبٍ منها: [٤] ملء القلب بحبّ الله -عزّ وجلّ-، فكُلّما امتلأ قلب المسلم بمحبّة الله كان ترك الشهوات عليه أسهل، والإقبال على الطاعات عنده أيسر. ترك صُحبة السوء، والبحث عن صُحبةٍ صالحةٍ تُعين على الخير وتدفع إليه. ماهي كفارة العلاقات المحرمة قبل الزواج وكيفية التوبة من الزنا؟ وقتان لا تقبل فيهما التوبة! | اليوم التاسع. الزهد في الدنيا وتذكّر الآخرة، فالمسلم إذا تذكّر قِصر الحياة وزوالها علم أنّها فرصةٌ لجمع الحسنات، وفعل الطاعات. الابتعاد عن أسباب المعصية، ودوافعها، وشهواتها. تجنّب الوحدة والفراغ، فالمسلم إن لم يشغل نفسه بما ينفعه شغلته بما يضرّه.
الشرط الثاني: إقلاعه منها وتركها لها؛ خوفًا من الله وتعظيمًا لله. الشرط الثالث: العزم الصادق ألَّا يعود فيها، فأما أن يقول ندمت وهو يفعلها، فليس بتائب، لا بد من الندم على الماضي والترك لها، كونه يقلع منها ويتركها، فإن كانت عقوقًا ترك العقوق، وإن كانت قطيعة رحم ترك قطيعة الرحم، وإن كان معاملة ربوية ترك المعاملة الربوية، وهكذا. فهذه الشروط الثلاثة لا بد منها إذا تمت وتوافرت، صحت التوبة، ومحى الله عنه الذنب، إلا إذا كان الذنب يتعلق بمخلوقين، فلا بد من شرط رابع، أن يتحللهم أو يعطيهم حقوقهم [1]. التوبة تجب ما قبلها - موضوع. وصلوا رحمكم الله على البشير النذير. [1] مستفادة من خطب أخرى.
ونصح مَنْ يقع في الذنوب بأن باب التوبة مفتوح بشروط وهي: أولًا أن يتوب إلى الله تعالى، وثانيًا: الندم الشديد على ما فعل، وثالثًا: العزم الصادق على ألَّا يرجع إلى المعصية. شروط قبول التوبة الإخلاص لله تعالى: يجب أن تكون النيّة لله -تعالى- وحده حُباً فيه وطمعاً في نيل رضاه وثوابه، وعدم اتّخاذ مُعين، أو ناصر غير الله -سبحانه وتعالى-، ولا تكون الغاية من التوبة إلّا التقرب من الله -تعالى- وطاعته، وليس لغاية دنيويّة، قال -تعالى-: «إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّـهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّـهِ فَأُولَـئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ». حكم من كان يصلي على جنابة جهلاً منه. الإقلاع عن الذنب: يترك العبد الذنب الذي ارتكبه ويبتعد عن كل أمر يُقرّبه منه، وذلك ليتخلّص العبد من الذنب كُلّياً. الندم على ارتكاب الذنب: يستشعر العبد عظمة الله -تعالى- حال ارتكابه ذنباً معيّناً، كما هي الحال في كل وقت وحين؛ فيندم على ما تقدّم منه من تقصير واعتداءٍ على حقوق الله -سبحانه وتعالى-، راجياً من الله -تعالى- رحمته ومغفرته. إدراك الوقت المخصوص لقبول التوبة: يجب أن تكون التوبة قبل طلوع الشمس من المغرب؛ أي قبل قيام الساعة؛ فما دام العبد في حياته الدنيا؛ فالتوبة متاحة له في أي وقت، كما قال النبي -عليه السلام-: «إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ باللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مَغْرِبِهَا».
ولك أن تَضع ما شئت من صورٍ كثيرةٍ نراها ونعايشها والتي تعطيك بما لا يقبل الشك أن التوبة لها ثمن يُدفع من أجل الحصول على المكانة السابقة أو أفضل منها. وليس الأمر مقتصرًا على الأفراد، بل حتى على المجتمعات -وربما على المجتمعات أشد-، فلا يكفي أن يعلن المجتمع توبته ليُحقق له المُراد، بل لابد من دفع الثمن، وإليك ذلك المشهد الرهيب: قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 54].
18- قال الإمام علي ( عليه السلام): التنزه عن المعاصي عبادة التوابين. غرر الحكم: 1758. الحث على التوبة جميعا 19- قال الإمام الصادق ( عليه السلام): التوبة حبل الله ومدد عنايته ، ولابد للعبد من مداومة التوبة على كل حال ، وكل فرقة من العباد لهم توبة ، فتوبة الأنبياء من اضطراب السر ، وتوبة الأصفياء من التنفس ، وتوبة الأولياء من تلوين الخطرات ، وتوبة الخاص من الاشتغال بغير الله ، وتوبة العام من الذنوب. البحار: 6 / 31 / 38. قبول التوبة 20- قال الإمام علي ( عليه السلام): من أعطي التوبة لم يحرم القبول ، ومن أعطي الاستغفار لم يحرم المغفرة. البحار: 69 / 410 / 124. 21- قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله): إن الله غافر إلا من شرد على الله شراد البعير على أهله. كنز العمال: 43717. متى تقبل التوبة ؟ 22- قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله): من تاب قبل أن يعاين ، قبل الله توبته. الكافي: 2 / 440 / 2. 23- قال الإمام الباقر ( عليه السلام): إذا بلغت النفس هذه – وأهوى بيده إلى حلقه – لم يكن للعالم توبة ، وكانت للجاهل توبة. الكافي: 2 / 440 / 3. 24- قال الإمام الصادق ( عليه السلام): إذا بلغت النفس هاهنا – وأشار بيده إلى حلقه – لم يكن للعالم توبة ، ثم قرأ * ( إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة) *.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واحذروا معصية الله؛ فإن المعاصي هي سبب كل شر وبلاء؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30].