قال إمام الحرمين في كتابه الأساليب: صار علماؤنا إلى أن الواو للترتيب وتكلفوا نقل ذلك عن بعض أئمة العربية واستشهدوا بأمثلة فاسدة قال: والذي نقطع به أنها لا تقتضي ترتيبا ومن ادعاه فهو مكابر ، فلو اقتضت لما صح قولهم: تقاتل زيد وعمرو. كما لا يصح تقاتل: زيد ثم عمرو. حكم الترتيب في الوضوء. وهذا الذي قاله الإمام هو الصواب المعروف لأهل العربية وغيرهم. ( الدليل الثاني) نقله أصحابنا عن أبي علي بن أبي هريرة ونقله إمام الحرمين عن علماء أصحابنا أن الله تعالى قال: { إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم} فعقب القيام بغسل الوجه بالفاء ، والفاء للترتيب بلا خلاف ، ومتى وجب تقديم الوجه تعين الترتيب إذ لا قائل بالترتيب في البعض ، وهذا استدلال باطل وكأن قائله حصل له ذهول واشتباه فاخترعه وتوبع عليه تقليدا. ووجه بطلانه أن الفاء وإن اقتضت الترتيب لكن المعطوف على ما دخلت عليه بالواو مع ما دخلت عليه كشيء واحد كما هو مقتضى الواو ، فمعنى الآية: إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا الأعضاء فأفادت الفاء ترتيب غسل الأعضاء على القيام إلى الصلاة لا ترتيب بعضها على بعض وهذا مما يعلم بالبديهة ولا شك أن السيد لو قال لعبده إذا دخلت السوق فاشتر خبزا وتمرا لم يلزمه تقديم الخبز بل كيف اشتراهما كان ممتثلا بشرط [ ص: 473] كون الشراء بعد دخول السوق كما أنه هنا يغسل الأعضاء بعد القيام إلى الصلاة.
انتهى. وفي بدائع الصنائع في الفقه الحنفي وهو يذكر سنن الوضوء: ومنها: الترتيب في الوضوء لأن النبي واظب عليه، ومواظبته عليه دليل السنة وهذا عندنا، وعند الشافعي: هو فرض. انتهى. وفي الخرشي على مختصر خليل عند قول المؤلف: وترتيب فرائضه: أي ومن السنن ترتيب فرائض الوضوء من غسل وجهه قبل يديه ثم مسح رأسه قبل رجليه، لأن الله تعالى عدل عن حرفي الترتيب إلى الواو التي لمطلق الجمع. ولقول علي رضي الله عنه: لا أبالي إذا أتممت وضوئي بأي أعضائي بدأت... إلى أن قال: والمعنى أن من نكس وضوءه وقد طال بعد انتهاء الوضوء بأن جفت الأعضاء فإنه يعيد المنكس وحده بدون تابعه إن كان التفريق ساهيا، وإن كان عامدا أو جاهلا فإنه يستحب له إعادة الوضوء. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 44116. الترتيب في الوضوء. والله أعلم.
((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/142).
الحمد لله. أولا: الواجب في الوضوء أن يكون على الترتيب الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو الموافق لقوله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ المائدة/6. حكم الترتيب في الوضوء عند المالكية. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: " ( والترتيب)، وهو أن يطهر كل عضو في محله، وهذا هو الفرض الخامس من فروض الوضوء، والدليل قوله تعالى: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ). وجه الدلالة من الآية: إدخال الممسوح بين المغسولات، ولا نعلم لهذا فائدة إلا الترتيب، وإلا لسيقت المغسولات على نسق واحد، ولأن هذه الجملة وقعت جوابا للشرط، وما كان جوابا للشرط فإنه يكون مرتبا حسب وقوع الجواب. ولأن الله ذكرها مرتبة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أبدأ بما بدأ الله به). والدليل من السنة: أن جميع الواصفين لوضوئه صلى الله عليه وسلم ما ذكروا إلا أنه كان يرتبها على حسب ما ذكر الله " انتهى من "الشرح الممتع" (1 / 189 - 190).
وتفسير ابن كثير(2/26) والتحقيق لابن الجوزي(1/124). الفتوى بصيغة فيديو: المنشور السابق الموالاة في الوضوء سبتمبر 23, 2021