درويش: كان السلف ينتظرون الشتاء كما ينتظر الرجل التائه في الصحراء الذي أصيب بالعطش الماء البارد، لِمَا في هذا الموسم من بركاتٍ كثيرة تنزل على العابدين. السوسي: العبد المؤمن يستطيع أن يجني ما يجني من الأجر والمغفرة في فصل الشتاء الذي يصوم نهاره ويقوم ليله أضعاف الفصول الأخرى كيف يمكن لفصل الشتاء الذي يشق على النفوس فيه القيام من الفراش وإسباغ الوضوء من شدة البرد لأداء العبادات والطاعات بأن يكون "ربيعاً للمؤمن"! وكيف يمكن أن يجني المسلم ما يجني من الأجر والمغفرة في فصل الشتاء أضعاف ما يجنيه في الفصول الأخرى، وذلك انطلاقاً من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الشتاء ربيع المؤمن" (رواه أحمد). الشتاء ربيع المؤمن - منتدى الكفيل. ماذا يعني "الشتاء ربيع المؤمن"؟ من ناحيته، قال الدكتور مصعب درويش -الحاصل على درجة الدكتوراة من قسم الحديث الشريف وعلومه- لـ"بصائر": "لقد أخرج الإمام أحمد في حديثه الحسن عن أبي سعيد الخدري عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: "الشتاء ربيع المؤمن"، والمقصود به أن الشتاء ليله طويل للقيام والصلاة والاستغفار والتسبيح، فيستطع المسلم أن ينام أوله ويستيقظ في أوسطه وآخره، ونهاره قصير للصيام فيكون قادراً على الصيام مع هذا الجو البارد القصير"، مضيفاً: "بالتالي هذه نعمة وغنيمة تكون في الشتاء فقط، وعليه فإنّ المسلم ينبغي أن يستغل هذه الغنيمة الباردة بهاتين العبادتين العظيمتين".
إنّ مصالحَ العبادِ وحياتهم لا تَصلُحُ إلا بتعاقب الحالَينِ، فاللهُ حكيمٌ عليمٌ، لم يوجِدْ شيئاً عَبَثاً ولم يخلُقْ شيئاً مَحْضاً، والشتاءُ يا عباد الله ظرفٌ يمكن تسخيرُهُ لطاعة الله، بل إنّ الواجبَ يُحتِّمُ ذلك، جاء في مسند الإمام أحمدَ مرفوعاً إلى الرسول صلى الله عليه وسلم: ( الشتاءُ ربيعُ المؤمنِ، طال ليلُهُ فقامه، وقصُرَ نهارُهُ فصامه). خطب الجمعة مطبوعة - الشِّتَاءُ رَبِيعُ المؤمِن - موقع أهل السنة و الجماعة. مسند أحمد ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: " مرحباً بالشتاء، منه تَنزِلُ الرحمةُ، أما ليلُهُ فطويلٌ للقائم، وأما نهارُهُ فقصيرٌ للصائم ". وهاتان نعمتان فرَّطَ فيهما كثيرٌ منّا وهما يتيسّران في الشتاء، لِيحاسِبْ كلُّ واحدٍ منا نفسَهُ: كمْ ليلةً قامها وكمْ يوماً صامه؟ ألا ما أعظمَ تقصيرَنا! لقد كان سلفُ هذه الأمة رحمهم الله قليلاً من الليل ما يهجعون، وبالأسحار هم يستغفرون، فقوي إيمانُهم وصدّقَهُ يقينُهم، فاجتهدوا وكَسَلْنا، وقاموا ونِمْنا؛ قدوتُهم في ذلك الرسولُ الأعظمُ والنبيُّ الأكرمُ عليه من ربه الصلاة والسلام، الذي كان يقومُ الليلَ حتى تتورّمَ قدماه، وكان عملُهُ دِيْمَةً على الدوام. سُئلَ أحدُ السلفِ ما بالنا لا نقومُ الليلَ؟ قال: " كَبَّلَتْكُمْ معاصيكم ".
إننا والله الذي لا إله غيره لم نُحْرَمْ صلاةَ الليلِ إلا بذنوبنا وإسرافنا على أنفسنا، ذلك الثلثُ الأخيرُ الذي تتنزَّلُ فيه الرحماتُ، وتُقسَمُ فيه الهباتُ مِن لَدُنْ ربِّ الأرضِ والسموات، باسطاً يده سحّاءَ، يَغفِرُ ذنوبَ المذنبين، ويَكشِفُ الضُّرَّ عن الملهوفين، ويُنفِّسُ كربَ المكروبين، يُجيبُ دعوةَ الداعي إذا دعاه. كَرَمٌ وتفضُّلٌ منه نحن عنه معروضون، وبلذيذ المنام نحن مشتغلون. لو دُعِيَ أحدُنا في كلِّ ليلةٍ في الثلثِ الأخيرِ ليُعطى مالاً لما تأخَّرَ أبداً، فما بالُنا نتخلّفُ عن أمرٍ هو خيرٌ من الذهب والورِقِ! لقد صَدَقَ فينا قولُ الله تعالى: { بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * والآخرة خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى: 16- 17]. ما معنى الشتاء ربيع المؤمن ؟ " | المرسال. في فصلِ الشِّتاء تشتدُّ الحاجةُ إلى بعضِ الرُّخَصِ التي شرَعَها الإسلام بسماحته ويُسْره؛ ففي الشتاء -وكذا في الصيف- يُرخَّصُ للمسلم أنْ يمسحَ على الجواربِ؛ درئاً للمشقَّة، يومًا وليلةً للمُقيم، وثلاثةَ أيامٍ بلياليها للمسافِر، بشروطٍ مُبيَّنةٍ في كتبِ الفقهِ. عباد الله: ذلك فضلُ اللهِ يؤتيه من يشاء، وأبوابُ الخيرِ كثيرةٌ ومشرَعَةٌ، لاسيما في هذا الموسم، فمن الناس مَن لا يملك ما يَدفَعُ عن نفسه ضررَ هذا البردِ، فها قد سنَحَتِ الفرصةُ لأهل الثراءِ والأغنياءِ ومحبي الخيرِ أن يتفقَّدوا جيرانَهم والمحتاجينَ مِن أقاربهم.
وقَدْ وَرَدَ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍْ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بَكَى عِنْدَ مَشْهَدِ الاحْتضَارِ، فَقِيلَ لَهُ أَتَجْزَعُ مِنَ الْمَوْتِ وَتَبْكِي؟! فقَالَ ما لِي لا أَبْكِي، وَمَنْ أَحَقُّ بِذلكَ مِنِّي؟ واللهِ مَا أَبْكِي جَزَعًا مِنَ الْمَوْتِ، وَلا حِرْصًا عَلَى دُنْيَاكُمْ، وَلَكِنِّي أَبْكِي عَلَى ظَمَإِ الهَوَاجِرِ وَقِيَامِ لَيْلِ الشِّتَاءِ. نسألُ اللهَ تعالَى أَنْ يَرْزُقَنَا الهِمَّةَ عَلَى الطَّاعَة، وَيَرْزُقَنَا الإِخْلاصَ والقَبُولَ، وَأَنْ يُوَفِّقَنَا لِمَا يُحِبُّ وَيَرْضَى إِنَّهُ سَمِيعٌ مٌجِيبٌ.
ويتحرى كذلك ليل الشتاء حيث يقيم الليل بالعبادة، والصلاة والذكر، والدعاء، وقراءة القرآن الكريم، استغلالا، لظروف الطقس وانخفاض درجة الحرارة، فلا يشق عليه العبادة في شيء، ويقيم ليل الشتاء وهو مقبل عليها، مهموم بها، لا يصرفه حرارة الجو عنها. [1] الشتاء غنيمة العابدين لقد دل النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث عن حال المؤمن في الشتاء، وكيف يكون يومه في العبادة وكيف يقضيه، فلو أن المؤمن من المحبين لعبادة الصيام، أو كان عليه قضاء من قبل، فإنه يقبل على العبادة أو قضاء ما عليه في نهار أيام الشتاء من صيام، حتى يكون يومه في طاعة. أما ليل المؤمن في فصل الشتاء فإنه ليل عامر بالعبادة والطاعات، يقوم فيه بركعات الصلاة تقربا لربه، أو ذاكراً لله في جوف الليل، أو قاريء القرآن الكريم مرتلًا آياته يتعبد لله بها، داعياً ربه، مصداق لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما، أن الله جل وعلا: ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فينادي، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له. إذن فالليل أفضل ساعات المناجاة والتعبد، حيث الجميع غافل عن العبادة إما نائم لا يذكر الله أو مستيقظ في ما تلهي الدنيا به الناس، غير مهتم بالعبادة لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم وَعن عبدِاللَّهِ بنِ سَلاَمٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشوا السَّلامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا باللَّيْل وَالنَّاسُ نِيامٌ، تَدخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلامٍ، رواهُ الترمذيُّ وقالَ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.