انزل الله سبحانه وتعالى على الأنبياء والرسل العديد من الكتب السماوية ابرزها التوراة على سيدنا موسى عليه السلام وأيضا الانجيل على سيدنا عيسى عليه السلام وكذلك انزل الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، اما عن حل السؤال هو الانجيل فهو الكتاب الذي نزل على سيدنا عيسى عليه السلام.
وقد تقدم أن هذه الآية نزلت في النصارى وهو ظاهر السياق.
﴿ فَلِمَ ﴾: الفاء رابطة لجواب الشرط، واللام حرف جر، و"ما": اسم استفهام حذفت ألفها تخفيفًا بسبب الجر، والاستفهام للإنكار والتوبيخ، والتعبير بالمضارع "تقتلون" لاستحضار الحالة الفظيعة. أي: قل لهم: فلم تقتلون أنبياء الله الذين بعثوا فيكم من قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، والذين جاؤوكم بتصديق التوراة، والحكم بها إن كنتم مؤمنين بما أنزل إليكم، صادقين في قولكم: ﴿ نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا ﴾. أي: لو كنتم صادقين في ذلك ما قتلتم أنبياء الله المبعوثين فيكم، فقتلكم لأنبياء الله من قبل دليل على عدم إيمانكم بما أنزل عليكم، كما أن كفركم بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم وهو القرآن دليل آخر على عدم إيمانكم بما أنزل عليكم؛ لأنكم لو آمنتم بما أنزل عليكم حقًّا ما قتلتم الأنبياء، ولآمنتم بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ [الأعراف: 157]. اذكر بعض ما ورد في الانجيل الذي انزل على عيسى عليه السلام عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم - ملك الجواب. ومحصلة هذا أنهم لم يؤمنوا بما أنزل عليهم ولا بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
﴿ وَهُوَ الْحَقُّ ﴾ الواو: حالية، والضمير "هو" يعود إلى، "ما" في قوله: ﴿ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ﴾ أي: والحال أن القرآن هو الحق الثابت، وكان الواجب عليهم الإيمان به واتباعه؛ لأن الحق أحق أن يتبع، فإذا كانوا يؤمنون بما أنزل عليهم لأنه حق، وجب أن يؤمنوا بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم لأنه حق. ﴿ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ ﴾ أي: حال كونه مصدقًا لما معهم من التوراة، أي: مخبرًا بصدقها، ومصداق ما أخبرت به، وهم يعلمون أنه الحق من ربهم مصدق لما معهم، وبذلك قامت عليهم الحجة، كما قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 146]، وقال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنعام: 20]. أنزل الله نبينا عيسى - زهرة الجواب. فوجب عليهم الإيمان به من وجهين، الأول: كونه الحق الثابت، والثاني: كونه مصدقا لما معهم، فالكفر به وتكذيبه كفر وتكذيب بما معهم. ﴿ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ هذا تكذيب لقولهم: ﴿ نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا ﴾ والخطاب في: ﴿ قُلْ ﴾ للنبي صلى الله عليه وسلم ولكل من يصلح خطابه.