القصيبي ومواسم الحياة! اجمل حكم غازي القصيبي كتب. من أجمل القراءات أن تقف على كتاب ماتع، فيه حكايات وقصص، ونظرات تحليلية من عمق التجربة وأثر تتابع السنين، وهذا ما جمعه حقًا كتاب قصير أو مقالة كما كُتب على غلافه، عنوانه: المواسم ، تأليف: غازي بن عبدالرحمن القصيبي ، وأصدرت الطبعة الأولى منه دامه للدراسات الإعلامية والنشر عام (1427=2006م)، ويقع في (96) صفحة منهمرة دونما فواصل، ويبدأ بإهداء إلى الصديق خالد بن محمد القصيبي رفيق المواسم السعيدة والكئيبة، ثمّ ينقل بيت شعر لأبي تمام ينعى فيه موسم اللذات الذي غالته النوى، وعلى الغلاف الأمامي لوحة لفناء بيت القصيبي القديم في الرفاع خلال الخمسينات الميلادية. والعجيب أن هذا الكتاب الذي يحكي جزءًا من السيرة الذاتية لمؤلفه لم ينل شهرة سيرته الإدارية البارزة حياة في الإدارة ، ولعل السبب يعود إلى كون تلك السيرة القديمة مرتبطة بأعماله ومناصبه، أو تبعًا للحجم وزمن النشر ونشاط التوزيع، والأكيد أن هذه المقالة الطويلة لا تقل عما عُرف به معالي د. غازي القصيبي من أسلوب يصطاد القارئ ولا يكاد يفلته إلّا مع آخر كلمة، هذا غير ما فيها من تأملات مفكر كثير الخلوة بنفسه، دائم الحوار مع عقله، وتكاد أن تكون عملًا وداعيًا حفر القصيبي فيه داخل أعماق وجدانه، واستنطق أحاسيسه ومشاعره.
ولم يترك أخاه الراحل من إسهاب، فعادل رجل المواسم الهنيئة لا القاسية، والمستمتع بالحياة المجيد لكثير من اللغات، المقاوم لضغوطات الواقع ولوازم تقادم السنون وزيادة العمر، ولأنه لا يتعامل مع الحزن فلم يحتمل فقد زوجه الأولى ملك ، ثمّ موت ابنته صبا التي ماتت وهي في العشرين مثل قصيدة قصيرة ساحرة؛ علمًا أن صبا هذه هي بنت عادل من زوجته حياة أرملة أخيه نبيل الذي فارق الدنيا في شبابه المبكر. عاد معاليه بعد العزاء إلى حياته التي يحسده عليها كثيرون، ويكرهه بسببها كثيرون، ويحبه من أجلها كثيرون، وفي ذات صباح وردته رسالة تنبئه بوفاة أخيه غير الشقيق مصطفى وبينهما فارق عمري كبير مع ندرة في التلاقي خاصة بعد أن فقد مصطفى طعم الحياة عقب رحيل ابنه مازن في حادث سيارة، فجلس الكاتب في مجلس عزاء أخيه مصطفى للمرة الثالثة خلال أسابيع معدودة، وبعد العزاء قفل إلى عذابه اليومي في المكتب والعمل.
ثلاثون مقولة واقتباس من أجمل أقوال غازي قصيبي - YouTube
لا أنتَ أنتَ.. ولا أيامك الأُولُ جاءتك حاسرةَ الأنيابِ.. كالحَةً كأنّما هي وجهٌ سَلَّه الأجلُ أوّاه! ثلاثون مقولة واقتباس من أجمل أقوال غازي قصيبي - YouTube. سيدتي السبعونَ! معذرةً إذا التقينا ولم يعصفْ بيَ الجَذَلُ قد كنتُ أحسبُ أنَّ الدربَ منقطعٌ وأنَّني قبلَ لقيانا سأرتحلُ بأيِّ شيءٍ من الأشياءِ نحتفل؟! أبالشبابِ الذي شابتَ حدائقُهُ؟ أم بالأماني التي باليأسِ تشتعلُ؟ أم بالحياةِ التي ولَّتْ نضارتُها؟ أم بالعزيمةِ أصمت قلبَها العِلَلُ؟ أم بالرفاقِ الأحباءِ الأُلى ذهبوا وخلَّفوني لعيشٍ أُنسُه مَلَلُ؟ تباركَ اللهُ! قد شاءتْ إرادتُه ليَ البقاءَ.. فهذا العبدُ ممتثلُ!
القصيبي مواسم أولاده وأسرته الجديدة بحبور وسعادة ظاهرة، وفرح بمظاهر الألفة والتوافق فيها، وختم داعيًا الله بأن يرزق الأولاد والأحفاد من الإيمان ما يجعلهم قادرين على المرور بمواسم الحياة كلّها الحلوة والمرة بكثير من الرضا والاطمئنان، وهي دعوة جامعة بين القبول والتسليم والصبر والرضا، وتلك من أعلى منازل العبادات القلبية التي يتمنى بلوغها الأولياء والصالحون. أحمد بن عبدالمحسن العسَّاف-الرياض ahmalassaf@ السبت 25 من شهرِ ذي الحجة عام 1441 15 من شهر أغسطس عام 2020م