الهبةُ مُستحَبَّةٌ. الأدِلَّةُ: أولًا: مِن السُّنةِ 1- عن عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((قد كانَ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جيرانٌ مِنَ الأنصارِ، كانتْ لهم مَنائحُ [1] المنائحُ: جمْع المَنيحةِ، وهي العَطيَّةُ، وهي ناقةٌ أو شاةٌ تُعطيها غيرَك ليَحلُبَها ثمَّ يرُدَّها عليك، وقد تكونُ المنيحةُ عطيَّةً للرَّقبةِ بمنافعِها مُؤبَّدةً، مثل الهِبةِ. يُنظر: ((الكواكب الدراري شرح صحيح البخاري)) للكرماني (11/110)، ((مجمع بحار الأنوار)) للفَتَّنِي (4/618). ، وكانوا يَمْنَحُون رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن ألبانِهم، فيَسقِينا)) [2] أخرجه البخاري (2567) واللفظ له، ومسلم (2972). المبحثُ الأوَّلُ: حُكمُ الهِبةِ - الموسوعة الفقهية - الدرر السنية. وَجْهُ الدَّلالةِ: أنَّهم كانوا يُهْدون لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن ألبانِها فيَقبَلُها، والهَديَّةُ بمعنَى الهِبةِ [3] ((عمدة القاري شرح صحيح البخاري)) للعَيْني (13/126). 2- عن أبي هُرَيرةَ رضِيَ اللهُ عنه، عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: ((يا نِساءَ المُسلماتِ، لا تَحقِرَنَّ جارةٌ لجارَتِها ولو فِرسِنَ شاةٍ [4] فِرْسِنُ الشَّاةِ: كالقَدَمِ مِن الإنسانِ، وهو ما دونَ الرُّسغِ وفوقَ الحافرِ، ويُضرَبُ به المثَلُ في القلَّةِ والزُّهدِ فيه.
يَعْنِي: هَدَايَاهُمْ وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل هدية النجاشي وليس ذلك بخلاف لقوله نهيت عن زبد المشركين لأنه رجل من أهل الكتاب ليس بمشرك وقد أبيح لنا طعام أهل الكتاب ونكاحهم وذلك خلاف حكم أهل الشرك" 6- ما فوائد الهدية؟ للهدية عظيم الأثر في استجلاب المحبة وإثبات المودة وإذهاب الضغائن وتأليف القلوب. *فكم من ضغينة ذهبت بسبب هدية!! *وكم من مشكلة دفعت بسبب هدية!! تَهَادَوْا تَحَابُّوا.. كيف نقدم هدية للأيتام وأهل الحاجة؟. *وكم من صداقة ومحبة جلبت بسبب هدية!!
وَجْهُ الدَّلالةِ: أنَّ الهَديَّةَ نوعٌ مِنَ الهبةِ، والأمرُ بالتَّهادِي للتَّودُّدِ والتَّآلُفِ [10] ((فتح ذي الجلال والإكرام)) لابن عُثيمين (4/319). ويُنظر: ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (2/429). ثانيًا: مِنَ الإجماعِ نَقلَ الإجماعَ على ذلك: العِمرانيُّ [11] قال العمراني: (أجمَعَ المسلمون على استِحبابِها). ((البيان)) (8/108). ، وابنُ رُشدٍ [12] قال عُلَيش: (نصَّ اللَّخميُّ وابنُ رُشدٍ على أنَّ الهِبةَ مَندوبةٌ، وحكَى ابنُ رُشدٍ عليه الإجماعَ). ((منح الجليل شرح مختصر خليل)) (8/174). ويُنظر: ((حاشية البَنَّاني على شرح الزُّرْقاني على مختصر خليل)) (7/171). ، والزَّيْلَعيُّ [13] قال الزَّيْلَعيُّ عن الهِبةِ: (هي مَشروعةٌ مَندوبٌ إليها بالإجماعِ). ((تبيين الحقائق)) (5/91). ، والهَيْتَميُّ [14] قال ابنُ حجَرٍ الهَيْتَميُّ: (الأصلُ في جَوازِها [أي: الهبةِ]، بلْ نَدْبِها بسائرِ أنواعِها الآتيةِ -قبْلَ الإجماعِ- الكتابُ والسُّنةُ). ((تحفة المحتاج)) (6/295). ثالثًا: لأنَّها مِن بابِ الإحسانِ والتَّودُّدِ، وهما مَندوبٌ إليهِما [15] ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (12/43). رابعًا: لِمَا فيه مِنَ التَّوسِعةِ على الغَيرِ، وهي مَندوبٌ إليها [16] ((كشَّاف القِناع)) للبُهُوتي (4/299)، ((مطالب أولي النُّهى)) للرُّحَيْباني (4/378).