وأما قوله: {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل:80]، وقوله: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر:22]، فإن السماع يطلق ويراد به إدراك الكلام وفهمه، ويراد به أيضًا الانتفاع به، والاستجابة له، والمراد بهذه الآيات نفي الثاني دون الأول. عرض أعمال الأحياء على الأموات - عبد الرحمن بن ناصر البراك - طريق الإسلام. اهـ. باختصار. والذي نرى رجحانه من هذه الأقوال هو أن الميت يسمع في الجملة كلام الحي، لكن لا يلزم أن يكون السمع له دائمًا، بل قد يسمع في حال دون حال، كما سبق في الفتوى: 4276. والله أعلم.
هل الميت يشعر بمن يدعو له أكد لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الشخص الميت يشعر بمن يدعو له، ومن المستحب للأحياء زيارة القبول للعبرة كما أن الميت يشعر بمن يلقى عليه السلام عند الزيارة، ومن الأفضل للحى أن يقوم بالإكثار من الدعاء إلى الشخص المتوفى حتى ينتفع بذلك الدعاء، كما أن الأشخاص المتوفية يتقابلون مع بعضهم البعض في عالم البرزخ والكثير من الأمور التي لا يعلم عنها الإنسان الكثير. هل الميت يشعر بمن يبكي عليه لا يوجد أي نصوص قرآنية أو حديث ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤكد أن الميت يشعر بمن يحزن عليه، فقد يتوقع أو يتخيل البعض أن المتوفى يشعر به ويشعر بمدى حزنه عليه وهذا الأمر لم يتم تأكيده من قبل، ولكن الميت يشعر بالدعاء فهو ينتفع به ومن الأفضل لأقارب المتوفى إكثار الدعاء له، وزيارة الميت أيضا من الأشياء المستحبة للعبرة، والميت لا ينتفع من الأحياء إلى بالدعاء والعمل الصالح له. هل الميت يدعو لابنائه لا يوجد حتى اليوم في القرآن والسنة النبوية ما تؤكد أن المتوفى يشعر بحياة الأحياء، أو يعلم أي شيء عن الأحياء بشكل عام لذا فإن المتوفى لا يقوم بالدعاء للأبناء ولكن من الأفضل للأبناء الدعاء إلى المتوفى وهو ما يفضل إليه بعد الموت، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولدا صالح يدعو له، لذا فإن الميت لا يسمع سوي نعال من يدفنوه فقط ويرد روحه إليه في القبر عند سؤال الملكية فقط وهذا ما ورد بشأن المتوفى بعد الموت.
وقد جاءت آثار وروايات تدل على أن بعض الأموات يشعر بأحوال أهله، وما يكون منهم، ولا أعلم شيئاً عن صحّة هذه الآثار، وقد أوردها العلامة ابن القيم في كتابه المعروف كتاب (الروح)، ومن أصح ما ورد مما يتعلق بهذا المعنى، حديث: " إن الميت ليعذّب ببكاء أهله عليه " ( البخاري: 1286، ومسلم: 928) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وكذلك ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم تعرض عليه صلاة أمته وسلامهم عليه صلى الله عليه وسلم، انظر ما رواه أبو داود (1047، 1531) والنسائي (1374) وابن ماجة (1636) من حديث أوس بن أوس رضي الله عنه. وأما مسألة تزاور الأموات فهو من جنس ما قبله، تُذكر فيه آثار، وقد أورده ابن القيم في نفس الكتاب، ولا أذكر شيئاً مما يعول عليه لإثبات هذه الحال، ولكن نعلم أن أرواح المؤمنين مع بعضها في الجملة، وكذلك أرواح الكافرين، والله أعلم بالغيب.
وعن معرفة الميت بمن قام بالعمل الصالح له فبين أن ذلك محتاج إلى تفصيل، لافتا إلى مشروعية زيارة القبور والسلام على الأموات، مضيفا زيارة الأقارب ممن رحلوا عن الدنيا أولى من مطلق الزيارة العامة للقبور. وذكر أن الروح تعود للميت للعذاب أو النعيم، موضحا أن الحياة ثلاثة أنواع حياة الدنيا، وحياة الآخرة، والثالثة حياة القبر وتعرف بالبرزخ. وأشار إلى سماع الميت أحيانا للأحياء بما ورد في الحديث الذي جاء بسماعه لقرع النعال بعد مواراته الثرى قائلا أما استمرار السماع بعد ذلك فمحتاج إلى تفصيل. ولفت إلى حقوق الميت على الحي وهي السلام عليه عند زيارة المقابر. وعن معرفة الميت لأحوال أهله فقال هو يعذب ببكاء أهله أي يتألم على حالهم. تساؤلات عدة من جانبه، أوضح الداعية الدكتور محمد صالح المنجد أنه لا سبيل لطلب المسامحة من الميت بعد موته لعدم سماعه نداء الحي، مؤكدا على أهمية دلالة حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: «من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه». ولفت إلى أن البعض يحرص أن يسمع والده الميت أو أحد أقاربه كلامه رغبة للصلة بعد انقطاعها وتخفيفا لألم الفراق، مشيرا إلى أن الكثيرين يتساءلون هل يسمعنا الميت بجانب قبره وإن سمعنا ماذا نقول له، وهل توجد طريقة يمكن أن يسمعنا بها، مبينا أن الأصل هو عدم سماعهم لكلام الأحياء ولكن حين خاطب النبي صلى الله عليه وسلم قتلى الكفار بعد معركة بدر وأسمعهم الله كلامه وهم في قاع البئر فكانت حالة خاصة كما ذكر ذلك العلماء رحمهم الله.
[سورة النور] لا أطيل علي حضراتكُم أترككُم تستمتعون بالخُطبة إليكُم الخُطبة مُسجلة: