ورغم أن أي كاميرا لم توثقه، لكن الخبر انتشر على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي. إثر وفاة البوعزيزي متأثرا بإصابته في الرابع من كانون الثاني/يناير، كانت حركة الاحتجاج ضد الرئيس زين العابدين بن علي الذي بقي في السلطة لمدة 23 عاما، عمّت أنحاء البلاد. بعد عشرة أيام، أجبر بن علي على الفرار إلى المملكة العربية السعودية. في الشهر ذاته، اندلعت احتجاجات مطالبة بالحرية والديمقراطية في كل من مصر وليبيا واليمن. عندما اتسعت رقعة الغضب في شوارع القاهرة، المدينة الأكبر في المنطقة وعمقها السياسي التاريخي، أطلق على عدوى التظاهرات اسم "الربيع العربي". وخرج مئات الآلاف إلى شوارع مصر للتعبير عن تطلعهم إلى الديمقراطية ومطالبتهم بتنحي حسني مبارك الذي كان رئيساً للبلاد منذ عام 1981. وجسدت الصور وأشرطة الفيديو التي انتشرت في المنطقة والعالم والشعارات الممزوجة بالأمل والعزم والشجاعة، إرادة تبدو وكأنها تضع حدا لما اعتبر دائما قدرا محتوما للشرق الأوسط، وهو جمود الحياة السياسية. ما هو الربيع. وظنت الشعوب أنها قادرة على كل شيء. هل الديمقراطية ممكنة في العالم العربي؟ في ذلك الحين، كتبت الروائية المصرية أهداف سويف في صحيفة "غارديان" البريطانية "أنظروا إلى شوارع مصر الليلة، هذا ما يبدو عليه الأمل".
في مقالته «تغيير صغير: لماذا لن تكون الثورة على تويتر»؛ يرَى مالكوم جلادويل أنّ هناك سببان رئيسيان لن يُسهما في التغيير الاجتماعي انطلاقًا من هذه المواقع وهما: تؤدي وسائل التواصل الاجتماعي إلى انخفاض الروابط والعلاقات بين المشاركين وهذا يعني أنه يمكن للمستخدمين خلق شعور سياسي بينما يفشلون في ذلك على أرض الواقع. على سبيل المثال؛ أُعلنَ في سوريا عن أيام الغضب على موقع فيسبوك لكنها لم تسهم في أي احتجاجات كبيرة على أرض الواقع على الرغم من الاشتباكات العنيفة مع الشرطة مما تسبب في تضييق الخناقات على المدنيين من خِلال الاعتقالات الجماعية في صفوف المراهقين. الربيع العربي.. من الذي ربح ما خسره الآخرون؟ : مركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية. أما السبب الثاني –حسب جلادويل– فهوَ أن عملية صنع القرار من خلال توافق الآراء معقدة نوعًا ما عبر وسائل الاعلام الاجتماعية. المصدر:
المأساة السورية وتعد التجربة السورية الأكثر مرارة، إذ نجا رئيس النظام بشار الأسد بفضل الدعم الروسي المباشر له في 2015 بعدما كان على وشك السقوط بفعل سيطرة المعارضة على معظم أنحاء البلاد. ويقول روبرت وورث في كتابه "الغضب لأجل النظام" إن فلسفة عدم العنف في المظاهرات سرعان ما اختفت في ساحات القتال في ليبيا وسوريا واليمن، لتتوج مع ظهور تنظيم الدولة الإسلامية عندما أعلن أبو بكر البغدادي في 2014 نفسه زعيما على مناطق فاقت مساحة بريطانيا وامتدت بين العراق وسوريا". وكانت هذه هي نقطة انهيار آمال الشعوب في التحرر، ولا سيما مع تدخل الدول الغربية عسكريا للقضاء على التنظيم، وتم بذلك غض الطرف في الغرب عن ممارسات الأنظمة الاستبدادية التي قدمت نفسها على أنها الحصن الأخير في مواجهة التطرف. وبعد عقد على اندلاعها فشلت الثورة السورية في تحقيق مرادها فقد دمرت سوريا، ووقعت فيها أسوأ كارثة نزوح إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية. ما هو الربيع العربي؟ – e3arabi – إي عربي. ويقول دحنون -وهو طالب في العلوم السياسية- إنه "لم يعد للسوريين كلمة" اليوم، مضيفا بمرارة أن "القوى الخارجية هي التي تقرر، سوريا لم تعد لنا". شعارات الربيع العربي تتجدد في لبنان (الفرنسية) ماذا تبقى؟ بدورها، تعتبر أهداف سويف أنه من المبكر تحديد إرث تلك الثورات التي ما زالت في طور التنفيذ، وترفض ربط صعود التطرف بالثورات، بل ترى فيه "ثورات مضادة" غذت كل أنواع الحرمان والفقر.