ولقد عمت دعوة الإسلام إلى الرحمة جميع الخلق حتى الحيوانات؛ فأمر بالرحمة بها والإحسان إليها وعدم حبسها عن طعامها وشرابها، بل وجه إلى الرحمة بها حال ذبحها؛ كما أخبر شداد بن أوس أن حفظ من الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم-: ثِنْتانِ حَفِظْتُهُما عن رَسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، قالَ: " إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحْسانَ على كُلِّ شيءٍ، فَإِذا قَتَلْتُمْ فأحْسِنُوا القِتْلَةَ، وإذا ذَبَحْتُمْ فأحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ "(رواه مسلم). فاللهم لك الحمد على أن جعلتنا من أمة محمد -عليه الصلاة والسلام-، واحشرنا تحت لوائه، واجعلنا من زمرته يا رب العالمين.
(٤) رواه الترمذي (٢٥١٨)، والنسائي (٥٧١١). وقال الترمذي: حسن صحيح. وحسنه النووي في ((المجموع)) (١/ ١٨١)، وصححه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (٣١٨). (٥) رواه البخاري (٢٠٧٩)، ومسلم (١٥٣٢). (٦) ((المدارج)) (٢/ ٣١٥). (٧) ((الرائد... دروس في التربية والدعوة)) لمازن بن عبد الكريم الفريح (٣/ ٢٥٥). بتصرف يسير.
فما هو السبب بعد فضل الله ؟ قال تعالى: " وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا " [الكهف: 82]. إذًا صلاح الأب كان سببًا في حفظ المال لأولاده، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما فيما صحَّ عنه؛ فلا تأمينات على الحياة أو العقار أو الأولاد، ولا وضع للمال في البنوك الربوية بحجة الخوف على مستقبل الأولاد، ولا تضييع للصلوات والطاعات والانشغال عنها بالعقارات والبيع والشراء للحجة السابقة؛ لأن الله يرزقك وإياهم والعاقبة للتقوى، جعلنا الله من المتقين المستقيمين على شرعه، وصدق الله العظيم الذي يقول: " وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى " [طه: 132]. ولهذا قال تعالى: " وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا " [الجن: 16] أي لو استقام القاسطون على طريقة الإسلام وعدلوا إليها واستمروا عليها لأسقيناهم ماءً غدقًا؛ أي كثيرًا، والمراد بذلك سعة الرزق ( انظر: تفسير ابن كثير) والمقصود بالاستقامة الطاعة والإسلام وطريق الحق كما قال أئمة التفسير.
20/1/2021 - | آخر تحديث: 20/1/2021 10:54 AM (مكة المكرمة) يتحرك عالم ميلان كونديرا الروائي بين مجموعة من الأقطاب، الخفة والثقل، الروح والجسد، القوة والضعف،[1] ضحك الملائكة لأن كل شيء له معنى، وضحك الشياطين لأن العالم كله لا معنى له. كائن لا تحتمل خفته فيلم. [2] وفي روايته الأشهر "كائن لا تحتمل خفته"، يأتي قطبا الخفة والثقل في المركز، ويدور حولهما كل شيء. فالرواية التي تبدأ بسؤال لشخصية توماس الذي يقف محدّقا في جدار يتساءل: أيدعو تيريزا لتأتي إلى بيته مغامرا بإثقال حياته بالحب، أم يدعها تمر وينساها كطيف آخر عابر؟ لا تلبث أن تنطلق من هذا التساؤل لسؤال أعم؛ ما الأفضل: حياة نعيشها متخففين من كل ثقل وشعور ومعنى ندور في الهواء دون شيء يربطنا بالأرض، أم أخرى ترتسم فيها خطواتنا وفقا لجاذبية المعاني والمشاعر الثقيلة؟ لكن كونديرا لا يعطينا أي إجابات، فالرواية بالنسبة له "لا تؤكد على أي شيء، بل تبحث عن أسئلة وتطرحها". [3] وفي ظل هذا السؤال حول الخفة والثقل، تتحرك الشخصيات الأربعة الأساسية، توماس وتيريزا وفرانز وسابينا، كثنائيات يلعب كل فرد فيها على أوتار مختلفة في أنغام الخفة والثقل، تتضافر معا وتنسجم مُشكّلة جسد الرواية.
ربما لي مساحة هنا لأعبر عن رأيي صراحة ، لأني فيما أعتقد لكل شخص ، إنسان ردة فعل متباينة كذلك القراء لهم ردود فعل أو استجابة متباينة بشأن ما يقرؤون و إلا لكنا مجرد نسخ متطابقة و لزال التنوع الذي يحفظ كل الألوان و يحفظ الاستمرارية ، اذن أقول صراحة لدي بعض الملاحظات عن الرواية في شقها الفلسفي و حتى الأدبي كانت عميقة جداً بأفكارها الغريبة جداً الداعية للتفكير بجدْ مع جانبها السياسي المهم ، إلا آني لازالت أشعر بالتقزز ، نعم بالتقزز صراحة من فحش العبارات و التجسيد الصارح الفاضح للعلاقات الجنسية لأبطال الرواية و حتى لبعض ألفاظ الراوي التي لا داعي لها برأيي ليوصل فكرته.
أمام معظم ما صاغه نفس الكاتب الروائي كان تصوير العلاقات الجنسية مبالغا لدرجة مملة في غالب الأحيان. هو ميز بوضوح بين ما يعرف بالدون جوان والكزانوفا. والفرق هو أن الدون جوان يُدخل العاطفة في تعدد علاقاته النسائية بينما الكزانوفا هو من لا يرى سوى الجنس في علاقاته المتعددة هذه. وتوماس كان من نوع الكازانوفا، تريزا زوجته كانت تعرف ذلك في قرارة نفسها وهذا ربما ما جعلها تتقبل علاقاته معتبرة أن وجودها في حياته مختلف عن الأخريات. وهذا هو حقيقة الواقع. فيلم ‘كائن لا تُحتمل خِفّته’.. بدائل فلسفية للتحايل على السُلطة | القدس العربي. حتى توماس نفسه لم يستطع تفسير مشاعره المتعلقة بتيريزا. أما سابينا كانت تشبه توماس إلى حد بعيد لأنها كانت تمثل نوعا من الكزانوفا النسائية التي تؤثر الخيانة على الارتباط الجدي. لأجل سابينا تخلى فرانز عن زوجته وكان مستعدا للتضحية بحياته في سبيل أن ينال إعجابها. محاولة إدراجه لعقدة أوديب في سياق الرواية ولو أنها كانت قريبة من الواقع السياسي الذي كانت تمر به براغ في وقتها، لكنه لم يكن موفقا من حيث نماذج الرابط الاجتماعي. فالصورة الأبوية كانت تخلو من أي شائبة بينما صورة الأم كانت مشوهة وتعبر عن أنانية وكره. يظهر ذلك بذكريات تيريزا مع والدتها، بشخصية ماري كلود زوجة فرانز، وزوجة توماس الأولى وأم ولده موريس.
تخلو علاقة توماس بسابينا من أي ثقل، وتزهو فيما يتمثل بالشهوة الجنسية الممتعة. إذا كان توماس قد خلق من جملة، وتيريزا قد خلقت من "بضع قرقرات معوية"، فإن سابينا خلقت من سلسلة من الخيانات المتتابعة. "الخيانة.. منذ طفولتنا والوالد ومعلم المدرسة يكرران على مسامعنا بأنها أفظع شيء في الوجود. ولكن ما معنى أن نخون؟ أن نخون هو أن نخرج عن الصف أن نسير في المجهول. وسابينا لم تعرف ما هو أجمل من السير في المجهول". كانت الخيانة أداة سابينا في مواجهة السلطة الأبوية التي نشأت عليها وفي سبيلها للتحرر الكامل. عرّف كونديرا الخيانة بشكل مغاير تمامًا عما هو مألوف. فرانز فرانز شخصية مثقلة بالمبادئ في عالم شهد فوضى ولدت من رحم حروب شرذمت سكان الأرض. يخلق معنى في حياته تجعله ثقيلًا بشكل سلبي. كان ثقيلًا بما يكفي للاعتقاد بأن أسلوب حياته هو الأسلوب الوحيد الممكن. يفصل فرانز عن الابتذال خيط رفيع، يتخذ قرارات صعبة ناسيًا بأن رحلة البحث عن المعنى تتطلب شيئًا جوهريًا أحيانًا: التفاهة (كما ذكر كونديرا في روايته حفلة التفاهة، بذلك المعنى)، ليموت بسذاجة، في لقطة سيريالية خالية من أي معنى. شخصيتان عاشا حياتهما بخفة، وعلى النقيض الآخر، شخصيتان اختارا الثقل، أربعة نماذج للخفة والثقل خلقها كونديرا، فكانت قادرة على لم شمل العالم كله.