الحمد لله. "الحديث المذكور صحيح ، ولكنه محمول عند أهل العلم على المعنى الذي ذكرت ، وهو كون الرجال ليس بينهم وبين النساء حائل، أما إذا كُنَّ مستورات عن الرجال فخير صفوفهن أولها، وشرها آخرها كالرجال، وعليهن إتمام الصفوف الأول فالأول ، وسد الفرج ، كالرجال ، لعموم الأحاديث الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه" انتهى. "مجموع فتاوى ابن باز" (25/145).
وفيه: بَيانُ تَرتيبِ صُفوفِ الرِّجالِ والنِّساءِ في الفَضلِ والثَّوابِ. وفيه: بَيانُ شِدَّةِ عِنايةِ الشَّرعِ بالحَثِّ على الابتِعادِ عن مَحَلِّ الافتِتانِ؛ فقد أمَر ببُعدِ النِّساءِ عنِ الرِّجالِ لِئلَّا يَقَعَ مَحظورٌ شَرعيٌّ. وفيه: بَيانُ فَضلِ الرِّجالِ على النِّساءِ؛ حيث يَتقدَّمون عَليهِنّ في المَواطِنِ المُهِمَّةِ، كصُفوفِ الصَّلاةِ، وصُفوفِ القِتالِ، وغَيرِ ذلك ممَّا فَضَّل اللهُ تَعالَى به الرِّجالَ على النِّساءِ.
ثامناً: وصَف النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم تأخرَ الرجال وتقدُّمَ النساء بالشر، مع أنه لم تحصل حقيقة الاختلاط! إنما حصل ما قد يؤدي ويفضي إليه، فإن حصلتْ حقيقة الاختلاط فهو شرٌّ من باب أولى. تاسعاً: من جهة المكان، فإنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وصف ذلك بالشر مع أنَّ المكان حينئذ المسجد، أشرفُ البقاع وأطهرُها، وأبعدُها عن المعصية والفِسْق؛ فالاختلاط في غير المسجد كَدُورِ العمل والمدارس والجامعات وغيرها شَرٌّ من باب أَولى. خير صفوف الرجال أولها | موقع البطاقة الدعوي. عاشراً: من جهة الزمان، فإن هذا الحكمَ عامٌّ في جميع الأعصار، ومنها: عصرُه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، عصرُ النبوة، حيث رُفع منار الإسلام وخُذل الكفر، وأحييتِ الفضائل، وأُميتتِ الرذائل، فإنْ حصل التحذير من الاختلاط في هذا العصر المبارك؛ فغيره من العصور -لا سيما عصور الانحطاط- من باب أَولى. الحادي عشر: من جهة الهيئة، فلمَّا كان التحذير من أسباب الاختلاط في حالِ أشرفِ الهيئات، الوقوفِ بين يدي ملك الملوك جلَّ جلاله، حالِ الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر؛ كان التحذير من الاختلاط فيما سواها من الهيئات -لا سيما العادات- من باب أَولى. الثاني عشر: لمَّا حذر النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من الاختلاط، وكان المخاطَبُ أفضلَ وأطهرَ خلق الله تعالى بعد الأنبياء عليهم السلام، وهم الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم؛ كان تحذير مَن سواهم من باب أَولى.
الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فنسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد وأن يهيئ لك من أمرك رشدا ويصلح لك زوجك إنه سميع مجيب. والذي ينبغي أن تعلمه أيها السائل الكريم هو أن البيوت لا تبنى كلها على الحب؛ كما قال عمر رضي الله عنه وإنما على التفاهم بأن يفهم كل واحد من الزوجين طبيعة الآخر ونفسيته ومزاجه ورغباته. ويتحمل الزوج من ذلك نصيب الأسد فيتغاضى عن أخطاء الزوجة ما أمكنه ذلك، مسترشدا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: استوصوا بالنساء خيراً، فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء. متفق عليه من حديث أبي هريرة، و لمسلم عنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمعت وفيها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها. وقوله: لا يفرك -أي لا يكره- مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر. رواه مسلم. ولا ينبغي أن يكون الزوج ندا للزوجة ويترصد أخطاءها وهفواتها، بل ينسى ويتناسى ما يمكنه من ذلك. اكتشف أشهر فيديوهات رفقا ب النساء | TikTok. وهذا لا يعني أن يترك لها الحبل على الغارب لتفعل ما تشاء، بل يذكرها ويعظها ويؤدبها ويزجرها ويمنعها مما لا يجوز؛ لأنه راع لها ومسؤول عن رعيته، ولأنها لوترك لها العنان ربما تفعل ما لم يكن في الحسبان، فأوتي القوامة عليها ليضبط أفعالها وأقوالها، لكن بحكمة وموعظة حسنة، وللمزيد نرجو مراجعة الفتويين رقم: 2050 ، 5291.
شرح حديث أبي هريرة: "استوصوا بالنساء خيرًا" سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((استَوْصُوا بالنساء خيرًا؛ فإن المرأة خُلِقَتْ مِن ضِلَعٍ، وإن أعوَجَ ما في الضِّلَع أعلاه، فإن ذهَبتَ تُقيمُه كسَرتَه، وإنْ ترَكتَه لم يزَلْ أعوَجَ، فاستَوصوا بالنساء))؛ متفق عليه. معنى حديث: (استوصوا بالنساء خيراً..). وفي رواية في "الصحيحين": ((المرأةُ كالضِّلْعِ؛ إنْ أقمْتَها كسَرتَها، وإنِ استمتعتَ بها، استمتعتَ وفيها عَوَجٌ)). وفي رواية لمسلم: ((إن المرأة خُلِقتْ مِن ضِلَعٍ، لن تستقيم لك على طريقة، فإنِ استمتعتَ بها استمتعتَ بها وفيها عَوَجٌ، وإن ذهَبتَ تُقيمُها كسَرتَها، وكسرُها طلاقُها)). قوله: ((عَوَجٌ)) هو بفتح العين والواو. قال سَماحة العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: ذكر المؤلِّف رحمه الله تعالى فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه في معاشرة النساء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((استَوصُوا بالنساء خيرًا))؛ يعني: اقبَلوا هذه الوصيةَ التي أُوصيكم بها، وذلك أن تفعلوا خيرًا مع النساء؛ لأن النساء قاصراتٌ في العقول، وقاصرات في الدِّين، وقاصرات في التفكير، وقاصرات في جميع شؤونهن؛ فإنهن خُلِقْنَ مِن ضِلَعٍ.
لكم أن لا يواطئن فرشهن غيركم، ولا يدخلن أحداً تكرهونه بيوتكم إلا بإذنكم ولا يأتين بفاحشة، فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تعضلوهن وتهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضرباً غير مبرح. فإن انتهين وأطعنكم فعليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، واستوصوا بالنساء خيراً، فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئاً، وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله فاتقوا الله في النساء واستوصوا بهن خيراً – ألا هل بلغت اللهم فاشهد. لما فرغ صلى الله عليه وسلم من خطبته نزل عليه قوله تعالى: ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإسْلاَمَ دِينا [المائدة:3]، وعندما سمعها عمر رضي الله عنه بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: إنه ليس بعد الكمال إلا النقصان. حديث استوصوا بالنساء خيرا. أخرجه البخاري لقد أوتي الرسول الكريم جوامع الكلم وفصاحة الخطاب وسحر البيان، كيف لا وهو الذي علمه المولى عز وجل وصنعه على عينه. قال تعالى في محكم كتابه علمه شديد القوى [النجم: 5[ وقال عنه تعالى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى [النجم: 4،3]. من بلاغته وحسن بيانه صلى الله عليه وسلم أن كرر لفظ الوصية في خطبته الشريفة تماما كما في أحاديث كثيرة، وقبل ذلك نجدها تتكرر في كتاب الله العزيز.
وذلك أن آدمَ عليه الصلاة والسلام خلَقَه الله من غير أب ولا أم، بل خلَقَه من تراب، ثم قال له: كن، فيكون، ولما أراد الله تعالى أن يبُثَّ منه هذه الخليقةَ، خلَقَ منه زَوْجَه، فخلَقَها مِن ضِلَعِه الأعوج، فخُلِقت من الضِّلَع الأعوج، والضلعُ الأعوج إن استمتعتَ به استمتعتَ به وفيه العَوَجُ، وإن ذهبتَ تُقيمه انكسَر. استوصوا بالنساء خيرا حديث. فهذه المرأة أيضًا إنِ استمتَعَ بها الإنسان استمتَع بها على عوج، فيَرضى بما تَيسَّر، وإن أراد أن تستقيم فإنها لن تستقيم، ولن يتمكَّن من ذلك، فهي وإن استقامت في دينها، فلن تستقيم فيما تقتضيه طبيعتُها، ولا تكون لزوجها على ما يريد في كلِّ شيء، بل لا بد من مخالفة، ولا بد من تقصير، مع القصور الذي فيها. فهي قاصرة بمقتضى جِبِلَّتِها وطبيعتها، ومقصِّرة أيضًا، فإن ذهبتَ تُقيمها كسَرتَها، وكسرُها طلاقُها، يعني معناه أنك إن حاولتَ أن تستقيم لك على ما تريد، فلا يمكن ذلك، وحينئذٍ تَسأمُ منها وتُطلِّقُها، فكسرُها طلاقها. وفي هذا توجيهٌ من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى معاشرة الإنسان لأهله، وأنه ينبغي أن يأخذ منهم العفوَ وما تيسَّر، كما قال تعالى: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ ﴾ [الأعراف: 199]؛ يعني ما عفا وسهُل من أخلاق الناس ﴿ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199].
وتتعقبها نظرات الملامة والعتاب على فشلها في لم شمل أسرتها، خصوصا في مجتمع تفككت فيه أوصال المودة والمرحمة وانعدم فيها العدل ومراعاة الحقوق. ونختم كلامنا عن الوصية بفول للامام عبد السلام ياسين في معرض حديثه عن الوصية النبوية في خطبة الوداع في كتابه التنويري: نتأمل مسؤولية القوامة في دائرة الوصية النبوية النهائية في خطبة الوَداعِ، مرتفعين بتلك المسؤولية من معنى تكفل الرجل بقوته وعضليته وماله ورئاسته إلى معاني طاعة الله وطاعة رسوله ورعاية وصيته. خسِرت الأمة إن أضاع شطرُها حق شطرها، وعق الرجالُ وصية نبيهم إن لم يحفظوهُ في الضعيفة والضعيف. استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عندكم عوان. {7} وينبه رحمه الله للآثار الوخيمة علي الأسرة لغياب المرحمة والألفة والاحترام في العلاقة بين الزوجين: م ن ذا الذي يرضَى أن تَنسُل له زوجه ذرية ضعيفة مهينةً مريضةً نفسيا، نشأت على اللف والدوران والكذب والحيلة والكيد والمراوغة؟ إذا كانت العشرة الزوجية معتلة فالأمومة مُعَوَّقة والذريَّةُ ترضَع الآلام. من كان من الآباء لا يحب تلك الصفات الرديئة في نسله فليعمل على تلافي أسباب تكونها في بيئته. يفعل ذلك رحمةً بالنسل إن كان دينُه وخوفه من الله لا يحمله على الاستقامة.
تَحلّ بنا ذكرى مولد رسول الله صلى الله عليه الذي أشرق الكون كله بمولده الشريف صلى الله عليه وسلم حسا ومعنى، كما أظلم كذلك بوفاته صلى الله عليه وسلم حسا ومعنى. واستوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوان عندكم | نور الاسلام. قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِين ( 15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ( 16) {1} قال أنس بن مالك رضي الله عنه، فيما رواه أحمد والدرامي: ما رأيت يومًا قَطُّ كان أحسن، ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله وما رأيت يومًا كان أقبح، ولا أظلم من يوم مات فيه رسول الله {2} وعن خالد بن معدان رضي الله عنه عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه سلم أنهم قالوا: يا رسول الله، أخبرنا عن نفسك. قال: دعوة أبي إبراهيم ، وبشرى عيسى ، ورأت أمي حين حملت بي كأنه خرج منها نور أضاءت له قصور بصري من أرض الشام {3}. كيف لا نحتفي بمولده صلى الله عليه وسلم، بل كيف لا يحتفي الكون كله بميلاده، وقد خُلِق لأجله. روى ابن عساكر رحمه الله عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: هبط جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن ربك يقول: "إن كنت قد اتخذت إبراهيم خليلا فقد اتخذتك حبيبا، وما خلقت خلقا أكرم منك، ولقد خلقت الدنيا وأهلها لأعرفهم كرامتك ومنزلتك عندي، ولولاك ما خلقت الدنيا ''.
يظلم الزوج ويضربها لا يحسُبُ حساب الآخرة ولا حساب الدنيا {8} وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنساء جاءت في وضع طبيعي، تحترم فيه كل الحقوق وتصان الحمى، في مجتمع العمران الأخوي الذي بناه وصلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام. أما وقد انفرط العقد، وفقدت وانحط المجتمع فقد استوجب البناء من جديد. ولعل اللبنة الأولى في بناء المجتمع الأخوي المتراحم هي الاقتداء بسنة الحبيب المصطفى واقتفاء أثره، خصوصا في تلمس أخلاقه الشريفة وحسن معشره. ولإعادة إرساء المنظومة الأخلاقية المنهارة في المجتمع لابد من إعادة تأهيل الفرد وتربيته وربطه بالنموذج الكريم، بإحياء سنته صلى الله عليه وسلم والتعريف بها. ولا يتأتى ذلك إلا بملازمة بيئة إيمانية مثالها وقدوتها سيرة رسول الله صلي الله عليه وسلم، وآل بيته الطاهرين ومن اهتدى بهديه من بعده، وهم صحابته رضوان الله عليهم ومن تبعهم بإحسان من أئمة وصالحين ومجددين. ونحن إذ نعرض الوصية النبوية وما نصت عليه من آداب وحقوق تؤطر العلاقة بين الزوجين وتصون حرمة البيوت وتغمرها سعادة ومودة ورحمة ، فإنما نروم إحياء منظومة القيم والبناء عليها من جديد. فاستقرار بيوتنا مؤشر على استقرار مجتمعاتنا وضمان ليقظة أمتنا وسيرها نحو الريادة.