لمشاهدة الصورة بحجمها الأصلي اضغط هنا جودة الطباعة - ألوان جودة الطباعة - أسود ملف نصّي إن أكرمكم عند الله أتقاكم قال الله تعالى: " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير " [الحجرات: 13] — أي يا أيها الناس إنَّا خلقناكم من أب واحد هو آدم, وأُم واحدة هي حواء، فلا تفاضل بينكم في النسب, وجعلناكم بالتناسل شعوبًا وقبائل متعددة؛ ليعرف بعضكم بعضًا, إن أكرمكم عند الله أشدكم اتقاءً له. كتابات - صحيفة إخبارية إلكترونية شاملة مستقلة عراقية. إن الله عليم بالمتقين, خبير بهم. ( التفسير الميسر) بالضغط على هذا الزر.. سيتم نسخ النص إلى الحافظة.. حيث يمكنك مشاركته من خلال استعمال الأمر ـ " لصق " ـ
إن أكرمكم عند الله أتقاكم. إن الله عليم خبير).. يا أيها الناس. يا أيها المختلفون أجناسا وألوانا ، المتفرقون شعوبا وقبائل. إنكم من أصل واحد. فلا تختلفوا ولا تتفرقوا ولا تتخاصموا ولا تذهبوا بددا. والذي يناديكم هذا النداء هو الذي خلقكم.. من ذكر وأنثى.. وهو يطلعكم على الغاية من جعلكم شعوبا وقبائل. إنها ليست التناحر والخصام. إنما هي التعارف والوئام. ان اكرمكم عند الله اتقاكم خطبه. فأما اختلاف الألسنة والألوان ، واختلاف الطباع والأخلاق ، واختلاف المواهب والاستعدادات ، فتنوع لا يقتضي النزاع والشقاق ، بل يقتضي التعاون للنهوض بجميع التكاليف والوفاء بجميع الحاجات. وليس للون والجنس واللغة والوطن وسائر هذه المعاني من حساب في ميزان الله. إنما هنالك ميزان واحد تتحدد به القيم ، ويعرف به فضل الناس: ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم).. والكريم حقا هو الكريم عند الله. وهو يزنكم عن علم وعن خبرة بالقيم والموازين: ( إن الله عليم خبير).. وهكذا تسقط جميع الفوارق ، وتسقط جميع القيم ، ويرتفع ميزان واحد بقيمة واحدة ، وإلى هذا الميزان يتحاكم البشر ، وإلى هذه القيمة يرجع اختلاف البشر في الميزان. وهكذا تتوارى جميع أسباب النزاع والخصومات في الأرض ؛ وترخص جميع القيم التي يتكالب عليها الناس.
ويظهر سبب ضخم واضح للألفة والتعاون: ألوهية الله للجميع ، وخلقهم من أصل واحد. كما يرتفع لواء واحد يتسابق الجميع ليقفوا تحته: لواء التقوى في ظل الله. وهذا هو اللواء الذي رفعه الإسلام لينقذ البشرية من عقابيل العصبية للجنس ، والعصبية للأرض ، والعصبية للقبيلة ، والعصبية للبيت. وكلها من الجاهلية وإليها ، تتزيا بشتى الأزياء ، وتسمى بشتى الأسماء. وكلها جاهلية عارية من الإسلام! وقد حارب الإسلام هذه العصبية الجاهلية في كل صورها وأشكالها ، ليقيم نظامه الإنساني العالمي في ظل راية واحدة: راية الله.. لا راية الوطنية. ولا راية القومية. ولا راية البيت. ولا راية الجنس. فكلها رايات زائفة لا يعرفها الإسلام. قال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم]: " كلكم بنو آدم ، وآدم خلق من تراب. ولينتهين قوم يفخرون بآبائهم ، أو ليكونن أهون على الله تعالى من الجعلان ". وقال [ صلى الله عليه وسلم] عن العصبية الجاهلية: " دعوها فإنها منتنة ". القرآن الكريم - في ظلال القرآن لسيد قطب - تفسير سورة الحجرات - الآية 13. وهذه هي القاعدة التي يقوم عليها المجتمع الإسلامي. المجتمع الإنساني العالمي ، الذي تحاول البشرية في خيالها المحلق أن تحقق لونا من ألوانه فتخفق ، لأنها لا تسلك إليه الطريق الواحد الواصل المستقيم.. الطريق إلى الله.. ولأنها لا تقف تحت الراية الواحدة المجمعة.. راية الله..
إن من المعاني العظيمة التي أكّد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرّرها في حجة الوداع لزومَ تقوى الله عز وجل، والحرصَ على نيل رفيع الرتب، وعالي الدرجات بتحقيقها لا بالفخر بالأنساب والأحساب، فالكلُّ بنو آدم، وآدم من تراب، ولا فضل لعربي على عجمي، ولا عجمي على عربي إلاّ بتقوى الله عز وجل. روى الإمام أحمد في مسنده (1) عن أبي نضرةَ قال: حدثني من سمع خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في وسط أيام التشريق فقال: (( يا أيها الناس ألا إنَّ ربكم واحد، وإنَّ أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلاّ بالتقوى، أبلغت؟ قالوا: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم). فقرّر صلى الله عليه وسلم في هذه الخطبة العظيمة والبيان البليغ أن التفاضل ونيلَ الفضل إنما هو بتقوى الله عز وجل لا بأيِّ أمر آخر، كما قال الله عز وجل: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات:13] ، فأكرم الناس عند الله أتقاهم له، أي: أكثرهم محافظة على طاعته، وانكفافاً عن معصيته، إذ التقوى هي العمل بطاعة الله على نور من الله رجاءَ ثواب الله، والبعدُ عن معصية الله على نور من الله خيفةَ عقاب الله.
[١٤] الكذب على الله: إنّ من أعظم أنواع الكذب هو الكذب على الله، فمن كذب على الله فقد ظلم نفسه، لقوله -سبحانه وتعالى- في محكم التنزيل: (فَمَن أَظلَمُ مِمَّنِ افتَرى عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النّاسَ بِغَيرِ عِلمٍ إِنَّ اللَّـهَ لا يَهدِي القَومَ الظّالِمينَ). [١٥] ظلم الإنسان لغيره من الناس: تعريفه وصوره وأدلته ظلم الإنسان لغيره يعني تعدّي الإنسان على غيره من خلال إيذائه، أو سلب أمواله دون وجه حق، [١٦] وظلم الإنسان لغيره يتّخذ أشكالًا وألوانًا لا يمكن حصرها، وفيما يأتي بيان أهمها: [١٧] أكل مال اليتيم وقهره: توعَّد الله -سبحانه وتعالى- من أكل مال اليتيم ظلمًا بالعذاب الشَّديد؛ لضعف اليتيم، وعدم قدرته على إثبات حقِّه كالرَّاشدين، قال -سبحانه وتعالى- في محكم التنزيل: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا). [١٨] عدم العدل بين الأولاد: أمر الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- بالعدل بين الأبناء وحذّر من ظلم الآباء للأبناء، فعن النعمانَ بنَ بَشير -رضيَ الله عنه- جاء أبوهُ إلى النبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- فقال له: (إني نَحَلْتُ ابني هذا غلامًا فقال له: أَكُلَّ ولدِكَ له نِحْلةٌ مثلُ هذا؟ قال:لا، قال: فاردُدْهُ).
المراجع ↑ "مادة ظلم" ، معجم المعاني ، اطّلع عليه بتاريخ 10-9-2021. ↑ مجموعة من المؤلفين، موسوعة الأخلاق الإسلامية ، صفحة 319. بتصرّف. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:2577، صحيح. ↑ صالح بن حميد، دروس الشيح صالح بن حميد ، صفحة 4. بتصرّف. ↑ الشعراوي، تفسير الشعراوي ، صفحة 2615. بتصرّف. ↑ سورة يونس، آية:44 ↑ سعيد القحطاني، صلاة المؤمن ، صفحة 1149. بتصرّف. ↑ مجموعة من المؤلفين، موسوعة الأخلاق الإسلامية ، صفحة 326. بتصرّف. ↑ سورة الأنعام، آية:82 ↑ سورة لقمان، آية:13 ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:6937، صحيح. ↑ سورة البقرة، آية:229 ↑ سورة البقرة، آية:114 ↑ سورة طه، آية:124 ↑ سورة الأنعام، آية:144 ↑ ابن العثيمين، مجموع فتاوى ورسائل العثيمين ، صفحة 50. بتصرّف. ↑ عبدالملك بن القاسم، هؤلاء هم خصمك غدا ، صفحة 10-15. تقرير عن الظلم - موضوع. بتصرّف. ↑ سورة النساء، آية:10 ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم:1323، صحيح. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:2454، حديث صحيح. ↑ سورة الإسراء، آية:33 ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:6862، حديث صحيح.
فقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ليسَ كما تَظُنُّونَ؛ إنَّما هو كما قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ: (يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [١٠]). [١١] التّعدي على حدود الله: نهى الله -سبحانه وتعالى- في أكثر من موضع في القرآن الكريم عن الاقتراب من حدوده، ودلّ على ذلك قوله - سبحانه وتعالى-: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّـهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ). [١٢] الصدّ عن مساجد الله: لقد وبّخ الله -سبحانه وتعالى- الذين يصدّون عن سبيل الله بقوله -سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّـهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا أُولَـٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ). مفهوم الظلم وأنواعه - موضوع. [١٣] الإعراض عن آيات الله بتعطيل أحكامها: إنّ من ظلم الإنسان لنفسه الإعراض عن آيات الله -عز وجل-، لأنّه يعرّض نفسه للعقاب الشديد، قال -الله تعالى- في كتابه العزيز: (وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أَعمى).
الظلم الإنسان بطبيعة الحال كائن اجتماعي، وحينما يبدأ اختلاط الناس ببعضهم تقع بينهم الكثير من المظالم، التي تقض مضجعهم وتؤثر سلبًا على حياتهم، وتلك المظالم عادةً تصدر من ذاك الإنسان الذي توارى عن منهج الله، ولم يعضّ على الأمانة التي كُلف بها، وما المشاكل والأزمات التي تحدث للإنسان في العصور على مر الزمان إلا نتيجة الظلم الذي يلقي به الإنسان على الإنسان، أما الذين لا يبدر منهم الظلم فهم قلة، وهم الذين تحملوا الأمانة التي جاءت في التكاليف الشرعية. والظلم هو مجاوزة الحدود مع الآخرين بغير وجه الحق، فيؤخذ الشيء من خلاله ويوضع في غير مكانه، وتهوي بالمظلوم في الدنيا وبالظالم في الآخرة، وتتعلق بحباله مفاسد جمة، وتنتشر مشاعر البغضاء والكره بين الناس به، فالظلم انحراف عن الصراط المستقيم الذي رسمه الله لعباده ومخلوقاته. [١] أنواع الظلم إن الظلم بكل أنواعه لا يتفق مع فطرة الإنسان السليمة، والمنطق القويم، والواقع الموضوعي، فلا يقبل إنسان أن يصفه أحد بالظالم حتى لو ثبت عليه ذلك، وللظلم أنواع كثيرة يمكن اختزالها بأربعة أنواع، هي: [١] الكفر والشرك بالله: وهو أعظم ظلم يرتكبه الإنسان في تفريطه في جنب الله، وهو إنكار وحدانية الله وتفرده بالربوبية والألوهية والأسماء والصفات العلا، أو حتى إنكار وجود الله بالمطلق، وهو ظلم لا يغفره الله ويغفر ما سواه.
ظلم النفس: وهو الظلم الذي ينجم عن تقصير العبد مع الله في أداء فروضه وواجباته واجتناب ما حرمه الله، والتفريط في الصحة وإنفاق المال وإضاعة الوقت، ورحمة الله واسعة، يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء. ظلم العباد للعباد: وهذا النوع من الظلم يحصل عندما تقع المظلمة بين الناس، فيتجاوز الظالم حق المظلوم فتقع الخصومة والكراهية والمقت والضغينة، فلا يغفر الله يوم القيامة للظالم حتى يقتص للمظلوم منه. ظلم المخلوقات: كذلك الأمر بالنسبة للمخلوقات الأخرى كالحيوانات، فضربها وحبسها وتجويعها شكل من أشكال الظلم التي نهانا الله عنها. أسباب الظلم للظلم أسباب كثيرة إلا أن أهمها: [٢] الجهل: فالجهل يعد من أخطر أسباب الظلم، ففي جنة الجهل يقوى الشيطان، ومع الجهل لا يستطيع الإنسان التمييز بين الحق والباطل، وبين الحلال والحرام، وبمعنى أدق لا يستطيع معرفة حكم الشرع في القضايا المختلفة، مما يجعل سلوكه خاطئًا ومنحرفًا ونفسه ظالمة، لهذا جعل الإسلام طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة. الهوى: إن تطغى على الإنسان أنانيته وحب ذاته، حينها سوف يتبع هوى نفسه، مما يجعله بعدئذٍ يظلم نفسه أو غيره، فاتباع الناس لما تسوله لهم أنفسهم يؤدي إلى الفرقة والنزاع والخصام، وهذا بدوره يؤدي إلى الفساد والهلاك.