وما تفعله أكثر نساء هذا الزمان من التهتك والتبرج وإظهار الزينة والذهب ما هو إلا مجاهرة بالعصيان، وتشبه بالنساء الكافرات، وإثارة للفتنة، وذلك أن خروج المرأة وقد كشفت رأسها أو عنقها أو نحرها أو ذراعيها أو ساقيها من أعظم المنكرات المخالفة للشرع المطهر. وكذلك خروجها بالثياب المظهرة للمفاتن أو الشفافة التي لا تستر ما تحتها، فهذا ونحوه كله من التبرج الذي حَرَّمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم [3]. أسباب التبرج. [1] تفسير آيات الحجاب (ص:19). [2] حراسة الفضيلة (ص:70). [3] الإرشاد إلى طريق النجاة (ص:79-80). مرحباً بالضيف
حمى الله نساءنا وبناتنا ونساء المسلمين، وهداهن إلى كل خير وفضيلة، وأعاذهن بمنِّه وكرمه من كل شر ورذيلة. أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم. تعريف التبرج. الخطبة الثانية: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله وأمينُه على وحيه؛ صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد عباد الله: اتقوا الله تعالى، وراقبوه سبحانه مراقبة من يعلم أن ربَّه يسمعُه ويراه.
التبرج، لفظ قرآني ، وهو بمعنى: عرض المرأة نفسها بجمالها وزينتها للرجل الأجنبي، ويشمل جميع الأعمال الصادرة عن النساء، التي يتمّ من خلالها الاستعراض والإظهار، ولفت أنظار الرجال مما قد يُؤدي إلى فتنتهم، والتأثير في قلوبهم. ويُبحث عن التبرج في عدّة مواطن من الفقه وذلك بمعنييه: الأول: التبرّج بمعنى إظهار الزينة، وله أحكام ذكرها الفقهاء منها: أنواع التبرج، وعدم قبول شهادة المتبرّجة. الثاني: التبرّج بمعنى الظهور مقابل الاحتجاب. لغـةً: التبرّج: من البُرج، وهو الأمر الظاهر المرتفع، ومعناه: إظهار المرأة زينتها وإبداء محاسنها للرجال، [1] ممّا يستدعي إثارة شهوتهم. [2] اصطلاحـاً: استعمله الفقهاء في نفس معناه اللغوي، ويقابله عندهم الستر والعفاف والاحتجاب، كما قد يُستعمل بمعنى مقابل للحجب والاحتجاب. [3] *في القرآن والأحاديث* ذُكر مصطلح التبرج في القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾. [4] كذلك أشير في الأحاديث وكتب التفسير عن التبرج والنهي عنه، كارتداء الملابس الكاشفة للجسد، والتشبه بالرجال، والتعطر أكثر من الحدّ، وغير ذلك مما يلفت نظر الرجال، وكل ما كان قبل الشرع من سيرة الكفر وقلة الغيرة، ونحو ذلك من مصاديق لمعنى الجاهلية الأولى.
وبما تقدم يُعلم أن السُّـفُور يعني: كشف الوجه، أما البرج فيكون بإبداء الوجه أو غيره من البدن أو من الزينة المكتسبة، فالسفور أخص من التبرج، وأن المرأة إذا كشفت عن وجهها فهي سافرة متبرجة، وإذا كشفت عما سوى الوجه من بدنها أو الزينة المكتسبة فهي متبرجة حاسرة. هذه حقيقة التبرج، و السفور. وقد دلَّ الكتاب والسنة والإجماع على تحريم تبرج المرأة، وهو إظهارها شيئًا من بدنها أو زينتها المكتسبة التي حرَّم الله عليها إبداءها أمام الرجال الأجانب عنها. كما دلَّ الكتاب والسنة والإجماع العملي على تحريم سفور المرأة، وهو كشفها الغطاء عن وجهها. والتبرج يعبر عنه وعن غيره من مظاهر الفساد بلفظ: التكشف، والتهتك، والـعُري، والتحلل الـخُلُقي، والإخلال بناموس الحياة، وداعية الإباحية: الـزنــا. وهو محرّم في الشرائع السابقة، وهو في القانون الوضعي محرم على الورق وليس له نصيب من الواقع؛ لأنه ممنوع بعصا القانون. أما في الإسلام فهو محرّم بوازع الإيمان ، ونفوذ سلطانه على قلوب أهل الإسلام طواعية لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وتحليًا بالعفة والفضيلة، وبعدًا عن الرذيلة، وانكفافًا عن الإثم، واحتسابًا للأجر والثواب، وخوفًا من أليم العقاب، فَعَلى نساء المسلمين أن يتقين الله، فينتهين عما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم، حتى لا يُسهمن في إدباب الفساد في المسلمين، بشيوع الفواحش، وهدم الأسر والبيوت، وحلول الزنا ، وحتى لا يكنَّ سببًا في استجلاب العيون الخائنة، والقلوب المريضة إليهن، فيَـأْثمن ويُؤثِّمن غيرهن.
[4] وقال أبو البقاء الكفوي: ( الغفران يقتضي إسقاط العقاب ، ونيل الثَّواب، ولا يستحقُّه إلَّا المؤمن، ولا يُستعمل إلَّا في البارئ تعالى. والسَّتْـرُ: أخص من الغُفْران إذ يجوز أن يَسْتر ولا يَغْفر). [5] الستر في القرآن [ عدل] قال مجاهد في قوله تعالى " وَلا تَجَسَّسُوا " أي (خذوا ما ظهر لكم، ودعوا ما سَتَر الله)، وقال الطبري: (وقوله تعالى "وَلا تَجَسَّسُوا " أي ولا يتتبَّع بعضكم عَوْرة بعض، ولا يبحث عن سرائره، يبتغي بذلك الظُّهور على عيوبه، ولكن اقنعوا بما ظهر لكم من أمره، وبه فاحمدوا أو ذمُّوا، لا على ما لا تعلمونه من سرائره). الستر - ويكيبيديا. [6] قال القرطبي: (معنى تَسْتَتِرُونَ: تستخفون، في قول أكثر العلماء، أي: ما كنتم تستخفون من أنفسكم حذرًا من شهادة الجوارح عليكم، ولأنَّ الإنسان لا يمكنه أن يُخفِي من نفسه عمله، فيكون الاستخفاء بمعنى ترك المعصية). [7] وقال البيضاوي: (أي: كنتم تَسْتَتِرون عن النَّاس عند ارتكاب الفواحش ، مخافة الفضيحة، وما ظننتم أنَّ أعضاءكم تشهد عليكم بها، فما اسْتَـتَــرْتم عنها. وفيه تنبيه على أنَّ المؤمن ينبغي أن يتحقَّق أنَّه لا يمرُّ عليه حال إلا وهو عليه رقيب. ((وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ)) [فصِّلت: 22] فلذلك اجترأتم على ما فعلتم).
عرض برنامج "حياة كريمة" مثالًا رائعًا للرضا بما قسمه الله للعبد، حيث بالرضا يفوز الإنسان بالدنيا والآخرة، وهذا ما كشفه الحاج وجدي بائع المخبوزات بشوارع المحروسة. الرضا بما قسمه الله للعبد تقدمت أسرة برنامج "حياة كريمة" المذاع عبر فضائية DMC، بدفع قيمة المخبوزات التي كانت توجد مع الرجل دون أخذها كي يبيعها مرة أخرى، حيث عبر الحاج وجدي عن رغبته الملحة في تعليم أبنائه الصغار: "أنا اتحرمت من التعليم وبلف في الشوارع بالكعك ده علشان أبيعه وأصرف على عيالي ومش محتاج غير الستر والصحة ليا ولأولادي". ورفض الحاج وجدي في نهاية اللقاء أخذ أي مبالغ مالية أخرى من مقدم البرنامج، معبرًا "فيه ناس محتاجة المساعدة أكثر مني بكثير، وأنا مش ببص لفوق أنا بعيش اليوم بيومه وأهم حاجة أنا وولادي بصحة كويسة وراضي ومبسوط بحياتي الحمد لله ولو هاكلها بالملح".
ألّا يكون الحجابُ رقيقاً؛ فيُظهِرُ ما تحتهُ من الجسد، أو يكشف تحته ثياباً تثير الفتنة لدى الرجالِ الأجانب، وقد بيّن الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام- لأسماء بنت أبي بكرٍ -رضي الله عنهما- عندما دخلت عليه بثيابٍ رقيقةٍ، فقال لها: (يا أسماءُ إن المرأةَ إذا بلغتِ المَحِيضَ لم يَصْلُحْ أن يُرَى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهِه وكَفَّيْهِ) ؛ [٨] ذلك أنَّ رسول الله -عليه الصلاة والسلام- لم يَعتبر ما كانت تلبسهُ أسماء بنت أبي بكر حجاباً؛ لأنَّه يُظهرُ ما تحتهُ مما يثيرُ الفتنة، ويبتعد عن مفهومِ السترِ والحجاب الشرعي المعروف في الدين الإسلامي. البعد في شكل الحجاب عن التشبه بلباسِ الرجال؛ أي تشبُّه النساء بالرجال؛ ذلك أنّ تشبه النساء بالرجال منهيٌّ عنه في الدين الإسلامي؛ لما فيه من تغييرٍ لخلقِ الله ومخالفة لصفة الحجابِ الشرعي الصحيح؛ للحديث الوارد عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنه- قال: ( لعنَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ؛ المتشبِّهاتِ بالرِّجالِ منَ النِّساءِ والمتشبِّهينَ بالنِّساءِ منَ الرِّجالِ) ، [٩] فإنَّهُ يحرم على النساءِ التشبهَ بالرجالِ في جميع النواحي والمجالات في اللباسِ، وفي غير اللباس، وفي المقابل يحرم تشبُّه الرجال بالنساء.