لقد كانت نسويتها ممارسة فلسفيّة وجوديّة يوميّة لا ثرثرة حفلات الكوكتيل الباريسيّة، ونسقاً يتجاوز السفسطة الأكاديميّة المحض، ولم يكن ممكناً تعليبها في صندوق نظري خشبي لترضي المناضلات. وللحقيقة يكاد سوء الفهم لنسويّة دي بوفوار يتكرر اليوم مجدداً نظراً للموقف السلبي منها الذي يتخذه أنصار التحوّل الجنسي وبدعة الجنس الثالث كرجعيّة وضحيّة للمجتمع البطريركيّ! ولعل جملتها الأشهر في «الجنس الآخر» بأن «المرء لا يولد امرأة، لكنه يصبح كذلك» المثال الكلاسيكي على المدى الذي يمكن الذهاب إليه في قلب المعاني وتحميل النصوص ما لا تحتمل؛ إذ إن الأكثرية أخذت بظاهر النّص بالفرنسيّة معزولة عن السياق الكلي للكتاب ولفلسفة دي بوفوار، وضاعفت خيانة المترجمين إلى الإنجليزيّة من ذلك، مع أن مقصدها تحديداً هو أن «الإنسانة لا تولد امرأة، ولكنها تصير كذلك»، وأنها كتبت بأن الاعتراف بالمرأة إنساناً - تساوياً مع الرجل - كما تدعو الحراكات النسويّة فذلكة نظريّة مجرّدة، لأن «المرأة ببساطة ليست رجلاً». من المقرر نشر رواية جديدة لسيمون دي بوفوار في عام 2021. وقد انتظرنا سبعين عاماً من صدور «الجنس الآخر» كي توثق لنا كارولين كرايدو بيريز في كتابها «النساء اللامرئيّات - 2020» واقع كون المساواة العمياء تميل بحكم تجّذّر الذكوريّة في ثقافة المجتمعات لجهة الرجل دون المرأة؛ إذ سرعان ما تتوارى النّساء في الكلمات المحايدة «الجندر» مثل «الشخص» أو «الإنسان» أو «المرء»، فتقرأ في اللاوعي الجمعي كأنها تشير أساساً إلى الرّجال.
"تعلمت ألم الوجود، لقد نُفيت من جنة الطفولة و لم أجد مكاناً بين الكبار. " "كنت أحس أني أملك من القوى ما يمكني من أن أقلب الأرض ولكني لم أجد حصاة واحدةأحركها. كانت خيبتي شديدة: ( اني أكثر جدا مما أستطيع عمله)" "كم هو كليّ حضور الإنسان،وكم هو جذري غيابه. سيمون دي بوفوار - لتبرير "نقص المرأة" ، لم يتجه كارهو النساء للدين... - حكم. " "إنّ الحياة لا تتجزأ، يجب أن تؤخذ ككل، فإما الكل أو لا شيء، كل ما هناك أنّنا لا نملك الوقت الكافي لكل شيء، هذه هي المأساة. " "جسد المرأة هو أحد العناصر الأساسية من وضعها في العالم. ولكن وحده لا يكفي لتعريفها إذ ليس له واقع من واقع وجودي إلا عن طريق الشعور ومن خلال فعلها ضمن المجتمع" "لا يتولد لدى الشخص الشعور بذاته ويستكمل نفسه بصفته جسما فقط وإنما بصفته جسما خاضاً للمعتقدات والقوانين الاجتماعية" "كان مستحيلاً ألا يعللها من وقت لآخر بتعابير لطيفة أو طيف ابتسامة لتحفظها في قلبها ذخائر تساعدها على اجتراح المعجزات، فيما لو أحسّت صدفة أن إيمانها قد تهاوى. " المثقفون I "علمتني تجربتي أنه لو اكتفينا بالقليل ، لن نحصل على الكثير. لا مصلحة لنا في الحد من طموحاتنا. " "البشر ليسوا أرواحاً وانما هم أجساد فريسة الحاجة ملقاة في مغامرة قاسية" Memoirs of a Dutiful Daughter
والواضح أن دي بوفوار التي اتُهمت من قبل الكثيرين بالمروق والتحلل الأخلاقي، لم تكن من صنف النساء الرومنسيات اللواتي يستسلمن بسهولة للعواطف المجردة، خصوصاً أنها لم تتوان في كتابها «وانتهى كل شيء» عن القول: «لا أحب الشعر أبداً، ولا يوقظ الشعر الحديث أي صدى في داخلي». ولعل نزوعها الدائم إلى «عقلنة» مشاعرها، هو الذي يكشف بوضوح عن تحول علاقتها بسارتر إلى نوع من الصداقة الفكرية الطويلة التي عمقتها رؤيتهما المشتركة إلى الوجود كما إلى الكتابة، وهي التي اعتبرت أن أياً من الكتب التي قرأتها، لم يوفر لها المتعة والفائدة اللتين وفرهما لها سارتر في كتاب «الكلمات». لم يغب عن بال دي بوفوار بالطبع، أن الرجل الذي ارتبطت به ليس واحداً من الذين يمرون على الأرض مرور الكرام، وأن بقاء اسمها عبر الزمن لا يعود إلى نتاجها الفكري فحسب، بل هو ثمرة ارتباطها ولو بكلفة عالية، بصاحب «الأدب الملتزم» الذي لم يقتصر دوره في القرن الفائت على التنظير الفلسفي وحده، بل بات بالنسبة للكثيرين رمزاً ساطعاً لكل ما يتعلق بالدفاع عن العدالة والحرية وكرامة الإنسان. سيمون دي بوفوار الجنس الاخر pdf. وبقدر ما استطاعت علاقة الثنائي الشائكة والفريدة أن تصمد في وجه الأعاصير، حرصت صاحبة «الجنس الآخر» كل الحرص، على أن يكون سارتر حاضراً كمفكر ورجل معشوق، في معظم ما أصدرته من أعمال.