ومن هنا فالأولى لك أن تدعو قريبك وجارك إلى وليمة عرسك للتقرب منه ومناصحته ودعوته، وهذا من حقوقه عليك، فبين له خطر ترك الصلاة وعقوبة تاركها بقول لين سهل يأخذ بمجامع قلبه ولا ينفره، ومن الحكمة في ذلك أن تنصحه على انفراد أو ترتب خلال جلسة الوليمة لكلمة وعظية من أحد الدعاة الربانيين وتذكر له الغرض ليتطرق إليه خلال كلمته ويركز عليه. وأما الحديث الذي ذكرت وفيه يقول صلى الله عليه وسلم: لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي. فقد أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي. لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقى. ومعناه كما قال المناوي في فيض القدير: لا تصحب إلا مؤمناً. وكامل الإيمان أولى لأن الطباع سراقة... وصحبة من لا يخاف الله لا يؤمن غائلتها لتغيره بتغير الأعراض، قال الله تعالى: وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا. والطبع يسرق من الطبع من حيث لا يدري.... (ولا يأكل طعامك إلا تقي) لأن المطاعمة توجب الألفة وتؤدي إلى الخلطة؛ بل هي أوثق عرى المداخلة. ومخالطة غير التقي تخل بالدين وتوقع في الشبه والمحظورات؛ فكأنه ينهى عن مخالطة الفجار إذ لا تخلو عن فساد إما بمتابعة في فعل أو مسامحة في إغضاء عن منكر، فإن سلم من ذلك ولا يكاد فلا تخطئه فتنة الغير به.
وقال صلى الله عليه وسلم: لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه الألباني. وقال الشاعر: عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه * فكل قرين بالمقارن مقتدي. وأما النهي: فقد حمله بعضهم على الكافر والمنافق، وحمله بعضهم على من كان ناقص الإيمان، قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: قوله: لا تصاحب إلا مؤمناً ـ أي كاملاً، بل مكملاً، أو المراد منه النهي عن مصاحبة الكفار والمنافقين، لأن مصاحبتهم مضرة في الدين، فالمراد بالمؤمن من جنس المؤمنين. انتهى. تخريج حديث "لا تصحب إلا مؤمناً ..". وقال المناوي في التيسير بشرح الجامع الصغير: وكامل الإيمان أولى، لأن الطباع سراقة ولذلك قيل: ولا يصحب الإنسان إلا نظيره * وإن لم يكونوا من قبيل ولا بلد. فصحبة الأخيار تورث الفلاح والنجاح ومجرد النظر إلى أهل الصلاح يؤثر صلاحاً والنظر إلى الصور يؤثر أخلاقاً وعقائد مناسبة لخلق المنظور وعقيدته كدوام النظر إلى المحزون يحزن وإلى المسرور يسر والجمل الشرود يصير ذلولاً بمقارنة الذلول، فالمقارنة لها تأثير في الحيوان، بل في النبات والجماد ففي النفوس أولى وإنما سمي الإنسان إنساناً، لأنه يأنس بما يراه من خير وشر. انتهى. ويستثنى من هذا النهي ما إذا كانت مصاحبتهم لأجل النصيحة والدعوة إلى الخير، مع أمن التضرر والتأثر بهم والانجرار إلى المعاصي بسببهم، فهذا مما يندب وقد يجب بحسب طمع العبد في هداهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة.
وقد أورده السيوطي في الجامع الكبير عن الرامهرمزي، وصحح إسناده. وقد اغتر بهذا بعض الأفاضل، فجعلوه شاهداً لحديث أبي سعيد رضي الله عنه. والحق أن هذا إسناد أشبه بكونه موضوعاً. ففيه قتادة بن رستم (أو وسيم) راو مجهول. ذكر له الذهبي في الميزان 3/385 حديثاً بنفس الإسناد عن ابن عمر رضي الله عنه، قال: قال رسول لله صلى الله عليه وسلم: الويل كل الويل لمن ترك عياله بخير، وقدم على ربه بشرّ. شرح حديث : لا تصاحب إلا مؤمنا ، للعلامة الإمام عبدالعزيز بن باز رحمه الله - YouTube. ثم قال: هذا وإن كان معناه صحيحاً، فهو موضوع. رواه قتادة عن إبراهيم بن أحمد العسكري، مجهول مثله. أهـ فيبعد أن يتفرد مثل هذا الراوي بمثل هذا الإسناد. والحديث ضعفه الشيخ الألباني رحمه الله في الضعيفة 6637، وذكر كلاماً متيناً، فانظره هناك. حديث عائشة رضي الله عنها أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط 8840، وأبو نعيم في الأربعين على مذهب الصوفية 33، من طريق محمد بن بكير عن عبد الله بن ثابت عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يدخل بيتك إلا تقي، ولا تولي معروفك إلا مؤمنا ". قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن القاسم إلا أبو الأسود، ولا عن أبي الأسود إلا ابن لهيعة، تفرد به: محمد بن بكير.
الدعاء
Powered by vBulletin® Version 3. 8. 11 Copyright ©2000 - 2022, vBulletin Solutions, Inc. جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها وقرار البيع والشراء مسؤليتك وحدك بناء على نظام السوق المالية بالمرسوم الملكي م/30 وتاريخ 2/6/1424هـ ولوائحه التنفيذية الصادرة من مجلس هيئة السوق المالية: تعلن الهيئة للعموم بانه لا يجوز جمع الاموال بهدف استثمارها في اي من اعمال الاوراق المالية بما في ذلك ادارة محافظ الاستثمار او الترويج لاوراق مالية كالاسهم او الاستتشارات المالية او اصدار التوصيات المتعلقة بسوق المال أو بالاوراق المالية إلا بعد الحصول على ترخيص من هيئة السوق المالية.
طريق آخر عن أبي سعيد: أخرجه أبو يعلى في مسنده 1106، 1332 عن عبد الله بن يزيد المقرئ عن سعيد بن أبي أيوب عن عبد الله بن الوليد عن أبي سليمان الليثي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مثل المؤمن ومثل الإيمان كمثل الفرس في آخيته ، يجول ثم يرجع إلى آخيته ، وإن المؤمن يسهو ثم يرجع إلى الإيمان ، فأطعموا طعامكم الأتقياء ، وأولوا معروفكم المؤمنين ". وأخرجه أحمد في المسند 11532، وأبو الشيخ في أمثال الحديث 352، والشهاب في مسنده 1356، مقتصراً على الفقرة الأولى منه. وأخرجه البرجلاني في الكرم 41، وابن أبي الدنيا في الإخوان 196، وفي إصطناع المعروف 48، مقتصراً على الفقرة الأخيرة منه موضع الشاهد. وتوبع المقرئ عليه؛ تابعه عبد الله بن المبارك عن سعيد بن أبي أيوب به، بمثل رواية أبي يعلى السالفة. أخرجه أحمد في المسند 11543، وهو في الزهد لابن المبارك رواية الحسين المروزي 73، وأخرجه محمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة 650، وابن فيل في جزئه 58، وابن حبان في صحيحه 616، وابن بشر في أماليه 22، وأبي نعيم في الحلية 8/179، والشهاب في مسنده مختصراً 1355، والبيهقي في شعب الإيمان 7/452، والبغوي في شرح السنة 3485.