فمعاجم اللغة تقول: "كار الرجل العمامة: أدارها على رأسه، وكل دور كور، ويقال: كورت الشيء، إذا لففته على جهة الاستدارة". • وللأرض حركة سبح في الفضاء، على العكس مما يحسبه الإنسان، فحين يقف أمام جبل يحسبه جامدًا في مكانه، لكن القرآن يقرر بوضوح أن الجبال - وهي من المعالم الرئيسية في الأرض - تمر مر السحاب، ومن ثم لا بد أن تكون الأرض التي تحمل هذه الجبال تمر مر السحاب: ﴿ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النمل: 88]. وصعود الإنسان في طبقات الجو العليا، دون احتياطات من أخطار هذا التصعيد، يعرضه إلى خلل في أداء الوظائف الحيوية، ينتج عنه شعور بالضيق الشديد، وغثيان، وآلام حادة ونزيف، ويشير القرآنُ إلى ما يصيب الإنسان أثناء تصعيده في طبقات الجو العليا، فيقول: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنعام: 125].
كما يقول: [لا تظن يا إنسان أن العالم المنظور بلا بداية لمجرد أن الأجسام السماوية تتحرك في فلك دائري ويصعب علي حواسنا تحديد نقطة البداية، أي متي تبدأ الحركة الدائرية، فتظن أنها بطبيعتها بلا بداية [22]]، ويقول: [الذي بدأ بزمن ينتهي أيضًا في زمن [23]]. هنا لا يعني وجود زمن في بداية الحركة للعمل إنما يؤكد انتزاع فكرة الأزلية، فمع عدم وجود زمن لكنه وجدت بداية قبلها إذ كان العالم عدمًا. وقد جاء العلم يؤكد عدم أزلية المادة [24]. ويأخذ كثير من الآباء بجانب هذا التفسير الحرفي أو التاريخي "في البدء" التفسير الرمزي أو الروحي، فيرون أنه يعني "في المسيح يسوع" أو "في كلمة الله" خُلقت السموات والأرض، وفيما يلي بعض كلمات الآباء في هذا الشأن: v الابن نفسه هو البدء. فعندما سأله اليهود: من أنت؟ أجابهم: "أنا هو البدء" (يو 8: 25). التدرج في خلق السماوات والأرض. هكذا في البدء خلق الله السموات والأرض. القديس أغسطينوس v من هو بدء كل شيء إلاَّ ربنا ومخلص جميع الناس (1 تي 4: 10) يسوع المسيح، "بكر كل الخليقة" (كو 1: 15)؟ ففي هذا البدء، أي في كلمته "خلق الله السموات والأرض"، وكما يقول الإنجيلي يوحنا في بداية إنجيله: "في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله، هذا كان في البدء عند الله، كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان" (يو 1: 1-3).
فأصل خلق الأرض قبل خلق السماء، ودحوها بجبالها وأشجارها ونحو ذلك، بعد خلق السماء. ويدل لهذا أنه قال: { والأرض بعد ذلك دحاها} ولم يقل: خلقها، ثم فسر دحوه إياها بقوله: { أخرج منها ماءها ومرعاها} وهذا الجمع الذي جمع به ابن عباس بين هاتين الآيتين واضح لا إشكال فيه. مفهوم من ظاهر القرآن العظيم " انتهى. ثم ذكر آية سورة البقرة ، وبين أن المراد بالخلق فيها: التقدير، أو خلق أصل الأرض. وذكر وجها آخر للجمع، وهو أن قوله: { والأرض بعد ذلك دحاها} أي مع ذلك، فلفظة (بعد) بمعنى (مع) ، مثل قوله تعالى: { عتل بعد ذلك زنيم}. أيهما خلق أولا السماء أم الأرض - بدء الخلق وعجائب المخلوقات - الإسلام سؤال وجواب - طريق الإسلام. وهذا الجمع يُستأنس له بالقراءة الشاذة، وبها قرأ مجاهد { والأرض مع ذلك دحاها}. فتكون آية النازعات لا ذكر فيها للترتيب بين خلق السموات والأرض، وحينئذ فلا تعارض بينها وبين آية البقرة وفصلت. ينظر: "دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب" للعلامة محمد الأمين الشنقيطي، مطبوع مع تفسيره "أضواء البيان" (10/16- 18). والله أعلم. 50 15 93, 274
السؤال: يقول القرآن: إن الله خلق السماوات والأرض في ستة أيام هل بإمكانكم توضيح ذلك لنا في ضوء معرفتنا بأنه يكفي أن يقول الله كُنْ فَيَكُونُ [يس:82]؟ الجواب: خلق الله سبحانه السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، كما أخبر وهو الصادق جل وعلا أنه خلقها في ستة أيام، وهو قادر على أن يخلقها في لمحة بصر، كما قال : إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شيئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:82].
أن هذه العبارة تشير لأن الله خلق المواد الأولية في صورة غير كاملة ثم تأتى باقى آيات الإصحاح لتشرح كيف إستخدم الله هذه المواد الأولية (المشار لها هنا بكلمة الأرض) ليصنع منها أرضنا الجميلة. وهذا الرأى هو الأرجح. وتصبح كلمة الأرض هنا بمعنى المواد الأولية التى سيصنع الله منها الأرض. لخلق السموات والارض اكبر من خلق الناس. عظات على سفر التكوين للعلامة أوريجانوس – العظة الأولى الخليقة تفسير سفر التكوين 1 للقمص تادرس يعقوب ملطي تفسير سفر التكوين 1 للقس أنطونيوس فكري
قال الراغب الأصفهاني في مفرداته: اليوم -في لغة العرب- يعبر به عن وقت طلوع الشمس إلى غروبها، وقد يعبر به عن مدة من الزمان أي مدة كانت. وقال القرطبي في تفسير الأيام: "في ستة أيام" أي من أيام الآخرة أي كل يوم ألف سنة لتفخيم خلق السماوات والأرض.... وذكر هذه المدة ولو أراد خلقها في لحظة لفعل، إذ هو القادر على أن يقول لها "كوني فتكون" ولكنه أراد أن يعلم العباد الرفق والتثبت في الأمور.... وحكمة أخرى من خلقها في ستة أيام لأن لكل شيء عنده أجلا... ولعل هذه الأيام عبارة عن ستة أزمنة وآماد لا يعلم مداها إلا الله تعالى يتحدد كل يوم منها بما تم فيه من عمل، أو ست دورات فكلية لا نعلمها، وهي غير أيامنا المرتبطة بالدورة الشمسية، أو ستة أطوار مرت على هذه المخلوقات. كل ذلك محتمل واللغة العربية تساعد عليه، والدين لا يمنع منه. أفاده القرضاوي في هدي الإسلام. ويقول سيد قطب في تفسير سورة الأعراف من كتابه في ظلال القرآن: فأما الأيام الستة التي خلق الله فيها السموات والأرض فهي غيب لم يشهده أحد من البشر، ولا من خلق الله جميعاً: مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ [الكهف:51].