سيرته ولد أبو جعفر عبد الله بن جعفر بن أبي طالب في السنة الهجرية الأولى في الحبشة ، حيث كانت هجرة أبويه جعفر بن أبي طالب وأسماء بنت عميس ، [4] وهو أول مولود ولد بها في الإسلام [1] وقد عاد مع عائلته إلى المدينة المنورة بعد الهجرة النبوية إليها، وعودة مهاجري الحبشة. ولم يمض الكثير حتى توفي أبوه في غزوة مؤتة سنة 8 هـ، فكفل النبي محمد أسرة ابن عمه جعفر بن أبي طالب. [4] وقد تزوجت أمه أسماء بعد أبيه من أبي بكر الصديق ، وأنجبت له محمد بن أبي بكر ، إلى أن مات عنها، فتزوجت من عم عبد الله علي بن أبي طالب، فأنجبت له يحيى بن علي، فيكون محمد بن أبي بكر، ويحيى بن علي أخويه لأمه. [2] سمع عبد الله من النبي محمد ، وروى عنه أحاديث رغم صغر سنه، لذا فهو معدود في صغار الصحابة ، وهو أصغر بني هاشم ممن لهم صحبة للنبي محمد. كما بايع عبد الله بن جعفر وعبد الله بن الزبير النبي محمد سنة 8 هـ، وهما ابنا سبع سنين، فلما رآهما النبي تبسّم، وبسط يده، وبايعهما. [4] وقد نشأ عبد الله بن جعفر في المدينة، وعلا شأنه فيها ونمت تجارته، حتى غدا كبير الشأن فيها، واشتهر عبد الله بالكرم والجود، حتى سُميّ «بحر الجود»، [1] [2] وصار كرمه مضرب الأمثال.
فخرجنا إليه أرسالا ، حتى اجتمعنا فنزلنا بخير دار إلى خير جار أمنا على ديننا. قال الشعبي: تزوج علي أسماء بنت عميس ، فتفاخر ابناها محمد بن جعفر ومحمد بن أبي بكر ، فقال كل منهما: أبي خير من أبيك. فقال علي: يا أسماء ، اقضي بينهما. فقالت: ما رأيت شابا كان خيرا من جعفر ، ولا كهلا خيرا من أبي بكر. فقال علي: ما تركت لنا شيئا ، ولو قلت غير هذا لمقتك. فقالت: والله إن ثلاثة أنت أخسهم لخيار. مجالد: عن الشعبي ، عن عبد الله بن جعفر ، قال: ما سألت عليا شيئا بحق جعفر إلا أعطانيه. ابن مهدي ، حدثنا الأسود بن شيبان ، عن خالد بن شمير ، قال: قدم علينا عبد الله بن رباح ، فاجتمع إليه ناس ، فقال: حدثنا أبو قتادة ، قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيش الأمراء ، وقال: " عليكم زيد ، فإن أصيب فجعفر ، فإن أصيب جعفر ، فابن رواحة ". فوثب جعفر ، وقال: بأبي أنت وأمي ، ما كنت أرهب أن [ ص: 209] تستعمل زيدا علي. قال: امضوا; فإنك لا تدري أي ذلك خير. فانطلق الجيش ، فلبثوا ما شاء الله ، ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صعد المنبر ، وأمر أن ينادى: " الصلاة جامعة ". قال - صلى الله عليه وسلم -: " ألا أخبركم عن جيشكم ، إنهم لقوا العدو ، فأصيب زيد شهيدا ، فاستغفروا له ، ثم أخذ اللواء جعفر ، فشد على الناس حتى قتل ، ثم أخذه ابن رواحة ، فأثبت قدميه حتى أصيب شهيدا ، ثم أخذ اللواء خالد ، ولم يكن من الأمراء - هو أمر نفسه - فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصبعيه وقال: اللهم هو سيف من سيوفك فانصره - فيومئذ سمي سيف الله -.
قلت: ما ذاك بكثير ، جائزة ملك الدنيا لمن هو أولى بالخلافة منه. قال مصعب الزبيري: هاجر جعفر إلى الحبشة ؛ فولدت له أسماء ؛ عبد الله ، وعونا ومحمدا. إسماعيل بن عياش: عن هشام بن عروة ، عن أبيه: أن عبد الله بن جعفر وابن الزبير بايعا النبي - صلى الله عليه وسلم - وهما ابنا سبع سنين ، فلما رآهما النبي - صلى الله عليه وسلم - تبسم ، وبسط يده ، وبايعهما. محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب ، عن الحسن بن سعد ، عن عبد الله [ ص: 458] ابن جعفر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتاهم بعد ما أخبرهم بقتل جعفر بعد ثالثة ، فقال: لا تبكوا أخي بعد اليوم. ثم قال: ائتوني ببني أخي ، فجيء بنا كأننا أفرخ ، فقال: ادعوا لي الحلاق. فأمره ، فحلق رءوسنا ، ثم قال: أما محمد ؛ فشبه عمنا أبي طالب ، وأما عبد الله ؛ فشبه خلقي وخلقي. ثم أخذ بيدي ، فأشالها. ثم قال: اللهم اخلف جعفرا في أهله ، وبارك لعبد الله في صفقته. قال: فجاءت أمنا ، فذكرت يتمنا. فقال: العيلة تخافين عليهم وأنا وليهم في الدنيا والآخرة ؟. رواه أحمد في " مسنده ". وروى أيضا لعاصم الأحول ، عن مورق العجلي ، عن عبد الله بن جعفر ، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قدم من سفر ، تلقي بالصبيان من أهل بيته ، وإنه قدم مرة من سفر ، فسبق بي إليه ، فحملني بين يديه ، ثم جيء بأحد ابني فاطمة ، فأردفه خلفه ، فدخلنا المدينة ثلاثة على دابة.
قال: فعوضني الله من يدي جناحين أطير بهما مع جبريل وميكائيل في الجنة آكل من ثمارها ". وعن أسماء ، قالت: دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فدعا بني جعفر ، فرأيته شمهم ، وذرفت عيناه ، فقلت: يا رسول الله ، أبلغك عن جعفر شيء ؟ قال: " نعم ، قتل اليوم. فقمنا نبكي ، ورجع ، فقال: اصنعوا لآل جعفر طعاما; فقد شغلوا عن أنفسهم ". [ ص: 212] وعن عائشة ، قالت: لما جاءت وفاة جعفر ، عرفنا في وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - الحزن. أبو شيبة العبسي: حدثنا الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " رأيت جعفر بن أبي طالب ملكا في الجنة ، مضرجة قوادمه بالدماء ، يطير في الجنة ". عبد الله بن جعفر المديني: عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة مرفوعا: " رأيت جعفرا له جناحان في الجنة ". وجاء نحوه عن ابن عباس والبراء عن النبي - صلى الله عليه وسلم. ويقال عاش بضعا وثلاثين سنة - رضي الله عنه. [ ص: 213] عبد الله بن نمير: عن الأجلح ، عن الشعبي ، قال: لما رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خيبر تلقاه جعفر ، فالتزمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقبل بين عينيه ، وقال: " ما أدري بأيهما أنا أفرح: بقدوم جعفر ، أم بفتح خيبر ".
هذا الشهيد عون بن عبد الله بن جعفر يذكره سليمان بن قبة او قتة في قصيدته او في رثاءه، عنده قصيدة جميلة لامية: عين جودي بعبرة وعويلي واندبي ان ذكرت آل الرسول ثم يقول: واندبي ان بكيت عوناً اخاه ليس فيما ينوبهم بخذول فلعمري لقد اصبت ذوي القربى فأبكي على المصاب الجليل نعم هذا واندبي ان بكيت عوناً، يشير الى هذا المقاتل البطل عون بن عبد الله بن جعفر يعني ابن العقيلة زينب صلوات الله وسلامه عليها وان سنحت لي الفرصة سأتحدث عن اخيه محمد بن الحوراء زينب، ابن عبد الله بن جعفر في حلقة قادمة.
ولقد روى عدة أحاديث، وروى عنه أولاده، وأبو جعفر الباقر، والقاسم بن محمد، والشعبي، وعروة بن الزبير، وآخرون م، ومما رواه قوله: "أردفني رسول الله ذات يوم خلفه فأسر إلي حديثاً لا أحدث به أحداً من الناس". وكذلك ما رواه ابن عساكر عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قوله: "يا عبد الله هنيئاً لك مريئاً. خلقت من طيني، وأبوك يطير مع الملائكة في السماء". انتقل إلى الرفيق الأعلى في المدينة المنورة سنة ثمانين للهجرة وعمره ثمانون عاماً ووري جسده الشريف البقيع وكان والي المدينة أبان بن عثمان بن عفان، فلما حضر غسله كفنه وحمله مع الناس وقد ازدحم على حمله ثم لم يفارقه حتى دفنه ودموعه تسيل وهو يقول عنه: كنت والله خيراً لا شر فيك، وكنت والله شريفاً واصلاً براً.
من مصادر الترجمة: السير [1/206]. وحلية الأولياء [1/114 – 118]. وأسد الغابة [1/341]. المصدر: موقع الكلم الطيب. 6 0 21, 132