ظل هذا الأدب مجهولاً ولا يُعرف عنه إلا القليل حتى نهاية القرن التاسع عشر. المصادفة وحدها أخرجت هذه المخطوطات إلى الضوء. الأسماء الممنوعة في الأحوال المدنية للولاد والبنات 1443 - أخبار حصرية. إذ إن العثور عليها كان نتيجة انهيار جدار في بيت عتيق في قرية الموناثيد دي لا سييرا القريبة من مدينة سرقسطة في شمال شرق إسبانيا، وذلك عندما كان عدد من العمال يهدم بعض الأبنية، سقط أحد الجدران الوسطية ما بين غرفتين، وظهر كمٌّ هائل من الكتب مخبأة خلف جدار مزيف بُني لغرض التمويه وإخفاء هذه الكتب الممنوعة. فعديد من الموريسكيين الذين بقوا على الأراضي الإسبانية أو طُردوا منها قد خبأوا كنوزهم الثمينة من آداب وعلوم، في أماكن سرية من بيوتهم وأراضيهم التي سيفقدونها في ما بعد نتيجة التهجير القسري نهايات القرن السادس عشر. ولم يكتشف الباحثون سرها ولا حل رموز لغتها الغريبة حتى مطلع القرن العشرين. وفي العصر الحديث، كثرت الدراسات والبحوث المتعلِّقة بهذا التراث الثقافي الموريسكي، وأُرجع أغلبها إن لم يكن كلها إلى اللغة الإسبانية ومن ثم تُرجمت إلى لغات العالم قاطبة. ولكن اللافت هو قلة الكتابات العربية في هذا الحقل، وكأننا غير معنيين بالأمر، أو كأن هذه الآداب العربية الإسلامية الصبغة لا علاقة لها بنا وبعوالمنا وآدابنا.
وفي خضم التغييرات الأخيرة في المملكة، خسرت الشرطة الدينية الكثير من نفوذها وتقلصت صلاحيتها إلى حد بعيد بعدما كانت تجوب الطرقات والمراكز التجارية وتفرض على السكان إغلاق أعمالهم اثناء فترات الصلاة. وقال مدير دار الحلم المصري الناشر إسلام فتحي الذي يشارك سنويا في معرض الرياض "هذا العام أحضرنا كتبا لم نكن نفكر حتى في طرحها في السعودية". وأوضح أنّ على رأسها "روايات الأدب الروسي التي كانت ممنوعة بسبب واقعيتها وانحيازها للطبقات العاملة والفقراء"، فيما بدت وراءه روايات ديستوفسكي وتولستوي على الرفوف البيضاء. كما عرضت الدار أيضا روايات سياسية تتحدث عن قمع الأنظمة وأساليب تحكمها في الشعوب مثل روايتي "مزرعة الحيوانات" و"1984" للكاتب الإنكليزي جورج أورويل. - "أين الرقابة؟" - أفاد ثلاثة شباب سعوديين في المعرض إنّ الكتب الممنوعة كانت تصلهم سابقا عبر التهريب لكنها أصبحت متوفرة الآن. ولم يلق هذا الانفتاح سوى معارضة محدودة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. فغّرد مستخدم على تويتر كاتبا "مُحتوى مُخجل"، فيما سأل آخر "أين الوعي؟ أين الرقابة؟". ورأى الشاب السعودي عبد العزيز التركي الذي كان يرتاد مقهى في الرياض أنّ "بعض الكتب المطروحة صادمة ولا تتناسب أبدا مع الموروث الثقافي للبلاد".
مؤكدة في الوقت ذاته رغبتها بأن لا تكون هناك وصاية على الكتب، في إطار الإشكالية الأبدية في الرقابة، وأن الوعي البشري قد قطع مراحل متقدمة من الوعي.