فمن مثَّل هاتين اليدين بأيدي المخلوقين فقد كذَّب قول الله تعالى: {ليس كمثله شيء}، وقد عصى الله تعالى في قوله: {فلا تضربوا لله الأمثال}. وأما من كيفهما وقال: هما على كيفية معينة أيّاً كانت هذه الكيفية فقد قال على الله ما لا يعلم، وقفا ما ليس له به علم.
ويقوم بأصول الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره، وشره لله. لا يقصد به غرضاً من الأغراض غير رضا ربِّه، وطلب ثوابه، متابعاً في ذلك رسول الله – صلى الله عليه وسلم -. فعقيدته ما دل عليه الكتاب والسنة، وأعماله وأفعاله ما شرعه الله ورسوله، وأخلاقه، وآدابه الاقتداءُ بنبيه – صلى الله عليه وسلم – في هديه، وسمته، وكل أحواله. أسمــاء توحيد الألوهية الأخـــرى توحيد الألوهية يسمى بعدة أسماء منها: 1 – توحيد الألوهية – كما مر – وسمي بذلك، باعتبار إضافته إلى الله، أو باعتبار الموحِّد، ولأنه مبني على إخلاص التأله، وهو أشد المحبة لله وحده، وذلك يستلزم إخلاص العبادة. 2 – توحيد العبادة؛ باعتبار إضافته إلى الموحِّد وهو العبد، ولتضمنه إخلاص العبادة لله وحده. توحيد الألوهية - YouTube. 3 – توحيد الإرادة؛ لتضمنه الإخلاص، وتوحيد الإرادة والمراد، فهو مبني على إرادة وجه الله بالأعمال. 4 – توحيد القصد؛ لأنه مبنيٌّ على إخلاص القصد المستلزم لإخلاص العبادة لله وحده. 5- التوحيد الطلبي؛ لتضمنه الطلب، والدعاء من العبد لله. 6 – التوحيد الفعلي؛ لتضمنه لأفعال القلوب والجوارح. أدلـة توحيـد الألوهيـة لقد تظاهرت الأدلة من الكتاب والسنة، وتنوعت دلالتها في وجوب إفراد الله بالعبادة؛ّ َفتارة تأتي نصوص الكتاب آمرةً بتوحيد الله أمراً مباشراً، وتارة تأتي مبينةً الغاية من خلق الجن والإنس، وتارة تأتي موضحةً الهدف من إرسال الرسل وإنزال الكتب، وتارة تأتي محذرةً من مخالفته، وتارة تأتي لبيان ثواب من عمل به في الدنيا والآخرة، وتارة لبيان عقوبة من تركه، وتخلى عنه، أو ناوأه، وحارب أهله.
ومن أدلة السُّنّة على توحيد الله بالألوهية، وإفراده بالعبادة: ذلك الحديث العظيم, والخبر الجليل الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن معاذ -رضي الله عنه- قال: كنت رديف النبي -صلى الله عليه وسلم- على حمار فقال لي: " يا معاذ، أتدري ما حقّ الله على العباد؟ وما حقّ العباد على الله ؟"، قلتُ: اللهُ ورسولُه أعلم، قال: " حقّ الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً "، قلت: أفلا أبشِّرُ الناس؟ قال: " لا تبشرهم فيتَّكِلوا ". واعلموا -عباد الله- أن لتوحيد الألوهية فضائل كبرى، وآثاراً عظمى، وثماراً جليلة، ومكاسب كبيرة، يجنيها الموحّد في دنياه وأخراه، ويستأثر به دون سواه، فمن أجلّ تلك الفضائل والآثار. وأعظم هذه المكاسب والثمار: أنّ جميع أعمال العباد وأقوالهم الظاهرة منها والباطنة متوقفة في قبولها، وفي تمام كمالها، وفي ترتب الثواب عليها على التوحيد؛ فكلما قوي جانب التوحيد والإِخلاص لله كلما كملت هذه الأمور وتمّت، كما قال تعالى: ( فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)[الكهف: 110].
واعلموا -عباد الله- أنَّ توحيدَ الألوهية أهمُّ أنواع التوحيد وأجلّها خطراً، وأعظمها منزلة وأرفعها قدراٌ. ما الفرق بين توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية - الشيخ أ.د عبدالعزيز الفوزان - YouTube. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله وهو يتحدث عن أهمية هذا النوع من أنواع التوحيد-: "وذلك أن العبادة لله هي الغاية المحبوبة له، والمرضيّة له التي خلق الخلق لها كما قال الله -تعالى-: ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ)[الذاريات: 56]، وبها أرسل جميع الرسل كما قال نوح لقومه: ( اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ)[الأعراف: 59]". وقال -رحمه الله- في موضع آخر: " وَاعْلَمْ أَنَّ فَقْرَ الْعَبْدِ إلَى اللَّهِ أَنْ يَعْبُدَ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، لَيْسَ لَهُ نَظِيرٌ فَيُقَاسُ بِهِ، لَكِنْ يُشْبِهُ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ حَاجَةَ الْجَسَدِ إلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَبَيْنَهُمَا فُرُوقٌ كَثِيرَةٌ؛ فَإِنَّ حَقِيقَةَ الْعَبْدِ قَلْبُهُ وَرُوحُهُ، وَهِيَ لَا صَلَاحَ لَهَا إلَّا بِإِلَهِهَا اللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ: فَلَا تَطْمَئِنُّ فِي الدُّنْيَا إلَّا بِذِكْرِهِ ". فأهمية توحيد الألوهية تكمن في كونه غاية الخلق والإيجاد، وسبيل الفوز والإسعاد، والطريق الأوحد للوصول إلى ربِّ العباد؛ فإنه لا يستقيم للمرء دين، ولا تصلح له دنيا، ولا ينجو في أخرى إذا لم يتعبد لله بالتوحيد، ويخلص له العبادة، ويتبرأ من كل معبود ومرجو سواه.
فاستواء المخلوق على شيء لا يمكن أن يماثله استواء الله على عرشه، لأن الله ليس كمثله شيء. وقد أخطأ خطأ عظيماً من قال: إن معنى استوى على العرش استولى على العرش، لأن هذا تحريف للكلم عن مواضعه، ومخالف لما أجمع عليه الصحابة رضوان الله عليهم و التابعون لهم بإحسان، ومستلزم للوازم باطلة لا يمكن لمؤمن أن يتفوه بها بالنسبة لله عز وجل. والقرآن الكريم نزل باللغة العربية بلا شك كما قال الله سبحانه وتعالى: {إنا جعلناه قرآنا عربياً لعلكم تعقلون}، ومقتضى صيغة"استوى على كذا"في اللغة العربية العلو والاستقرار، بل هو معناها المطابق للفظ. فمعنى استوى على العرش أي: علا عليه علوّاً خاصاً يليق بجلاله وعظمته، فإذا فسر الاستواء بالاستيلاء فقد حرف الكلم عن مواضعه حيث نفي المعنى الذي تدل عليه لغة القرآن وهو العلو وأثبت معنى آخر باطلاً. ثم إن السلف والتابعين لهم بإحسان مجمعون على هذا المعنى إذ لم يأت عنهم حرف واحد في تفسيره بخلاف ذلك، وإذا جاء اللفظ في القرآن والسنة ولم يرد عن السلف تفسيره بما يخالف ظاهره فالأصل أنهم أبقوه على ظاهره واعتقدوا ما يدل عليه. فإن قال قائل: هل ورد لفظٌ صريح عن السلف بأنهم فسروا استوى بـ"علا"؟ قلنا: نعم ورد ذلك عن السلف، وعلى فرض أن لا يكون ورد عنهم صريحاً فإن الأصل فيما دل عليه اللفظ في القرآن الكريم والسنة النبوية أنه باق على ما تقتضيه اللغة العربية من المعنى فيكون إثبات السلف له على هذا المعنى.
ذات صلة الفرق بين توحيد الربوبية والألوهية الفرق بين الله والرب ما الفرق بين توحيد الألوهية والربوبية؟ في الاشتقاق اللغوي فيما يأتي بيان الفرق بين الربوبية والألوهية من حيث اللغة: توحيد الربوبية مشتق من اسم الرب، والرب في اللغة له معان عدة منها: المربّي، والمالك، والسيّد، والمدبّر. ومنه يقال: رب كل شيء؛ أي مالكه ومستحقّه أو صاحبه، كما يدل على الخلق والإيجاد. [١] توحيد الألوهية مشتق من الإله، فيُقال: تألّه؛ أي تعبّد، فيدلّ على المعبود. [٢] في المعنى الاصطلاحي فيما يأتي بيان الفرق بين الربوبية والألوهية من حيث الاصطلاح الشرعي: توحيد الربوبية: هو الاعتقاد والإقرار الجازم بأن الله -عز وجل- هو ربّ كل شيء، ومالكه، وخالقه، وأنه المحيي والمميت، والنافع والضار، والرزاق ذو القوة المتين، الذي يرجع إليه الأمر كله، ولا شريك له في ذلك. [٣] ومن الأدلة على ربوبية الله عز وجل قوله سبحانه: (الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ). [٤] توحيد الألوهية: هو إفراد الله -عز وجل- بجميع العبادات سواء الظاهرة أو الباطنة، القولية أو الفعلية؛ كالصلاة، والصوم، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، ونفي العبادة عن كل ما سواه.