الشاعر أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي أبو الطيب الكندي، ولد في عام 915م، بمدينة الكوفة بالعراق، وهو شاعر العصر العباسي ويعتبرأحد أعظم شعراء اللغة العربية على الإطلاق، وتتميز أشعاره بالمعاني العميقة المؤثرة. نبذة عن المتنبي – كان المتنبي من أعظم شعراء العربية، وعاش أفضل أيام حياته في بلاط سيف الدولة الحمداني في حلب. – كان له مكانة عالية لم تعطي لغيره من الشعراء فقد تم وصفه بأنه نادرة زمانه، ومصدر إلهام للشعراء والأدباء. – تدور معظم قصائده حول مدح الملوك، وقام بتنظيم أول أشعاره وكان عمره تسع سنوات. – ترك تراث عظيم من الشعر القوي الذي يضم 326 قصيدة، التي كانت تمثل عنوان لسيرة حياته، وكان يصور فيها الحياة في القرن الرابع الهجري. شعر المتنبي - أظمتني الدنيا فلما جئتها - عالم الأدب. – ظهر في كلمات قصائده الأخيرة وكأنه يودع الدنيا عندما قال: أبلى الهوى بدني. مناسبة قصيدة كيف الرجاء من الخطوب تخلصا – كتب المتنبي هذه القصيدة مادحاً بن منصور الحاجب – تسمى هذه القصيدة بالدينارية وترجع هذه التسمية بسبب أن هذا منصور الحاجب لم يجزه عن هذه القصيدة إلا بدينار واحد.
الاجابة تخلصا الرجاء من الخطوب، من بعد ما أنشبن في مخالبا. قول الشاعر المتنبي (أظمتنى الدنيا فلما جئتها..... مستسقياً مطرت على مصائبا).
الفلسفة كما قرأت تُعرّف بأنها دراسات فكرية فرضية، غير الدراسات التي تقررت بالوقائع والتجارب المحسوسة. والفلسفة التي أعنيها هنا فلسفة المتنبي لبعض جوانب الحياة، وإن كان ينتمي لعصر غير عصرنا وجيل غير جيلنا إلا أن الكثير من مبادئه وتفسيراته تتفق مع واقعنا؛ ما يدل دلالة واضحة أن الإنسان هو الإنسان سواء كان في وقتنا الحالي أو الماضي قبل مئات السنين، وإن تغيرت طريقة الحياة, وبعض المفاهيم، إلا أن الأصول ثابتة، والمعاني السامية الأصيلة التي تروق لإنسان العصر الحجري مثل الكرم والشجاعة وحسن الخلق.. شبكة شعر - المتنبي - كَيفَ الرّجاءُ منَ الخُطوبِ تخَلُّصاً منْ بَعْدِ ما أنْشَبنَ فيّ مَخالِبَا. وغيرها، هي نفسها تروق لنا في عصرنا هذا. وما تنفر منه النفوس قديماً من ظلم وقهر وألم... وغيره، هو نفسه ما تنفر منه وتأباه نفوسنا. من خلال قراءتي لبعض شعر المتنبي، وددت الإشارة إلى فلسفته تجاه أمور كثيرة في الحياة، وسأبدأ بفلسفته للمصائب والمحن، كفانا الله وإياكم شرورها، ما ظهر منها وما بطن. يقول: كفا بك داء أن ترى الموت شافياً وحسب المنايا أن يكن أمانيا فيكفي من الهمّ أن ترى الموت أهون منه، فحينما تكون المنية أمنية فقد بلغ صاحبها أقصى مبلغ من الألم والحزن.
هن يمنحن "وجناتهن" حرية النهب للعقول والقلوب، وربما كان يقصد الشاعر بالوجنات الوجوه إذ يُستدل على الكل من خلال الجزء، "الناهبات الناهبا" تنهب الفارس القوي الذي ينهب أرواح الأعداء أثناء الحرب، أو الرجل الذي ينهب إعجاب الآخرين بقوة شخصيته وسعة حكمته، ومفردها "المنهبات – الناهبات" ترسمان لمحة جمالية لفظية في هذه اللوحة الشعرية.
هنا يباغتنا المتنبي إذ يخرج من حكايته مع النساء اللائي مرّ بهن في طريقه ويدلف بنا إلى فكرة أخرى مفاجئة - معاناته مع الخطوب - المصائب التي يكابدها. يقول: هل ينفعني الرجاء في التخلص من الخطوب التي كبلتني ويتعذر الفكاك منها، فهي هاجمتني كما يهجم الطائر الجارح على طريدته. وأنشبت فيَّ "مخالبها" أهوالها وشرورها ما يجعل احتمالية النجاة غير واردة - وتوظيف الشاعر كلمة "مخالب" كناية عن تحكم الخطوب به- وشبه استحالة التخلص منها. "أوحدتني" الضمير يعود إلى الخطوب التي عزلته عن غاياته ورغباته التي يحبها، وربطته بـ:"حزن واحد" قد يكون حزن الغياب أو حزن الفراق، هذا الحزن المتناهي في إيلامه وقسوته لم يفارقه وكأنه "صاحب" لا يغيب عنه، بيد أنه صاحب غير مرحب به. كيف الرجاء من الخطوب تخلصا - أفضل إجابة. وقوله "صاحبا" كناية عن ملازمة الحزن له بصفة مستمرة. تلك الخطوب جعلته غرضاً/ هدفاً للرماة "اليأس- ضعف القدرة- المعوقات المفاجئة"، لتصيبه محن هي أشد أو أحدُّ مضارباً من السيوف. واختياره "السيوف" جاء دقيقاً وموفقاً إذ قد يخطئ الرمح هدفه وقد ينحرف السهم عن مرماه، إنما السيف في يد الشجاع قلما يضل طريقه نظراً إلى قرب المسافة بين الطرفين "السيف والهدف". هذه الدنيا بما فيها من طموحات وآمال جمة جعلت الشاعر يظمأ إليها ظمأً روحياً لا ظمأ جسدياً، فلما جاءها "مستسقياً" طامحاً- عازماً- مستعداً.
لو كان المتنبي مجهولاً لدى أولئك الفتيات لما حاولن تفديته تعبيراً عن الإعجاب أو إظهاراً للمحبة، حاولن تفديته بالكلمات إلا أن خوفهن من أعين المراقبين جعلهن يضعن أيديهن على صدورهن "ترائباً" إما توجسَّاً من الرقيب وهكذا فعل المرأة حين يداهمها الخوف، أو إشارة إلى التفدية ومكانها القلب فهن يفدينه بقلوبهن، وقول الشاعر "ترائباً" وهي مجرورة بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنها ممنوعة من الصرف فمن النادر جداً أن يوظف المتنبي الممنوع من الصرف كقافية بهذه الصيغة الإعرابية، وتكرار حرف الفاء في كلمات هذا البيت جاء موفقاً إذ زاد من انسيابية الألفاظ وسهولتها في النطق. ابتسمن فوضحت أسنان شديدة البياض والصفاء هي البرد بذاته، ولم يقل كالبرد، شعراء كثر وصفوا أسنان المرأة بالبرد إلا أن أبا الطيب لم يقف عند هذا الوصف المتداول، بل ابتكر معنى شعرياً مدهشاً خاصاً له، إذ خشي أن يذيب/ يحرق هذا البرد بأنفاسه الملتهبة شوقاً ووجداً، لكن هو الذي ذاب في احتراقه الوجداني وليس البرد الذي هو كناية عن بياض الأسنان وصفائها، في هذه الجملة الشعرية اللون "البرد"، والصوت "أزيز الأنفاس" والحركة "فكنت الذائبا". "يا حبذا" بمعنى أحب هذا، هو يحب كل ما يتعلق بمحبوبته الشابة "كاعبا" من بين تلك النساء، يحب "المتحملين" أهلها، ولكن أراد الشاعر وهو المهووس بالأسفار أنه يتحمل السفر في كافة الظروف المناخية القاسية، فيتعرض وجهه لحرارة الشمس "الغزالة" وكأنه يقبلها وهي شمس "كاعب" في بدء شبابها أي توهجها وقت الظهيرة.