كما في ( الكنى والأسماء 1/827 للإمام مسلم والمقتنى في سرد الكنى 2/68 للإمام الذهبي والتاريخ الكبير 5/154 للإمام البخاري والجرح والتعديل 5/118 لابن أبي حاتم). وفي ثقات ابن حبان 6/57 في ترجمة أيوب بن عبد الرحمن قال ابن حبان: شيخ يروى عن مالك بن أوس روى عنه أبو مراية العجلي.. ولم يتكلم عليه كما نقله الذهبي في لسان الميزان 1/485 برمته عنه. من ينفخ بالصور أمانة. وما ترجم له فيما أعلم إلا ابن سعد في الطبقات الكبرى 7/236 فقال: أبو مراية العجلي واسمه عبد الله بن عمرو وكان قليل الحديث.. فأولاً: الرجل تابعي معروف بالرواية كما ذكرنا من المراجع السابقة، وذكروا اثنان من شيوخه هما الصحابيان سلمان وعمران بن حصين رضي الله عنهما ، واثنان من الرواة عنه وهما قتادة وأسلم العجلي وهذا على الإجمال لا التفصيل.. وبهذا تعرف دقة قول ابن كثير في النهاية عن أبي مراية هذا: ليس بالمشهور، فهي أدق من قول الألباني: لا يعرف.. والفرق بين واضح.
قالَ: (أحبُّ أنْ أسمعَهُ مِن غَيرِي) فقرأَ عليهِ سورةَ النساءِ حتى أتى هذه الآية: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا} قالَ: (حَسْبُكَ) قال: فالتفتُ فإذا عيناهُ تَذْرِفَانِ، صلى الله عليه وسلم. اللهُ أكبرُ، الله أكبر، الله أكبر {وَوُفِّيَتْ} آخرُ الآياتِ هذه النهاية {وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ} هذه نهايةُ البشريةِ: {وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ}. من أول من يفيق بعد النفخ في الصور - أجيب. (تفسيرُ السَّعدي) - القارئ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، قالَ الشيخُ عبدُ الرحمن السعدي رحمَه الله تعالى في تفسيرِ قولِ الله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} الآية. يَقُولُ تَعَالَى: وَمَا قَدَرَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ رَبَّهُمْ حَقَّ قَدْرِهِ، وَلَا عَظَّمُوهُ حَقَّ تَعْظِيمِهِ، بَلْ فَعَلُوا مَا يُنَاقِضُ ذَلِكَ مِنْ إِشْرَاكِهِمْ بِهِ مَنْ هُوَ نَاقِصٌ فِي أَوْصَافِهِ وَأَفْعَالِهِ، فَأَوْصَافُهُ نَاقِصَةٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَأَفْعَالُهُ لَيْسَ عِنْدَهُ نَفْعٌ وَلَا ضَرٌّ، وَلَا عَطَاءٌ وَلَا مَنْعٌ، وَلَا يَمْلِكُ مِنَ الْأَمْرِ شَيْئًا.
والله أعلم. المصادر: فتاوى اللجنة الدائمة شرح النووي عن مسلم فتاوى نور على الدرب
إذا نفذَ القدرُ في العبدِ؛ كان مِن أعظمِ أسبابِ نُفوذِه تحيُّلُه في ردِّه. فلا أنفعَ له مِن الاستِسلام، وإِلقاءِ نفسِه بين يدي القدَر طريحًا كالمَيْتةِ؛ فإنَّ السَّبُعَ لا يَرضَى بأكلِ الجِيَفِ ».
ففي قصة يوسف عليه السلام وما مر به من البلاء من تآمر إخوته عليه بإلقائه في الجب، ومراودة امرأة العزيز له، وكيد النسوة اللاتي قطعن أيديهن ودخوله السجن، كل هذا العذاب الذي عاش معاناته سنين طويلة، ماذا أعقبه؟ أليس بعد ذلك أصبح وزيرًا لمصر، فجمع الله شمله بوالديه وإخوته وجاء بهم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بينه وبين إخوته، وعاشوا بعد الفقر في غنًى، وبعد الضعف في قوة؟ فيا له من خير عظيم؛ ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 216]! وكم من المواقف المؤلمة التي حدثت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته، حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم، وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه، وبعدها جاء الفرج والمخرج الذي خلفه الخير، وفي قصة أم سلمة وما حل بها من فقدِ أعز الناس إليها (أبو سلمة)، الذي لم تتوقع يومًا من الأيام أن يعقب أبا سلمة رجل أحب إليها وأعظم من أبي سلمة، إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، لتصبح له زوجة وأمًّا للمؤمنين، يا لها من كرامة أكرمها الله بها!
وهذا الخير المجمل، فسره قوله تعالى في سورة النساء ـ في سياق الحديث عن مفارقة النساء ـ: {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19]. فقوله (خيراً كثيراً) مفسر وموضح للخير الذي ذكر في آية البقرة، وهي الآية الأولى التي استفتحنا بهذا هذا الحديث. ومعنى القاعدة بإيجاز: أن الإنسان قد يقع له شيء من الأقدار المؤلمة، والمصائب الموجعة، التي تكرهها نفسه، فربما جزع، أو أصابه الحزن، وظن أن ذلك المقدور هو الضربة القاضية، والفاجعة المهلكة، لآماله وحياته، فإذا بذلك المقدور منحة في ثوب محنة، وعطية في رداء بلية، وفوائد لأقوام ظنوها مصائب، وكم أتى نفع الإنسان من حيث لا يحتسب!. اية وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم كامله. والعكس صحيح: فكم من إنسان سعى في شيءٍ ظاهره خيرٌ، وأهطع إليه، واستمات في سبيل الحصول عليه، وبذل الغالي والنفيس من أجل الوصول إليه، فإذا بالأمر يأتي على خلاف ما يريد، و هذا هو معنى القاعدة القرآنية التي تضمنتها هذه الآية باختصار. أيها القارئ الموفق: ما إن تمعن بناظريك، وترجع البصر كرتين، متأملاً الآيتين الكريمتين الأولى والثانية، إلا وتجد الآية الأولى ـ التي تحدثت عن فرض الجهاد ـ تتحدث عن ألم بدني وجسميًّ قد يلحق المجاهدين في سبيل الله، كما هو الغالب، وإذا تأملت الآية الثانية ـ آية مفارقة النساء ـ ألفيتها تتحدث عن ألم نفسي يلحق أحد الزوجين بسب فراقه لزوجه!
فأنفع الأشياء له على الإطلاق طاعة ربه بظاهره وباطنه.. وأضر الأشياء عليه على الإطلاق معصيته بظاهره وباطنه.. فإذا قام بطاعته وعبوديته مخلصا له فكل ما يجري عليه مما يكرهه يكون خيرا له.. وإذا تخلى عن طاعته وعبوديته فكل ما هو فيه من محبوب هو شر له.. فمن صحت له معرفة ربه والفقه في أسمائه وصفاته علم يقيناً أن المكروهات التي تصيبه والمحن التي تنزل به فيها ضروب من المصالح والمنافع التي لا يحصيها علمه ولا فكرته، بل مصلحة العبد فيما يكره أعظم منها فيما يحب. اية وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم أدناه. فعامة مصالح النفوس في مكروهاتها، كما أن عامة مضارها وأسباب هلكتها في محبوباتها...... كذلك الأب الشفيق على ولده بمصلحته، إذا رأى مصلحته في إخراج الدم الفاسد عنه بضع جلده وقطع عروقه، وأذاقه الألم الشديد. وإن رأى شفاءه في قطع عضو من أعضائه أبانه عنه، كل ذلك رحمة به وشفقة عليه، وإن رأى مصلحته في أن يمسك عنه العطاء لم يعطه ولم يوسع عليه؛ لعلمه أن ذلك أكبر الأسباب إلى فساده وهلاكه، وكذلك يمنعه كثيرًا من شهواته حماية له ومصلحة لا بخلاً عليه، فأحكم الحاكمين وأرحم الراحمين وأعلم العالمين الذي هو أرحم بعباده منهم بأنفسهم، ومن آبائهم وأمهاتهم إذا أنزل بهم ما يكرهون كان خيراً لهم من ألا ينزله بهم، نظراً منه لهم وإحساناً إليهم ولطفاً بهم.