﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ ﴾ [يوسف: 111] الخطبة الأولى الحمد لله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ وليٌ المؤمنين، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله الصادقُ الأمين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه ومن تبعهم إلى يوم الدين.
11. التوحيد رأس الأمور وذراها، به بعثت الرسل، وأنزلت الكتب، ولأجله انقسم الناس بين مؤمن وكافر، وتقي وفاجر. 12. من استعجل شيئاً بغير طريق حله، لم يحصل على المراد، ولم يسلم من الإثم والعار والعقاب. 13. الحسد سلاح ذو حدين، يصيب الحاسد ويبلغ فيه مالا يبلغ في المحسود ويؤذيه، فهل يعتبر الحاسدون. 14. أقدار الله نافذة، وإرادته ماضية، لا يعجزه شيء، ولا يحول دون مراده حائل، ونحن مطالبون بأن نقابل الأقدار الكونية بالأقدار الشرعية، وكل ذلك داخل في إرادته ومشيئته وقضائه وقدره، فنفر من قدر الله إلى قدر الله. 15. حبل الكذب قصير، وما أفلح كاذب، فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض. {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ} - ملتقى الخطباء. 16. العلاقة بين ما يرى النائم وبين حاله في اليقظة،ولهذا قد تكون الرؤية بشارة أو نذارة، وعن طريقها قد يتوقع غائب أو مجهول، لكن تأويل الرؤيا له أصوله وضوابطه، فهو علم وإلهام يؤتيه الله من يشاء. 17. الإيمان بعلم الله وحكمته يجلب للمسلم الطمأنينة والراحة والسكون، ومعرفة الأسماء والصفات والتصديق بهما يورث في القلب نوراً وبصيرة. 18. الانتصار على النفس أعظم وسائل الانتصار على الغير، ومن هزمته نفسه فلا يرجى أن ينتصر على عدوه، وقبل أن ينهزم اليهود أتاهم الله من حيث لم يحتسبوا.
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العلي العظيم الجليل الكريم لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم. فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ! – البوصلة. الحمد لله الواحد الصمد على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جل عن الشبيه وعن المثيل وعن الند وعن النظير، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، كل ذلك تعظيماً لشانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، وتمسكوا بشريعة الإسلام، وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار؛ عياذاً بالله من ذلك. معاشر المؤمنين: لو تأملنا هذه القصة الجليلة التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في مواضع متعددة من كتابه الكريم، لوجدنا فيها جملة لا تعد ولا تحصى من الدروس والمواعظ والآيات والعبر إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ [ق:37].
بين ما يجب أن نعلم (العلم)، وبين كيف نعمل (العمل). لأن منهج الإسلام علم وعمل، لا انفكاك لأحدهما عن الآخر: أنت تعلم لكي تعمل، وأنت تعمل بمقتضى ما تعلم. وقد ذكر "بن القيم" (رحمه الله) في بيان قوله تعالى: "اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ" [الفاتحة: 6-7]، أنه يتضمّن بيان طرفي الانحراف عن الصّراط المستقيم، حيث الأول انحراف موجب للغضب؛ سببه فساد العمل، والآخر انحراف موجب للضلال؛ سببه فساد العلم. بهذا كان الطريق المستقيم، والمنهج القويم، هو الذي يجمع بين صلاح العلم، وصلاح العمل. ولهذا ساق الله تعالى في كتابه الجانب التطببيقي أو العملي في صورة " قَصَصُ". صور حية من حركة الحياة تُمثل البيان والتطبيق العملي لمنهج الإسلام. زخر بها القرآن الكريم، حتى حازت ثلثه. التفريغ النصي - لقد كان في قصصهم عبرة [1] - للشيخ سعد البريك. و"القَصَصُ"، لغةً: مِنْ قَصَّ أثره إي تتبعه، ومنها قوله تعالى: "فَارْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصًا" [الكهف: 64]، ومنها قوله تعالى: "وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ" [القصص: 11] أي تتبعي أثره، على هذا فالقص هو تتبع ما حدث بالفعل. وبهذا يختلف القَصَص القرآني تمامًا عن القالب الأدبي الحديث الذي يطلق عليه "قِصَّة"، وجمعه "قِصَصَ" (بكسر القاف)، وهو ما لا يخلو من اطلاقٍ لخيال المؤلف، يرسم شخوصه، ويسير أحداثه.
والقصة الأدبية هي أولاُ وأخيرًا للتفكه، والاستمتاع. فإذا عرض الكاتب بها معنى، وإذا استطاع القارئ أن يستخلص منها معنى، ومهما كانت هذه المعانى قيمة، فهذا أمر جانبي، وليس رئيس. والقصة الأدبية تعرض القصة كاملة في سياق يتصاعد بالأحداث إلى ذروتها حتى يصل إلى الخاتمة، في اطار تلبية رغبة القارئ في التفكه والاستمتاع. كذلك يختلف القصص القرآني عن السرد التاريخي الذي يرتب الأحداث وفقًا لتسلسلها الزمني. لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب اعراب. فالقَصَص القرآني يأتي بعيون القصص في بابها، مهمِلاً زمنها وتاريخها، ثم يَعرض أزكى مواضيعها، ويُعرض عما دونها. مقتطفًا لمواضع الحكمة فيها، وقد يتكرر هذا الاقتطاف أكثر من مرة، فتكون المقتطفات موزعة كلٌ في سياق يناسبه، بغرض البرهان والبيان. بهذا يتفرد القَصَص القرآني بسمت خاص، متنزهًا عن السرد القِصصي بغرض التفكه والتسلي، وعن السرد التاريخي بغرض الترتيب والتقصي، ويضع لنفسه سمتًا جديدًا فريدًا غرضه العبرة والعظة. فالقصص القرآني هو "أَحْسَنَ الْقَصَصِ" [يوسف: 3]. لأنه من لدن العليم الحكيم "نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ" [يوسف: 3]، ولأنه "ٱلْقَصَص ٱلْحَقُّ" [آل عمران: 62]، حصرًا وتأكيدًا، "وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا" [النساء: 87]، "وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا" [النساء: 122]، ولأنه أنفع القصص "وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ" [هود: 120].
31. الحيل منها المشروع ومنها الممنوع، فحيلة إخوة يوسف على أبيهم ارتدت عليهم، وجلبت لهم ولأبيهم البلاء والعناء، بينما حيل يوسف كانت طريقاً للسعادة والهناء. 32. البريء حقيقة لا يضره الكذب والافتراء، فمن كان موقناً بسلامة موقفه، وصدق ظاهره وباطنه، فسيرتد السهم إلى شانئه وباهته، فإن الله لا يهدي كيد الخائنين، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله. 33. الاستشارة منهج العقلاء، ووسيلة الأسوياء، وهي استثمار للعقول، وشفاء للصدور، وتحقيق للمراد والمأمول. 34. لا تبث شكواك لمن لا يملك لها حلاً ولا عقداً، فضلاً عمن يشمت بك ويتسلى، فكن كيعقوب كان منهجه "إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ" (يوسف: من الآية86). 35. اقطع رجاءك من الخلق، وعلق قلبك بالخالق، ولا يعارض ذلك بذل الأسباب، بل هو من خير وسائل تحقيق المراد. 36. العفو زينة الرجال وتاجها، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، "وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ" (الشورى:43). 37. الأخبار السارة تنعكس آثارها على الفرد والجماعة، فإن لم تقدر على صنعها، فكن مبلّغاً لها، واحذر من بث خبر السوء فليس ذلك من شيمة الأسوياء. 38. كن معتدلاً في مواقفك وآرائك، واحذر الجزم والقطع بأمر لا تملك دليله، فيكون الأمر خلاف ما ذكرت فتندم بعد فوات الأوان، كما حدث لإخوة يوسف عندما قالوا: "تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ" (يوسف: من الآية95)، فمن كان في ضلاله ياترى؟ 39.
11. التوحيد رأس الأمور وذراها، به بعثت الرسل، وأنزلت الكتب، ولأجله انقسم الناس بين مؤمن وكافر، وتقي وفاجر. 12. من استعجل شيئاً بغير طريق حله، لم يحصل على المراد، ولم يسلم من الإثم والعار والعقاب. 13. الحسد سلاح ذو حدين، يصيب الحاسد ويبلغ فيه مالايبلغ في المحسود ويؤذيه، فهل يعتبر الحاسدون. 14. أقدار الله نافذة، وإرادته ماضية، لايعجزه شيء، ولايحول دون مراده حائل، ونحن مطالبون بأن نقابل الأقدار الكونية بالأقدار الشرعية، وكل ذلك داخل في إرادته ومشيئته وقضائه وقدره، فنفر من قدر الله إلى قدر الله. 15. حبل الكذب قصير، وما أفلح كاذب، فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض. 16. العلاقة بين ما يرى النائم وبين حاله في اليقظة،ولهذا قد تكون الرؤية بشارة أو نذارة، وعن طريقها قد يتوقع غائب أو مجهول، لكن تأويل الرؤيا له أصوله وضوابطه، فهو علم وإلهام يؤتيه الله من يشاء. 17. الإيمان بعلم الله وحكمته يجلب للمسلم الطمأنينة والراحة والسكون، ومعرفة الأسماء والصفات والتصديق بهما يورث في القلب نوراً وبصيرة. 18. الانتصار على النفس أعظم وسائل الانتصار على الغير، ومن هزمته نفسه فلا يرجى أن ينتصر على عدوه، وقبل أن ينهزم اليهود أتاهم الله من حيث لم يحتسبوا.