وقد نزل المكي قبل المدني ، وأن هذا التأليف الذي بين السور لم ينزل على هذا التأليف ، ولكنه وضع هكذا ، لم يجعل المكي من السور على حدة ؛ يتبع بعضه بعضًا في تأليف السور ، ولم يجعل المدني من السور على حدة ؛ يتبع بعضه بعضًا في تأليف السور. وقد نزل بمكة بعض ما أمر به لما يكون بالمدينة ، يعملون به إذا قدموا المدينة. والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا وصية. وأن بعض الآيات نزلت الآية منها قبل الآية ، وهي بعدها في التأليف... وأن ما نزل بمكة ، وما نزل في طريق المدينة ، قبل أن يبلغ النبي عليه السلام المدينة فهو من المكي ، وما نزل على النبي عليه السلام في أسفاره بعدما قدم المدينة فهو من المدني " انتهى من " تفسير ابن أبي زمنين " (1/113). ثانيًا: حصل السؤال عن استشكالك في زمان أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقد روى " البخاري " في " صحيحه " (4530): " عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: ابْنُ الزُّبَيْرِ قُلْتُ: لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا)البقرة/234 ، قَالَ: قَدْ نَسَخَتْهَا الآيَةُ الأُخْرَى، فَلِمَ تَكْتُبُهَا؟ أَوْ تَدَعُهَا؟ قَالَ: " يَا ابْنَ أَخِي لاَ أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ ".
وبه يقول الأوزاعي ، وإسحاق ابن راهويه ، وأحمد بن حنبل ، في رواية عنه. وقال طاوس وقتادة: عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها نصف عدة الحرة: شهران وخمس ليال. وقال أبو حنيفة وأصحابه ، والثوري ، والحسن بن صالح بن حي: تعتد بثلاث حيض. وهو قول علي ، وابن مسعود ، وعطاء ، وإبراهيم النخعي. وقال مالك ، والشافعي ، وأحمد في المشهور عنه: عدتها حيضة. وبه يقول ابن عمر ، والشعبي ، ومكحول ، والليث ، وأبو عبيد ، وأبو ثور ، والجمهور. قال الليث: ولو مات وهي حائض أجزأتها. وقال مالك: فلو كانت ممن لا تحيض فثلاثة أشهر. وقال الشافعي والجمهور: شهر ، وثلاثة أحب إلي. والله أعلم. إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة البقرة - قوله تعالى والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا - الجزء رقم2. وقوله: ( فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير) يستفاد من هذا وجوب الإحداد على المتوفى عنها زوجها مدة عدتها ، لما ثبت في الصحيحين ، من غير وجه ، عن أم حبيبة وزينب بنت جحش أمي المؤمنين ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا ". وفي الصحيحين أيضا ، عن أم سلمة: أن امرأة قالت: يا رسول الله ، إن ابنتي توفي عنها زوجها ، وقد اشتكت عينها ، أفنكحلها ؟ فقال: " لا ".