إذا علمت قدر العلم وشرفه ومنزلته عند الله، وأن الله وملائكته ومن في السماوات ومن في الأرض حتى النملة في جحرها لتصلي على معلم الناس الخير. فاعلم أن العلم لا ينال براحة الجسم، روى مسلم بسنده عن يحيى بن أبي كثير قال: لا ينال العلم براحة الجسم، فالعلم بالتعلم والحلم بالتحلم، ومن صبر صبره الله. الحرص على طلب العلم والصبر على تحصيله - موقع أنا السلفي. ولولا أن شرف العلم صعب المرتقى لناله كل أحد وادعاه كل جاهل، ولكن لأنه شريف لا ينال إلا ببذل وجد وتضحية، فينبغي على طالب العلم أن يكون صبوراً في طلبه لا يمل ولا ينقطع عن الطلب ويغالب الصعاب. قيل للشعبي: من أين لك هذا العلم كله؟ قال: "بنفي الاعتماد والسير في البلاد، وصبر كصبر الحمار وبكور كبكور الغراب" فالعلم ليس مالاً يجمع ثم يحتفظ به، ولا ماء يشرب، العلم يحتاج إلى مجالسة العلماء ومزاحمتهم بالركب وإلى مدارسة ومراجعة وحفظ وقراءة ومطالعة، فشمر عن ساعد الجد ولا تعجل. قال الشافعي رحمه الله: "حق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم في الاستكثار من علمه، والصبر على كل عارض دون طلبه، وإخلاص النية لله تعالى في إدراك العلم نصاً واستنباطاً والرغبة إلى الله تعالى في العون عليه". لا تحسب المجد تمراً أنت آكله لا تبلغ المجد حتى تلعق الصبر فما بالنا في هذه الأيام نرى طلبة العلم يأتي إلى الدرس متأخراً، أو يأتي درساً ودرساً، أو يواظب فترة ثم ينقطع ويتعلل بشتى العلل.
وكان ثقة فقيهاً حج نيفاً على سبعين حجة". وقال الدرامي في سننه: أخبرنا مروان بن محمد قال: سمعت الليث يقول: تذكر الزهري ليلة بعد العشاء حديث وهو جالس متوضئ فما زال ذلك مجلسه حتى أصبح. قال مروان: جعل يتذاكر الحديث. وجاء في تاريخ الإسلام في ترجمة مغيرة بن مقسم الضبي قال قفيل بن غزوان: كنا نجلس أنا ومغيرة ـ وعدد ناساً ـ نتذاكر الفقه فربما لم نقم حتى نسمع النداء بصلاة الفجر". كان أسد بن الفرات قاضي القيروان وتلميذ مالك وأحد القادة الفاتحين كان قد خرج من القيروان إلى الشرق سنة 172 فسمع الموطأ على مالك بالمدينة، ثم رحل إلى العراق فسمع من أصحاب أبي حنيفة وتفقه عليهم، وكان أكثر اختلافه إلى محمد بن الحسن ولما حضر عنده قال له: إني غريب قليل النفقة، والسماع منك نزر، والطلبة عندك كثير، فما حيلتي؟ فقال له محمد: اسمه مع العراقيين بالنهار وقد جعلت لك الليل وحدك، فتبيت عندي وأسمعك، قال أسد: وكنت أبيت عنده وينزل إليّ ويجعل بين يديه قدحاً فيه الماء، ثم يأخذ في القراءة فإذا طال الليل ونعست، ملأ يده ونضح وجهي بالماء فأنتبه، فكان ذلك دأبه ودأبي حتى أتيت على ما أريد السماع عليه. أخي طالب العلم كلمة أخيرة "إن تصدق الله يصدقك" هذا قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فإذا هو التزم الأخلاق فهذا يعني تقييد الحرية وضبط الانفعال والرغبات والشهوات المغروسة في الإنسان ابتداءا والتحرك تبعا للتقدير الرباني الذي حددته الشريعة من خلال الترغيب في الأخلاق الحسنة. وحتى لا نطيل على القارئ نقدم له خطوات إجمالية لمسألة التخلق حتى يكون على بينة كيف يكون التخلق بالأخلاق الحسنة الخطوة الأولى: الإقرار بالنقص والكمال! فيجب على الإنسان كخطوة أولى أن يقر بنقصه هو وتراجعه عن النموذج المثالي الواقعي الكامل الذي أتت به الشريعة السمحاء الغراء فإذا أقر بنقصه هو معترفا ضمنيا بكمال الشريعة تحرك كأي إنسان عاقل من أجل رأب هذا الصدع وإزالة هذا الخلل. أما أن يرى في عقله هو الكمال فلن يبدأ أبدا في عملية التخلق! فآفة عامة المسلمين أنهم يقيسون الشرع بمقياس عقول كل واحد منهم فما رآه حسنا فهو حسن لزاما في الشرع وما يفعله فهو ما أمر به الشرع وما يقصر فيه فهو من المندوبات التي لا حرج في التهاون بها وما يأتيه من المحرمات فهو حتما من مواطن الغفران التي يغفرها الله تعالى لذا لا حاجة للتخلق! الخطوة الثانية: البحث عن المدخل لنفسه فلا يعني دوما أن يقر الإنسان بالنقص والكمال أن يؤدي ذلك ولا مفر إلى التخلق فقد نجد عند كثير من الناس إقرار بالنقص والكمال ولكنه لا يريد أن يأتي نفسه من المدخل السليم أو لنقل بكثير من حسن الظن: هو لا يعلم من أين يأتي نفسه!