الخطبة الثانية: الحمدُ للهِ الذي أَمرَ بذكرِه، ورَتَّبَ على ذلك عَظيمِ أَجرِه، والصَّلاةُ والسَّلامُ على أعظمِ النَّاسِ ذِكراً لربَّه نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه ومن سَارَ على دَربِه.
اللهم يا مُقَلِبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنا على دينِكَ، ويا مُصَرِّفَ القلوبِ صَرِّفَ قُلُوبَنا على طاعتِكَ. اللهم أصْلِحْ لنا دينَنا الذي هو عِصْمَةُ أَمرِنا، وأصْلِحْ لنا دنيانا التي فيها مَعَاشُنا، وأصلحْ لنا آخرتَنا التي فيها مَعَادُنا، واجْعَل الحياةَ زيادةً لنا في كلِّ خيرٍ، واجْعَل الموتَ راحةً لنا مِنْ كلِّ شرٍ. اللهم أصلحْ أحوالَ المسلمينَ في كلِّ مكانٍ، وفرِّج كربَهم، وأرغدْ عيشَهم، وارفعْ بلاءَهم، وأصلح قادتَهم، واجمعهم على الكتابِ والسنةِ يا ربَّ العالمينَ.
ويكلؤني ويرعاني:{ {ألم يعلم بأن الله يرى}} الشيخ /غنايم ممدوح
فإيَّاكَ أن تكتمَ الشَّرَّ في قلبِكَ، وتُظهرَ الخيرَ بلسانِكَ؛ فهذه استهانةٌ بنظرِ اللهِ -تعالى- إلى قلبِكَ، واستهزاءٌ بعلمِ اللهِ -تعالى- بما في نفسِكَ، ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ)[البقرة:204-205].
كيف حال قلبك مع الله؟ ومن هنا وجب على كل مسلم واعٍ يريد النجاة أن يهتم بقلبه اهتماما خاصا بل وخاصا جدا فيسأل نفسه دائما: كيف حال قلبك مع الله ؟ هذا السؤال الذي قلما يسأله الإنسان لنفسه أو يسأله أحدنا لأخيه بل تجد الواحد منا يلقى أخاه فيسأله عن بيته وسيارته وعمله وأولاده وربما سأل عن الخادمة والسائق، يسأل كل شيء ولكنه لا يسأل عن أهم شيء ألا وهو كيف حالك وحال قلبك مع الله؟ لقد كان حال سلفنا غير حالنا: كانوا إذا تلاقوا سألوا أول ما يسألون عن الإيمان؛ حتى أصبح معلوما عندهم أنه إذا سأل أحدهم أخاه عن حاله إنما يريد حال قلبه مع ربه. ودليل هذا في الحديث الذي في صحيح مسلم عن أبي ربعي حنظلة بن الربيع الأسيدي قال: لقيني أبو بكر فقال: كيف أنت؟ يا حنظلة! قال قلت: نافق حنظلة. قال: سبحان الله! ما تقول؟ قال قلت: نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. يذكرنا بالنار والجنة. حتى كأنا رأي عين. فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات. فنسينا كثيرا. وَاللَّه يَعلَم مَا فِي قلوبِكم - الكلم الطيب. قال أبو بكر: فوالله! إنا لنلقى مثل هذا. فانطلقت أنا وأبو بكر، حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: نافق حنظلة.
ان الله يرى مافي قلبك من الأحقاد يرى مافي جوالك من المحرمات يرى مافي حساباتك من الأموال المحرمة ألم يعلم بأن الله يرى الله عزوجل بيده شؤونك ، بيده صحتك ، بيده مرضك ، بيده رزقك ، بيده سعادتك ، بيده أن يعطيك أو أن يمنعك ، أو أن يرفعك أو أن يخفضك {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق:14] نحن أمام آية تربي المؤمن على المراقبة والشعور بأن الله يراقب أفعاله وأقواله هذه الآية تهز وجدان الانسان ، وتفعل في نفسه ما لا تفعله سلطات الدنيا ، ولا أحدث التقنيات في عالم المراقبة.