ويل لكل أفاك أثيم لمشاهدة الصورة بحجمها الأصلي اضغط هنا جودة الطباعة - ألوان جودة الطباعة - أسود ملف نصّي ويل لكل أفاك أثيم قال الله تعالى: ويل لكل أفاك أثيم ، يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم [الجاثية: 7-8] — أي هلاك شديد ودمار لكل كذاب كثير الآثام، يسمع آيات كتاب الله تقرأ عليه, ثم يتمادى في كفره متعاليا في نفسه عن الانقياد لله ورسوله, كأنه لم يسمع ما تلي عليه من آيات الله, فبشر -أيها الرسول- هذا الأفاك الأثيم بعذاب مؤلم مؤجع في نار جهنم يوم القيامة. ( التفسير الميسر) بالضغط على هذا الزر.. إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة الجاثية - قوله تعالى ويل لكل أفاك أثيم - الجزء رقم13. سيتم نسخ النص إلى الحافظة.. حيث يمكنك مشاركته من خلال استعمال الأمر ـ " لصق " ـ
والله سبحانه وتعالى أعلم. 7- "ويل لكل أفاك أثيم" أي لكل كذاب كثير الإثم مرتكب لما يوجبه، والويل واد في جهنم. 7. " ويل لكل أفاك أثيم "، كذاب صاحب إثم، يعني: النضر بن الحارث. 7-" ويل لكل أفاك " كذاب. " أثيم " كثير الآثام. 7. Woe unto each sinful liar, 7 - Woe to each sinful dealer in Falsehoods:
إذن: المشكلة عندهم ليستْ في القرآن، لأنهم أهل فصاحة وبلاغة ويعلمون إعجاز القرآن وصِدْقه لكن يحسدون الرجل الذي جاء القرآنُ على يديه، يقيسونه بمقاييس الجاه والثراء عندهم. فالرسالة في نظرهم ينبغي أنْ تأتيَ على يد رجل غني من عظماء القوم وأهل السيادة، وهذا عجيبٌ منهم لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان له مكانة عظيمة بينهم قبل البعثة، وكانوا يتحدثون بصدقه وأمانته، بدليل أنهم حكَّموه في أمر الحجر الأسود حينما أرادوا وضعه في مكانه واختلفوا عليه، فالتناقض في مواقفهم نحوه ظاهر، كانوا يقولون عنه ساحر وكاهن وكذاب وشاعر، فلما فَتَر عنه الوحي قالوا: إن رب محمد قلاه. وقوله تعالى: { فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الجاثية: 8] معلوم أن البشارة إخبارٌ بخير قبل أوانه، وسمَّاها بشارة لأنها تُظهر البشْر والسعادة على الوجوه ساعة تسمع خبراً يسرُّك، فاستخدام البشارة في العذاب والإهانة، مثل رجل كان يحثُّ ولده على المذاكرة والجد، ولكن الولد خالف أوامر أبيه، فلما ظهرتْ النتيجة وجد ولده راسباً فقال له: ابشر لقد رسبت، يريد أنْ يتهكَّم به ويعاقبه على إهماله.
وقال جمع من المفسّرين أيضاً: إنّ كلمة (وراء) من مادة المواراة، وتقال لكلّ شيء خفي على الإنسان وحجب عنه، سواء كان خلفه ولا يراه، أم أمامه لكنّه بعيد لا يراه، وعلى هذا فإنّ لكلمة (وراء) معنى جامعاً يطلق على مصداقين متضادين ( 4). وليس ببعيد إذا قلنا: إنّ التعبير بالوراء إشارة إلى مسألة العلة والمعلول، فمثلاً نقول: إذا تناولت الغذاء الفلاني غير الجيد فستمرض بعد ذلك، أي إنّ تناول الغذاء يكون علة لذلك المرض، وهنا أيضاً تكون أعمال هؤلاء علة لعذاب الجحيم المهين. ويل لكل افاك اثيم يسمع ايات الله تتلى عليه السلام. وعلى أية حال، فإنّ الآية تضيف مواصلةً الحديث أنّ هؤلاء إن كانوا يظنون أنّ أموالهم الطائلة وآلهتهم التي ابتدعوها ستحل شيئاً من أثقالهم، وأنّها ستغني عنهم من الله شيئاً، فإنّهم قد وقعوا في اشتباه عظيم، حيث: (ولا يغني عنهم ما كسبوا شيئاً ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء). ولما لم يكن هناك سبيل نجاة وفرار من هذا المصير، فإنّ هؤلاء يجب أن يبقوا في عذاب الله ونار غضبه: (ولهم عذاب عظيم). ولقد استصغر هؤلاء آيات الله سبحانه، ولذلك سيعظم الله عذابهم، وقد اغتر هؤلاء وتفاخروا فألقاهم الله في العذاب الأليم! إن هذا العذاب عظيم من كلّ الجهات، فهو عظيم في خلوده، وشدته، وباقترانه بالتحقير والإهانة، وعظيم في نفوذه إلى نخاع وقلوب المجرمين... نعم... إنّ الذنب العظيم، أمام الله العظيم، لا يكون جزاؤه إلاّ العذاب العظيم.
وكلمة { أَفَّاكٍ.. } [الجاثية: 7] صيغة مبالغة على وزن فعَّال، ولو كذب مرة واحدة لكان (آفِك) إنما تكرر منه هذا الذنب حتى بالغ فيه ومثله في المبالغة { أَثِيمٍ} [الجاثية: 7] يعني: كثير الإثم. فهي صيغة مبالغة أيضاً على وزن فعيل. أي: مُبالغ في الآثام. تقول: آثم وأثيم. مثل: عالم وعليم. فالمرء لو فهم علماً من العلوم سُمِّي عالم، أما عليم فيعني العلم في ذاته، لذلك لا تُقال إلا لله تعالى { وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: 76] فكأن هذا الآثِم قد تمرَّس في الإثم حتى صار طبعاً له وديدناً. الباحث القرآني. ثم يصف الحق سبحانه هذا الأفاك الأثيم، فيقول: { يَسْمَعُ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا.. } [الجاثية: 8] كأن الحق سبحانه يريد أنْ يُعرفنا الإفك على حقيقته، فالكذاب يكذب على مثله، أو يكذب على أسرة أو جماعة، لكن هذا يكذب على الدنيا كلها حين يُزوِّر الحقائق ويقلبها وهو متعمد. وهذا معنى { يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً.. } [الجاثية: 8] وذلك في القانون يقولون مع سَبْق الإصرار والترصُّد { مُسْتَكْبِراً.. } [الجاثية: 8] أي: متعالياً على الحق. وفي الحديث الشريف " الكبر بَطر الحقِّ، وغَمْط الناس " فهو يتكبَّر لأنها تأتي له أي الآيات بواسطة من كان يعتقد أنه دونه، وبذلك اعتدى على الحق واعتدى على مُحقٍّ، كما حكى القرآن عنهم: { وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزخرف: 31].
وصلوا وسلموا على نبيكم....
قلنا: كون العذاب مهينا يدل على حصول الإهانة مع العذاب ، وكونه عظيما يدل على كونه بالغا إلى أقصى الغايات في كونه ضررا. ثم قال: ( هذا هدى) أي كامل في كونه هدى ، ( والذين كفروا بآيات ربهم لهم عذاب من رجز أليم) والرجز أشد العذاب بدلالة قوله تعالى: ( فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء) [ البقرة: 59] ، وقوله: ( لئن كشفت عنا الرجز) [ الأعراف: 134] ، وقرئ ( أليم) بالجر والرفع ، أما الجر فتقديره: لهم عذاب من عذاب أليم ، وإذا كان عذابهم من عذاب أليم كان عذابهم أليما ، ومن رفع كان المعنى: لهم عذاب أليم ، ويكون المراد من الرجز الرجس الذي هو النجاسة ومعنى النجاسة فيه قوله: ( ويسقى من ماء صديد) [ إبراهيم: 16] ، وكان المعنى: لهم عذاب من تجرع رجس أو شرب رجس فتكون من تبيينا للعذاب.