كثيرًا ما يتساءل البعض في يومنا هذا حول " ما هو مفهوم الطلاق البدعي ؟" فيما باتت مشكلة الطلاق من المشكلات الحيوية التي تؤرق مجتمعاتنا العربية على وجه الخصوص، لنجد الأسرة المكونة من الأب والأم والأبناء في مهب الريح بعد وقوع الانفصال، مما يُهدد أمن وسلام المجتمع الذي يُعتبر استقرار الأسرة من استقراره، فهي البنية الأساسية لثبات وتقدُم وتطور البلاد. فيما يرى خبراء علم النفس أن الطلاق من الظواهر التي يتعرض الطفل للأذى النفسي منها، لما يشعر به من فقدان للأسرة والعائلة والدعم الكامل، كما يميل إلى الخوف من المستقبل، وكذلك الأم والأب يمران بمراحل من التشتت وخيبة الأمل فور الانفصال، لذا فإن الطلاق من الأمور التي لا يُحبذ الإقدام عليها، فماذا عن الطلاق البدعي و تعريف الطلاق السني ، وما الحكمة من تحريم الطلاق البدعي ؟، نُجيب عن تلك التساؤلات عبر مقالنا في موسوعة ، فتابعونا. مفهوم الطلاق البدعي يُعد الطلاق البدعي هو الذي يُشتق من كلمة بدعة أي ما تم استحداثه في الدين، فإن بها الضلال وعدم الرُشد أثناء اتخاذ القرارات، فقد قيل كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، لذا فإن الطلاق البدعي هو الذي لا يصح ولا يجوز وذلك وفقًا لما تم رصده في الفقه، وهذا ما نُسلط الضوء عليه في النقاط الآتية: جاء مفهوم الطلاق البدعي في قاموس المعاني بأنه؛ أن يُطلق الرجل زوجته ثلاثة مرات أو مرة واحدة أثناء الحيض، أو في طهر واحد.
27 شوال 1428 ( 08-11-2007) بسم الله الرحمن الرحيم الحكم الوضعي للطلاق أثناء الحيض. هذه المسألة من المسائل الشائكة، والقضايا المهمة، بل هي من عضل المسائل، لذا قال ابن القيم عنها: (هذه المسألة الضيقة المعترك، الوعرة المسلك التي يتجاذب أعنة أدلتها الفرسان، وتتضاءل لدى صولتها شجاعة الشجعان) (1) وقد اختلف العلماء - رحمهم الله - في هذه المسألة على قولين: القول الأول/ وقوع الطلاق في زمن الحيض. وبه قال جماهير أهل العلم من الحنفية(2) والمالكية(3) والشافعية(4) والحنابلة(5) فأما مذهب الحنفية فقد جاء في بدائع الصنائع (وأما حكم طلاق البدعة فهو أنه واقع) (6) وأما مذهب المالكية فقد جاء في الفواكه الدواني\".... فإن طلق في زمن حيضها عالماً به لزمه الطلاق وإن حرم عليه\". (7) وأما مذهب الشافعية فقد صرح الماوردي بوقوعه حيث قال: (.. الفرق بين الطلاق السني والطلاق البدعي. فمذهبنا أنه واقع وإن كان محرما). (8) وأما مذهب الحنابلة فقد جاء في المغني (إن طلق للبدعة.. أثم، ووقع طلاقه في قول عامة أهل العلم). (9) واستدلوا بأدلة كثيرة منها: - [الدليل الأول]: عموم أدلة الطلاق في القرآن، ومنها قوله - تعالى -: \" الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان\"[البقرة: 229] وقوله - تعالى -: \" فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره)[البقرة: 230]، وقوله: \" والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء\" [البقرة: 288] وغيرها من آيات الطلاق.
وجه الدلالة: أن هذه الآيات جاءت عامة لكل زوج طلق زوجته من غير تقييد بوقت دون وقت، ولا مطلقة أخرى، فدل على الوقوع في عموم الأوقات والأحوال، ولم يجد من النصوص ما يقيد إطلاق هذه الآيات، فوجب القول بوقوع الطلاق في الحيض والطهر الذي باشر امرأته فيه. (10) ونوقش: لا نسلم لكم دخول الطلاق البدعي في عمومات أدلة الطلاق، فالقول بهذا كالقول بدخول أنواع البيع المحرم في قوله - تعالى -(وأحل الله البيع) [البقرة: 275] لشمول اسم البيع لها، وهذا ظاهر البطلان(11). [الدليل الثاني]: قوله - تعالى -: \" يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن\" [الطلاق: 1] أي مستقبلات للعدة، ووقت العدة هو الطهر الذي لم يمس امرأته فيه، فإذا طلقها في الحيض أو الطهر الذي مسها فيه يكون مخالفاً لأمر الله، فيكون مرتكبا للحرام، ثم قال بعد ذلك: \"ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه\"، وهذا دليل على أن من خالف طلاق العدة والحدود التي شرعها الله فقد ظلم نفسه، ولا يكون ظالما لنفسه إلا إذا وقع الطلاق، وإلا فأي معنى لكلام لا أثر له أن يكون محرماً وفيه ظلم لقائله(12). بأن هذا الاستدلال محل نظر، ولا يسلم لكم بهº فالله - تعالى -قال: \" يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن\"، وصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - المبين عن الله مراده من كلامه- أن الطلاق المشروع هو الطلاق في زمن الطهر الذي لم يجامع فيه، أو بعد استبانة الحمل، وما عداهما فليس بطلاق للعدة في حق المدخول بها، فلا يكون طلاقا، فكيف تحرم المرأة به(13).
المصدر: الشيخ ابن باز من فتاوى نور على الدرب(22/7- 9)