وأما الفراسة الشيطانية فهي ما تلقيه الشياطين في قلوب أوليائها، مما فيه إعانةٌ لهم على الباطل، وإضلالٌ للناس بهم. إذا تبين ما سبق فما ورد في السؤال من دعاوى علم الغيب فيجب أن ينزل على ما تقدم؛ فهولاء النساء اللاتي يُدَّعَى فيهن الصلاح، ويدعين القدرة على معرفة أحوال الناس بما ذكر من التفصيل لا بد أن يكن كاهنات، ولهن أعوان من الجن، ولا يغتر بما يظهر من حالهن، فكثير من الدجالين منافقون يظهرون الصلاح والديانة، وهم في الباطن من أولياء الشياطين. وما ذكر عن هؤلاء النساء ليس هو من جنس الفراسة؛ فإن الفراسة شيء يلقى في القلب ليس هو باختيار صاحبه، يعلم به ما شاء من أحوال الناس. فالواجب عدم الانخداع بما تدعيه أولئك النسوة وأشباههن، ولا يجوز سؤالهن ولا تصديقهن، لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من أتى كاهنا أو عرافا فسأله فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد " (رواه الأربعة). هذا؛ والله أعلم، وصلى الله على محمد وسلم. حكم ادعاء معرفة الغيب عن طريق بعض الأولياء - إسلام ويب - مركز الفتوى. قاله عبد الرحمن بن ناصر البراك غفر الله عنه، وكتبه عنه عبد المحسن بن عبد العزيز العسكر سامحه الله تعالى. 12-10-1431هـ 21-9-2010 المصدر: موقع الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك 20 96, 470
محمد بن صالح العثيمين كان رحمه الله عضواً في هيئة كبار العلماء وأستاذا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية 129 25 100, 090
ومِنْ صُوَر الكِهانةِ الحديثةِ: قِرَاءةُ الكَفِّ والفنجان، قال الشيخ ابنُ باز: (الكف والفنجان وأشباه ذلك وضرب الحصى والودع، كل هذا ضَلالٌ، ومِنْ دعوى علم الغيب، فإذا زعم أنه يعلَمُ الغيبَ بهذه الأُمورِ صارَ كافرًا كُفْرًا أكبر، نعوذ بالله؛ لأنَّ الغيبَ لا يعلَمُهُ إلا الله، ولا يُعْلَمُ بضربِ الْحَصَى ولا بقِرَاءةِ الكَفِّ ولا الفِنجان، ولا بغيرِ ذلكِ مما يَتَعَاطَاهُ المشعوذون) انتهى. عباد الله: ومِنْ صُوَرِ ادِّعَاءِ عِلْمِ الغَيْبِ: السِّحْر، قال ابنُ قدامة: (السِّحرُ: عَزَائِمُ وَرُقَى وعُقَد تُؤثِّرُ في الأبدانِ والقلوبِ، فيُمرِضُ ويَقتلُ، ويُفرِّقُ بين المرءِ وزَوْجهِ) انتهى، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ﴾. عباد الله: ومِنْ صُوَرِ ادِّعَاءِ عِلْمِ الغَيْبِ: التنجيم، قال ابنُ تيمية: (الاسْتِدْلالُ بالأَحْوَالِ الْفَلَكِيَّةِ عَلَى الْحَوَادِثِ الأَرْضِيَّةِ) انتهى، فهو رَبْطُ ما سَيَقَعُ بحركةِ النُّجوم، وأنَّ لَهَا أَثَرًا في الحوادث المستقبلية، وقد عَدَّه النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ شُعْبةً مِنْ شُعَبِ السِّحْرِ فقالَ: (مَنْ اقْتَبَسَ عِلْمًا مِنَ النُّجُومِ، اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ زَادَ مَا زَادَ)؛ رواه أبو داود وصَحَّحهُ النووي.
والثاني: غَيْبٌ مُقيَّدٌ أَطْلَعَ اللهُ عليهِ بعضَ خَلْقِه مِن الملائكةِ والرُّسُلِ، ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ﴾.
السؤال: حكم من يدعي علم الغيب الجواب: الحكم فيمن يدعي علم الغيب أنه كافر؛ لأنه مكذب لله -عز وجل- قال الله تعالى: ﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾[النمل: 65]. وإذا كان الله -عز وجل- يأمر نبيه محمدا-صلى الله عليه وسلم- أن يعلن للملأ أنه لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله، فإن من ادعى علم الغيب فقد كذب الله -عز وجل- في هذا الخبر. ونقول لهؤلاء: كيف يمكن أن تعلموا الغيب والنبي-صلى الله عليه وسلم- لا يعلم الغيب؟! هل أنتم أشرف أم الرسول ،-صلى الله عليه وسلم- ؟! فإن قالوا: نحن أشرف من الرسول، كفروا بهذا القول، وإن قالوا: هو أشرف، فنقول: لماذا يحجب عنه الغيب وأنتم تعلمونه؟! تهافت شبهة الادعاء بعلم الغيب - إسلام ويب - مركز الفتوى. وقد قال الله -عز وجل- عن نفسه: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا﴾[الجن: 26- 27]. وهذه آية ثانية تدل على كفر من ادعى علم الغيب، وقد أمر الله تعالى نبيه-صلى الله عليه وسلم- أن يعلن للملأ بقوله: ﴿قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾[الأنعام: 50].
عباد الله: ومِن صُوَرِ ادِّعَاءِ عِلْمِ الغَيْبِ: الْطِّيَرةُ، قال السعديُّ: (وهو التشاؤم بالطيور والأسماء والألفاظ والبقاع وغيرها) انتهى، والطِّيَرَةُ فيها نوعُ ادِّعاءِ عِلْمٍ للغَيْبِ، وربط لِما سَيَقَعُ في المستقبل ببعض الأحوال والذوات والأشخاص والصفات، ولذا عدَّها النبيُّ صلى الله عليه وسلم شِرْكًَا فقال: (الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، ثَلاثًا) رواه أبو داود وصَحَّحه الألباني.
فيسمعها مسترق السمع ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض، فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن، فربما أدرك الشهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه، فيكذب معها مائة كذبة. فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا كذا وكذا. فيصدق بتلك الكلمة التي سمع من السماء. رواه البخاري ومسلم. فليس هناك دورة تعليمية تؤهل العبد لمعرفة الغيب، وإنما هو سحر وكهانة، وأمثال هؤلاء من أتاهم وصدقهم في قولهم معتقدا علمهم بالغيب، فإنه يكفر كفرا مخرجا من الملة بلا خلاف، وذلك لإشراكه بهم مع الله في علم الغيب الذي استأثر به لنفسه. ومن أتاهم لمجرد السؤال ولم يصدقهم، فهذا لم يكفر لكنه ارتكب كبيرة من الكبائر، وقد يحرم ثواب صلاته أربعين يوما زجرا له على معصيته. وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 15284 ، 29569 ، 14231. وقال الله تعالى: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْأِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْأِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ {الأنعام:128} وقد ذكر المفسرون أن استمتاع الجن بالإنس يكون بعبادتهم إياهم بالذبائح والنذور والدعاء، وأن استمتاع الإنس بالجن يكون بقضاء الجن لحوائج الإنس التي يطلبونها منهم، وإخبارهم ببعض المغيبات التي يطلع عليها الجن في بعض الجهات النائية، أو يسترقونها من السمع، أو يختلقون ذلك ويكذبونه وهو الأكثر.