وارتياح الأستاذ لآثار نجابة الطلاب مما يزيدهم جدًّا في الطلب, ويشعرهم باستعدادهم لأن يكونوا في النوابغ, وإنما ينبغ الناشئ في العلم متى سطع في نفسه مثل هذا الشعور, قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: تعلَّموا العلم وعلِّموه الناس, وتعلموا له الوقار والسكينة, وتواضعوا لمن تعلمتم منه ولمن علمت والمتواضع من يعرف قدره, ولا يأبى أن يرسل نفسه في وجوه الخير، وما يقتضي من حسن المعاشرة. " واخفض جناحك للمؤمنين". وإذا كان من يحتفظ بالعزة, ولا يصرف وجهه عن التواضع, هو الرجل الذي يُرجى لنفع الأمة, ويستطيع أن يخوض في كلِّ مجتمع, ضافي الكرامة, أنيس الملتقى, شديد الثقة بنفسه- كان حقًّا على من يتولَّى تربية الناشئ أن يتفقده في كلِّ طور, حتى إذا رأى فيه خمولًا وقلة احتراس من مواقع المهانة- أيقظ فيه الشعور بالعزة, والطموح إلى المقامات العلا حتى يتعلَّم أن المجد المؤثَّل لا يقوم إلا على دعائم العزة والتواضع. وعزّة النفس تعطي جمال لصاحبها وفخر ووقار لهُ بين الناس وتعطي مكانة في نفوس الآخرين وفي قلوبهم, والعزة هي الوقار التي يتحلى بها الشخص والتي يحترمها كل من يشاهدهُ والتي ينشرح لها العظماء والكبار من الناس. فالعزّة والعلم كخليط جميل يخرج أجمل ما في الإنسان ففي العلم الوقار والعزّة, وكما يقولون: من يعش بلا مبدأ يموت بلا كرامة, فالعزّة هي بوابة المبادئ الموجودة في الحياة والتي تندرج تحتها كل المبادئ التي قد يعرفها الإنسان فهي العمود الوحيد للمبادئ.
3- (خرج عمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه- إلى الشّام ومعه أبو عبيدة بن الجرّاح فأتوا على مخاضة وعمر على ناقة له فنزل عنها وخلع خفّيه فوضعهما على عاتقه وأخذ بزمام ناقته فخاض بها المخاضة فقال أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين أنت تفعل هذا؟ تخلع خفّيك وتضعهما على عاتقك وتأخذ بزمام ناقتك وتخوض بها المخاضة؟. ما يسرّني أنّ أهل البلد استشرفوك. فقال عمر: أوّه ، لو يقل ذا غيرك أبا عبيدة جعلته نكالا لأمّة محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم إنّا كنّا أذّل قوم فأعزّنا اللّه بالإسلام، فمهما نطلب العزّ بغير ما أعزّنا اللّه به أذلّنا اللّه) الحاكم في المستدرك (1/ 62) وصححه ووافقه الذهبي. 4- (عن عائشة- رضي اللّه عنها- قالت: «تغفلون أفضل العبادة: التّواضع») وكيع في الزهد (2/ 463). ورجاله ثقات وإسناده صحيح. خفض الجناح في القران الكريم. 5- (سئل الحسن البصريّ عن التّواضع؟ فقال: «التّواضع أن تخرج من منزلك ولا تلقى مسلما إلّا رأيت له عليك فضلا»). أخرجه وكيع في الزهد (2/ 467). 6- (قيل لعبد الملك بن مروان: «أيّ الرّجال أفضل؟ قال: من تواضع من قدرة، وزهد عن رغبة»)* إحياء علوم الدين (3/ 342). 7- (قال عبد اللّه بن المبارك- رحمه اللّه-: «رأس التّواضع أن تضع نفسك عند من دونك في نعمة الدّنيا حتّى تعلمه أنّه ليس لك بدنياك عليه فضل، وأن ترفع نفسك عمّن هو فوقك في الدّنيا حتّى تعلمه أنّه ليس له بدنياه عليك فضل»)* إحياء علوم الدين (3/ 343).
كما تحتاج امتنا الى الاقتصادي الماهر الذي يهتدي بنور هداية الله له في منهجه الاقتصادي ، فلا شرقية ولاغربية، وانما هو فخور بالنظام الاقتصادي الاسلامي وعنده القدرة على المزج وايجاد البدائل الصالحة لكل مخالفة لشرع الله. وامتنا بحاجة الى التربوي العاقل القادر على صياغة السلوكيات والاهداف المؤمنة الآمنة، والتي في ظلالها يتفيأ جيل الشباب الواعد، وقد زود بالعلم والايمان الراسخ المحصن ضد الافكار الهدامة ، والقيم الزائفة، لأنه تربى في ظلال شجرة اصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي ثمرها كل حين بإذن ربها. وامتنا بحاجة الى الصحفي الصادق المثقف والاعلام الهادف المهذب الذي ينقل الخبر بأمانة لا يتعسف في الحكم على الآخرين وامته ، بعيد عن الخيال الذي يوقع في الحرج والعنت، يسعى دوما للبناء ولملمة الصف. وامتنا بحاجة اكيدة الى هذه النخب الجادة المؤمنة المتواضعة، والتي تحمل الكل ، وتتعاطى مع الواقع بصورة مشرقة ، تجسد شرف الانتماء الصادق للوطن والأمة، لاوجود للعمالة في صفوفها، يسعى بذمتهم ادناهم ، وهم يد على من سواهم، وهذا البلد العظيم في دائرة الضوء داخليا وخارجيا، وقائد المسيرة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله يعلي من شأنه وشأن مواطنيه اينما توجه.