وقال سعيد بن جبير: شتم الخادم ظلم فما فوقه. وقال سفيان الثوري ، عن عبد الله بن عطاء ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عباس في قوله: ( ومن يرد فيه بإلحاد بظلم) قال: تجارة الأمير فيه. وعن ابن عمر: بيع الطعام [ بمكة] إلحاد. وقال حبيب بن أبي ثابت: ( ومن يرد فيه بإلحاد بظلم) قال: المحتكر بمكة. (ومَنْ يُرِدْ فيهِ بإلحادٍ بظُلْمٍ نُذِقْهُ مِن عذَابٍ ألِيم (أي حرم مكة – Riad Nachef – Islamic Affairs. وكذا قال غير واحد. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن إسحاق الجوهري ، أنبأنا أبو عاصم ، عن جعفر بن يحيى ، عن عمه عمارة بن ثوبان ، حدثني موسى بن باذان ، عن يعلى بن أمية; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " احتكار الطعام بمكة إلحاد ". وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة ، حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، حدثني سعيد بن جبير قال: قال ابن عباس في قول الله: ( ومن يرد فيه بإلحاد بظلم) قال: نزلت في عبد الله بن أنيس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه مع رجلين ، أحدهما مهاجر والآخر من الأنصار ، فافتخروا في الأنساب ، فغضب عبد الله بن أنيس ، فقتل الأنصاري ، ثم ارتد عن الإسلام ، وهرب إلى مكة ، فنزلت فيه: ( ومن يرد فيه بإلحاد بظلم) يعني: من لجأ إلى الحرم بإلحاد يعني بميل عن الإسلام.
وإذا توصّلنا من مطالعة الأحاديث السابقة إلى أنّها تستدلّ بهذه الآية على مساواة الناس في منازل مكّة، لأنّ ذلك الحكم إستحبابي، فلا مانع من توسعة موضوعه على ما يناسبه (فتأمّلوا جيداً). 5 - ماذا تعني عبارة (إلحاد بظلم)؟ تعني كلمة "الإلحاد" في اللغة الإنحراف عن حدّ الإعتدال، ولهذا أطلقت على الحفرة المجاورة للقبر التي تقع خارج حدّ الوسط كلمة "لحد". وعلى هذا فإنّ عبارة (إلحاد بظلم) تعني الخارجين عن حدّ الإعتدال بممارسة الظلم، فيرتكبون المخالفات في تلك الأرض المقدّسة، وقد حصر البعض مفهوم الظلم هنا بالشرك، وقال آخرون: إنّه يعني إباحة المحرّمات، وقال غيرهم: إنّ الظلم هنا ذو مدلول واسع يشمل كلّ ذنب وعمل حرام، فيدخل فيه حتّى السبّ للأدنى منه، وقالوا: إنّ إرتكاب أي ذنب في هذه الأرض المقدّسة له عقاب أشدّ. وجاء في حديث للإمام الصادق (ع) جواباً على سؤال لأحد أصحابه حول هذه الآية: "كلّ ظلم يظلم الرجل نفسه بمكّة من سرقة أو ظلم أحد أو شيء من الظلم فإنّي أراه إلحاداً، ولذلك كان ينهى أن يسكن الحرم" ( 3). وقد رويت أحاديث أُخرى تتضمّن هذا المعنى، وتنسجم مع ظاهر الآية. وعلى هذا يرى بعض الفقهاء - بالنسبة لمن يرتكب الذنب في الحرم المكّي - وجوب التعزير أو عقاب آخر إضافة إلى الحدّ الذي نصّ عليه الشارع، ويستدلّون على ذلك بعبارة (نذقه من عذاب أليم) ( 4).
فالأشهر الحرم هي: رجب وذو القعدة وذو الحجة وشهر الله المحرم. فرجب شهر حرام، بل هو أول الأشهر الحرم، وهذه هي ميزته علي باقي شهور السنة؛ أنه شهر من شهور الله الحرام.