ما معنى قوله تعالى ويمدهم في طغيانهم يعمهون
وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا: آمنا، وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا: إنا معكم، إنما نحن مستهزءون!. يؤكدون لشياطينهم أنهم معهم، وأن ولاءهم للمؤمنين ظاهري، هدفه الاستهزاء. وبلهجة قوية حاسمة يرد القرآن الكريم على هؤلاء ويقول: الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون (1). الآية الأخيرة توضح المصير الأسود المظلم لهؤلاء المنافقين ، وخسارتهم في سيرتهم الحياتية الضالة: أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين. الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ١ - الصفحة ٩٦. * * * 2 بحوث 3 1 - ظهور النفاق وأسبابه: حينما تندلع الثورة في منطقة معينة فإن مصالح الفئة الظالمة الناهبة المستبدة تتعرض للخطر حتما، خاصة إذا كانت الثورة مثل ثورة الإسلام تقوم على أساس الحق والعدالة. هذه الفئة تسعى للإطاحة بالثورة عن طريق السخرية والاستهزاء أولا، ثم بالاستفادة من القوة المسلحة والضغوط الاقتصادية، والتضليل الاجتماعي. وحين تبدو في الأفق علامات انتصار الثورة تعمد فئة من المعارضين إلى تغيير موقفها، فتستسلم ظاهريا، وتتحول في الواقع إلى مجموعة معارضة سرية. هؤلاء يسمون " منافقين " لانطوائهم على شخصيتين مختلفتين ( المنافق 1 - يعمهون، من " العمة " أي التردد في الأمر، وأيضا بمعنى عمي القلب والبصيرة بسبب التحير (راجع: مفردات الراغب، وتفسير المنار ، وقاموس اللغة).
وإنما أضاف الطغيان لضمير المنافقين ولم يقل في الطغيان بتعريف الجنس كما قال في سورة الأعراف: ( 202) { وإخوانُهم يُمِدُّونهم في الغيّ} إشارة إلى تفظيع شأن هذا الطغيان وغرابته في بابه وإنهم اختصوا به حتى صار يعرف بإضافته إليهم. والظرف متعلق بيمدهم ويعمهون} جملة حالية.
وقوله: { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه} فالأول ظلم والثاني عدل، فهما وإن اتفق لفظهما فقد اختلف معناهما، وإلى هذا المعنى وجهوا كل ما في القرآن من نظائر ذلك والعمه: الضلال، يقال: عمه عمهاً إذا ضل، وقوله: { في طغيانهم يعمهون} أي في ضلالتهم وكفرهم يترددون حيارى، لا يجدون إلى المخرج منه سبيلاً لأن اللّه قد طبع على قلوبهم، وختم عليها، وأعمى أبصارهم عن الهدى فلا يبصرون رشداً ولا يهتدون سبيلاً، وقال بعضهم: العمه في القلب، والعمى في العين، وقد يستعمل العمى في القلب أيضا كم قال تعالى: { فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}.
قال ابن جرير: والعمه: الضلال ، يقال: عمه فلان يعمه عمها وعموها: إذا ضل. قال: وقوله: ( في طغيانهم يعمهون) في ضلالهم وكفرهم الذي غمرهم دنسه ، وعلاهم رجسه ، يترددون [ حيارى] ضلالا لا يجدون إلى المخرج منه سبيلا ؛ لأن الله تعالى قد طبع على قلوبهم وختم عليها ، وأعمى أبصارهم عن الهدى وأغشاها ، فلا يبصرون رشدا ، ولا يهتدون سبيلا. [ وقال بعضهم: العمى في العين ، والعمه في القلب ، وقد يستعمل العمى في القلب أيضا: قال الله تعالى: ( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) [ الحج: 46] ويقال: عمه الرجل يعمه عموها فهو عمه وعامه ، وجمعه عمه ، وذهبت إبله العمهاء: إذا لم يدر أين ذهبت.
[ ص: 297] وإنما أضاف الطغيان لضمير المنافقين ولم يقل: في الطغيان ، بتعريف الجنس كما قال في سورة الأعراف وإخوانهم يمدونهم في الغي إشارة إلى تفظيع شأن هذا الطغيان وغرابته في بابه وأنهم اختصوا به حتى صار يعرف بإضافته إليهم. والظرف متعلق بـ ( يمدهم). و ( يعمهون) جملة حالية.