ثم ذكروا أنه أراد قطع لسان الحطيئة لئلا يهجو به الناس فأجلسه على كرسي وجيء بالموس، فقال الناس: لا يعود يا أمير المؤمنين وأشاروا إليه قل: لا أعود. فقال له عمر: النجا. فلما ولى قال له عمر: ارجع يا حطيئة، فرجع فقال له: كأني بك عند شاب من قريش قد كسر لك نمرقة، وبسط لك أخرى. وقال: يا حطيئة غننا، فاندفعت تغنيه بأعراض الناس. قال أسلم: فرأيت الحطيئة بعد ذلك عند عبيد الله بن عمر وقد كسر له نمرقة وبسط له أخرى. وقال: يا حطيئة غننا فاندفع حطيئة يغني. فقلت له: يا حطيئة أتذكر يوم عمر حين قال لك ما قال؟ ففزع وقال: رحم الله ذلك المرء، لو كان حيا ما فعلنا هذا. فقلت لعبيد الله: إني سمعت أباك يقول كذا وكذا فكنت أنت ذلك الرجل. وقال الزبير: حدثني محمد بن الضحاك عن أبيه قال: قال عمر للحطيئة: دع قول الشعر. قال: لا أستطيع. ؟مَاذَا تقول لأِفْراخٍ بذي مَرَخٍ. قال: لم؟ قال: هو مأكلة عيالي، وعلة لساني. قال: فدع المدحة المجحفة. قال: وما هي يا أمير المؤمنين؟ قال: تقول بنو فلان أفضل من بني فلان، امدح ولا تفضل. فقال: أنت أشعر مني يا أمير المؤمنين. ومن مديحه الجيد المشهور قوله: أقلوا عليهم لا أبا لأبيكم * من اللوم أوسدّوا المكان الذي سدوا أولئك قومي إن بنوا أحسنوا البنا * وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا وإن كانت النعماء فيهم جزوا بها * وإن أنعموا لا كدروها ولا كدّوا قالوا: ولما احتضر الحطيئة، قيل له: أوص.
الحطيئة معلومات شخصية تاريخ الوفاة سنة 650 الكنية أبو مُليكة الحياة العملية المهنة شاعر [1] القبيلة بنو عبس بوابة الأدب تعديل مصدري - تعديل أبو مُلَيْكة جرول بن أوس بن مالك العبسي المشهور بـ الحطيئة. شاعر مخضرم أدرك الجاهلية وأسلم في زمن أبي بكر. ولد لدى بني عبس من أَمةٍ اسمها (الضراء) دعِيًّا لا يُعرفُ له نسب فشبّ محروما مظلوما، لا يجد مددا من أهله ولا سندا من قومه فاضطر إلى قرض الشعر يجلب به القوت، ويدفع به العدوان، وينقم به لنفسه من بيئةٍ ظلمته، ولعل هذا هو السبب في أنه اشتد في هجاء الناس، ولم يكن يسلم أحد من لسانه فقد هجا أمّه وأباه حتى إنّه هجا نفسه. ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ!!. أدبه [ عدل] للحطيئة ديوان شعر طبع في إسطنبول سنة 1890 ، ثمّ في ليبسيغ سنة 1893 ، ثمّ في مصر سنة 1905 ، وهو يتضمّن مدحاً وهجاءً وفخراً وغزَلاً. [2] حبسه في السجن [ عدل] كان سبب حبسه أن الزبرقان بن بدرالتميمي سيد قومه عَمِل للنَبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبي بكر وعمر، وكان يجمع زكاة قومه ويؤديها لهم. وقد أشتكى لعمر لما هجاه الحطيئة. فقال له عمر: وما قال لك ؟ قال: قال لي: دعِ المكارمَ لا ترحلْ لبغيتها واقعـدْ فإنّك أنـت الطاعمُ الكاسي فقال عمر: ما أسمع هجاء ولكنها معاتبة.
معنى أفراخ بذي مرخ: هي الأفراخ صغيرة السن التي لم يظهر لها الريش والمرخ هو الدهن على الجسد وهذة الجمله تقال كناية عن شدة صغر الفرخ.
ثم قال له عمر: والله لولا أن تكون سُنّة لقطعت لسانك. فاشترى عمر منه أعراض المسلمين بثلاثة آلاف درهم، وأخذ عليه عهداً ألا يهجو أحداً فقال الخطيئة لك عهد الله يا امير المؤمنين. فقال عمر: لكأني بفتىً من قريش قد نصب لك نمرقة، فاتكأت عليها، وأقبلت تنشده في أعراض المسلمين. قال: أعوذ بالله يا أمير المؤمنين. فأطلقه الخليفة واشترى منه أعراض المسلمين بثلاثة آلاف درهم، فتوقف عن الهجاء،قال بعض الرواة: فوالله لقد رأيته عند عبيد الله بن زياد على الحال التي ذكر عمر رضي الله عنه، فقلت له: لكأن أمير المؤمنين عمر كان حاضراً لك اليوم، فتأوه. وقال: رحم الله ذلك المرء، فما أصدق فراسته.