يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله ما معناه[2]: حال المسلمين اليوم مع القرآن الكريم تستدعي الدراسة المعمّقة، ذلك أن المسلمين – بعد القرون الأولى – انصرف اهتمامُهم بكتابهم إلى ناحية التلاوة، وضبطِ مخارج الحروف، وإتقان الغُنن والمدود (أقول: إن الشيخ رحمه الله متفائل، فهذا القدْر الضْألُ غيرُ متحقّقٍ فينا!! ).. لكنهم – بالنسبة لتعاملهم مع كتابهم – صنعوا عبئاً ربما لم تصنعه الأمم الأخرى، فإنّ كلمة (قرأتُ) عندما يقولها الإنسان الأمي – مثلاً – أنّ رسالةً جاءته، أو كتاباً وقع بين يديه، فنظر فيه، وفهم المقصود منه، فلا فكاك بين الفهم والقراءة، أما الأمة الإسلامية اليوم فقد فصلت بين التلاوة والتدبّر، فأصبحنا – إذا قرأنا – نقرأ لمجرد البركة، (أو نيل حسنات التلاوة)، وكأنّ ترديد الألفاظ دون وعيٍ لمعانيها، وعملٍ بما فيها هو المقصود! كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ – بوابة الرابطة المحمدية للعلماء. لذلك وجدنا الأمة الإسلامية عندما هجرت كتابها، أو على الأقل أخذت تقرؤه على أنه تراتيلُ دينية، فإنها فقدتْ صلتها بالكون، وكانت النتيجة أن الذين درسوا الكون خدموا به الكفر، واستطاعوا تسخير الكون لأنفسهم، ومبادئهم، أما نحن – ومع أنّ كتابنا كتابُ الفكر، وكتاب تجاوبٍ مع الكون – فما الذي صرفنا عن هذا كلِّه؟.
هل هناك أعلى وأغلى وأروع من القرآن الكريم مادة للتفكير والتأمل والتدبر، وتركيز الذهن، والتكرار؟ أليس في الأحاديث النبوية الكثيرة الواردة في الأذكار أذكارٌ بعضها يُكرّر ثلاث مرات، وبعضها سبعاً، وبعضها عشراً، وبعضها ثلاثاً وثلاثين، وبعضها مئة مرة، وبعضها كلما أكثر منها صاحبها كان أكبر أجراً؟. لقد كان بعض السلّف رضي الله عنهم يكررون الآية الواحدة، أو شطر الآية مرات عديدة، وكان بعضهم ينفق في السورة الواحدة أو جزءٍ منها عدة ساعات، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قام ليلة كاملة بآية واحدة، يقرؤها، ويرددها حتى أصبح، وهي قوله تعالى في سورة المائدة حكايةً عن عيسى عليه السلام: ﴿ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ ، رواه أحمد. كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ. هذا – إذن – الأصل الشرعي لفكرة التكرار بوصفه معيناً على التفكر والتدبر. يقول الدكتور مالك البدري: "ومن الإرشادات المهمة التي يجب على المتأمل سماعها: إهمال الأفكار والخواطر التي لا تفتأ (تحشر نفسها) في ذهنه لتمنعه من التركيز فيما يتأمل، وعليه أن يعود لتركيز ذهنه مرةً أخرى فيما اختاره موضوعاً لتفكره وتأمله. ويكون مسترخياً في جلسته، ومع مرور الأيام يتدرب على هذا، فيزداد تفكره عمقاً، وقد وجد كثير من الباحثين أن الذي يقوم بهذا التأمل مرتين في اليوم، صباحاً ومساءً، لمدة عشرين دقيقة في كل مرة، تتحسن صحته النفسية والجسمية، ويصبح أكثر تفاؤلاً، وقدرة على الإنتاج والإبداع".
5. 00$ الكمية: شحن مخفض عبر دمج المراكز تاريخ النشر: 01/12/2021 الناشر: مكتبة العبيكان النوع: ورقي غلاف فني مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين نبذة الناشر: ما أسعد المسلم بكتاب الله، وهنيئًا لمن رَزَقَهُ اللهُ تأمُّلَ كتابه وتدبُّره، وما أحسن الدعاء المأثور: «اللهمَّ إني أسألك بكل اسمٍ هو لك؛ سمَّيت به نفسك، أو علَّمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء همِّي، وذهاب حُزني وغمِّي... » جلسات تدبر: كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب الأكثر شعبية لنفس الموضوع الأكثر شعبية لنفس الموضوع الفرعي أبرز التعليقات
ولك أن تجعل ما في التنكير من معنى التعظيم مسوغا للابتداء وتجعل جملة " أنزلناه " خبرا أول ، و " مبارك " خبرا ثانيا ، و " ليدبروا " متعلقا ب " أنزلناه " ، ولكن لا يجعل " كتاب " خبر مبتدأ محذوف وتقدره: هذا كتاب ، إذ ليس هذا بمحز كبير من البلاغة. والمبارك: المنبثة فيه البركة وهي الخير الكثير ، وكل آيات القرآن مبارك فيها لأنها: إما مرشدة إلى خير ، وإما صارفة عن شر وفساد ، وذلك سبب الخير في العاجل والآجل ولا بركة أعظم من ذلك. [ ص: 252] والتدبر: التفكر والتأمل الذي يبلغ به صاحبه معرفة المراد من المعاني ، وإنما يكون ذلك في كلام قليل اللفظ كثير المعاني التي أودعت فيه بحيث كلما ازداد المتدبر تدبرا انكشف له معان لم تكن بادية له بادئ النظر. وأقرب مثل للتدبر هنا هو ما مر آنفا من معاني قوله تعالى وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا إلى قوله أم نجعل المتقين كالفجار ، وتقدم عند قوله تعالى أفلا يتدبرون القرآن في سورة النساء. وقرأ الجمهور " ليدبروا " بياء الغيبة وتشديد الدال. وأصل " يدبروا " يتدبروا ، فقلبت التاء دالا لقرب مخرجيهما ليتأتى الإدغام لتخفيفه وهو صيغة تكلف مشتقة من فعل: دبر بوزن ضرب ، إذا تبع ، فتدبره بمنزلة تتبعه ، ومعناه: أنه يتعقب ظواهر الألفاظ ليعلم ما يدبر ظواهرها من المعاني المكنونة والتأويلات اللائقة ، وتقدم عند قوله تعالى أفلم يدبروا القول في سورة المؤمنين.
إعداد: ذ. مصطفى اليربوعي مركز الدراسات القرآنية قال الله جل جلاله: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [ص: 29]، تبين هذه الآية أن الواجب على أولي الألباب والعقول أن يتلًوا القرآن حق تلاوته، ويتدبروا حقائق عبارتِه، ويتفهموا معانيه، ويتبيَّنوا أسراره. قال البيضاوي في معنى "ليدَّبَّروا": «ليتفكروا فيها، فيعرفوا ما يدبر ظاهرها من التأويلات الصحيحة، والمعاني المستنبطة»[1]. وقد أمر الله جل جلاله بتدبُّر القرآن في كثير من آيات كتابه، منها: قوله عزَّ وجلَّ: ﴿أفلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ [الروم: 24]، وقوله جل جلاله: ﴿أفلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء: 82]، وقوله جل جلاله ﴿أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ﴾ [المؤمنون: 68]. والتدبر: التأمل والنظر فى أدبار الأمور وما يؤل إليه في عاقبته، ثم استعمل في كل تأمل. والتفكر تصرف القلب بالنظر في الدلائل. وتدبر القرآن: النظر والتفكير في غاياته، ومقاصده التي يرمى إليها، وتدبر القرآن لا يتصور بدون الوقوف على المعنى، ولا يكون إلا مع حضور القلب، وجمع الفهم وقت تلاوته[2].
تفسير و معنى الآية 29 من سورة ص عدة تفاسير - سورة ص: عدد الآيات 88 - - الصفحة 455 - الجزء 23. ﴿ التفسير الميسر ﴾ هذا الموحى به إليك -أيها الرسول- كتاب أنزلناه إليك مبارك؛ ليتفكروا في آياته، ويعملوا بهداياته ودلالاته، وليتذكر أصحاب العقول السليمة ما كلفهم الله به. ﴿ تفسير الجلالين ﴾ «كتاب» خبر مبتدأ محذوف أي هذا «أنزلناه إليك مبارك ليدَّبروا» أصله يتدبروا أدغمت التاء في الدال «آياته» ينظروا في معانيها فيؤمنوا «وليتذكر» يتعظ «أولوا الألباب» أصحاب العقول. ﴿ تفسير السعدي ﴾ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ فيه خير كثير، وعلم غزير، فيه كل هدى من ضلالة، وشفاء من داء، ونور يستضاء به في الظلمات، وكل حكم يحتاج إليه المكلفون، وفيه من الأدلة القطعية على كل مطلوب، ما كان به أجل كتاب طرق العالم منذ أنشأه اللّه. لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ أي: هذه الحكمة من إنزاله، ليتدبر الناس آياته، فيستخرجوا علمها ويتأملوا أسرارها وحكمها، فإنه بالتدبر فيه والتأمل لمعانيه، وإعادة الفكر فيها مرة بعد مرة، تدرك بركته وخيره، وهذا يدل على الحث على تدبر القرآن، وأنه من أفضل الأعمال، وأن القراءة المشتملة على التدبر أفضل من سرعة التلاوة التي لا يحصل بها هذا المقصود.
فنقرأ في الآية (50) من سورة الأنبياء: وهذا ذكر مبارك أنزلناه. وفي الآية (29) من سورة ص: كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته. وجاء في الآية (19) من سورة الأنعام: وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ. وتقول الآية الأولى من سورة إبراهيم: كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور. وأخيرا، جاء في الآية (82) من سورة الإسراء: وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين. ولهذا، فإن القرآن الكريم يجب أن يأخذ مكانه من حياة المسلمين، ويكون في صميمها لا على هامشها، وعليهم أن يجعلوه قدوتهم وأسوتهم، وأن ينفذوا كل أوامره، وأن يجعلوا خطوط حياتهم وطبيعتها منسجمة معه. لكن، جماعة من المسلمين - مع الأسف الشديد - لا يتعاملون مع القرآن إلا على أنه مجموعة أوراد وأذكار، فهم يتلونه جميعا تلاوة مجردة، ويهتمون أشد الاهتمام بالتجويد ومخارج الحروف وحسن الصوت، وأكثر شقاء المسلمين وتعاستهم يكمن في أنهم أخرجوا القرآن عن كونه دستورا جامعا لحياة البشر، واكتفوا بترديد ألفاظه، وقنعوا بذلك. والجدير بالانتباه أن الآيات مورد البحث تقول بصراحة: إن هؤلاء المنافقين المرضى القلوب لم يتدبروا في القرآن ، فلاقوا هذا المصير الأسود. "