وفي المملكة ساهم النمو السكاني والتوسع الحضري والتطور التقني والتحول المعلوماتي المتتابع في دفعها نحو التفكير لإنشاء المدن الذكية ترسيخاً لمفهومها العصري الذي بدأ في الانتشار سريعًا بشكل عملي في الكثير من مدن العالم. لقد تضمنت رؤية المملكة 2030 تحويل مدن المملكة إلى مدن ذكية عبر تحقيق أهداف برنامج التحول الوطني في مجال التحول الرقمي، حيث أعلنت وزارة الشؤون البلدية والإسكان عن اختيار خمس مدن سعودية للبدء في تحويلها لمدن ذكية خلال الفترة المقبلة وهي: مكة المكرمة، والمدينة المنورة، والرياض، وجدة، والدمام، نظرًا لتوفر البنى التحية لها من تَوفُّر وجاهزية الخدمات مثل التخطيط الحضري وتقنية المعلومات والاتصالات والشبكات العنكبوتية (الإنترنت). لذا بدأت المملكة في تجهيز البنى التحية وإنشاء منظومة متكاملة لإدارة كل مرافق وخدمات المدينة عبر منظومة إلكترونية ذكية ومترابطة، حيث يأتي هذا المشروع الطموح ضمن التطلعات الطموحة لرؤية المملكة 2030 التي تسعى لتنويع القاعدة الاقتصادية للمملكة من دون الاعتماد على النفط كمورد رئيس للمملكة، كما تسعى المملكة لتحسين جودة الحياة ورفاهيتها في المدن الذكية من خلال استخدام التقنيات الحديثة والبيانات الذكية لتحسين الاتصالات والمواصلات واستخدامات الطاقة والمرافق الصحية وجودة الهواء ودفع النمو الاقتصادي للمواطنين والمقيمين والسائحين عبر مدن ذكية نظيفة خالية من التلوث.
أطلقت منظومة الشؤون البلدية والقروية مبادرة «تطبيق مفاهيم المدن الذكية» إحدى مبادرات التحول البلدي المنبثق من برنامج التحول الوطني 2020 ورؤية المملكة التطويرية 2030. وتستهدف المنظومة تطبيق مفاهيم وعناصر المدن الذكية في خمس مدن سعودية بحلول 2020 بالشراكة مع القطاع الخاص، مشيرة إلى أن المبادرة تمثل إحدى المبادرات المهمة للوزارة لاستكمال مشروع دراسة مكونات المدن الذكية، وتعميمها وتفعيل تطبيقها. وأوضحت المنظومة أن مدن المملكة تتفاوت في جاهزيتها للتحول إلى مدن ذكية، حيث أظهرت «دراسة مكونات المدن الذكية» أن مدينة مكة المكرمة في المرتبة الأولى من حيث الجاهزية، تليها مدينة الرياض، ثم مدينة جدة، فالمدينة المنورة، والأحساء، مبينة أنه تم إعطاء وزن نسبي لمكونات الاستبانة التي استخدمت في الدراسة، بواقع 20% لمكون السكان، 50% للأمانات، و30% للجهات المركزية. ووفقا لصحيفة مكة أشارت إلى أنها بدأت في صياغة سياسات وطنية واستراتيجيات محلية لتحويل المدن الخمس على مراحل عدة بحيث يتم تحويل مدينتين إلى مدن ذكية خلال 2018، و3 مدن بنهاية 2019 وصولا إلى 5 مدن بنهاية 2020. وكشفت المنظومة أنها تجري حاليا دراسة لتحديد مدى جاهزية المدن السعودية للتحول إلى مدن ذكية، وذلك بالاستناد إلى أفضل الممارسات العالمية والعلمية بإعداد استطلاعات رأي ميدانية من خلال تعبئة استبانات تتضمن ستة أبعاد هي (الرؤية، ثقافة الابتكار والمشاركة، الإجراءات، التقنية، البيانات، التخطيط الحضري).
وقالت إن هناك سوء فهم في ترجمة هذا المصطلح، الذي ظهر في الستينيات من القرن الماضي، إذ إن الهدف منه هو إيجاد حلول للتحديات، ومحاولة تطوير الخدمات من أجل توفير حياة كريمة ومستقرة وآمنة لسكان المدينة. الخوف من تغيير الهوية وترى الحضرمية أن كل مدينة عربية، لها عنوانها المميز من خلال مجتمعها الذي يقطن فيها، وما لديه احتياجات مختلفة عن المدن الأخرى، وبالتالي فإن المدن الذكية يتم تصميمها بناءً على احتياجات المواطنين وبحسب هوية وثقافة الدولة، وليس لما تم عمله فى دولة أخرى. وتشدد ليلى الحضرمية على ضرورة استحداث وتطوير أطر تنظيمية مثل "قوانين البنية الذكية"، التي تُشرّع وتضبط عمل الجهات المعنية بتجهيز البنية التحتية للمدينة الذكية تطوير البشر والحجر وتؤكد الحضرمية أن نجاح مشاريع المدن الذكية يحتاج إلى إشراك المجتمع، وتطوير "البشر والحجر"، حيث يجب أن يكون هناك تطوير مستمر في بناء قدرات العاملين في مشاريع المدن الذكية وبناء مراكز التقنية التي تواكب التطورات التي تحدث في العالم. ولفتت إلى أن مشاريع المدن الذكية مكلفة جدا، إذ يشكّل هذا الأمر عائقا أمام تبني الكثير من الحكومات في الاستثمار في هذه المشاريع، لذلك قامت معظم الدول بإيجاد حلول بديلة في تمويل هذه المشاريع من خلال الشراكة مع القطاع الخاص.
المقال إنَّ ترسيخ مفهوم المدن الذكية، بدأ في الانتشار سريعاً بشكل عملي حول العالم في الكثير من المدن عالمياً، وخاصة المدن المكتظة بالسكان؛ وذلك لأنَّ المدينة الذكية، تلبي احتياجات الأجيال الحالية والقادمة، فيما يتعلق بالجوانب الاقتصادية، والاجتماعية والبيئية، والثقافية، وباختصار، فإن المدينة الذكية، هي التي تطبق كل مؤشرات الرفاه الاجتماعي من حيث توافر تحليل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء وشبكات الـ 5G والابتكار والاستدامة فيها. ونتيجة لما حققته المدن الذكية، من إنجازات عديدة، تتعلق بتحسين الوضع الحياتي للسكان، فقد أطلق الاتحاد الدولي للاتصالات، قبل فترة، مبادرة طموحة، تحت شعار»متحدون من أجل مدن ذكية مستدامة» والتي تتسق تماماً مع أهداف ومؤشرات «المدن الذكية»، التي انتشرت حول العالم، بسرعة كبيرة ومذهلة. وهذه المبادرة والتي تُعد إحدى مبادرات الأمم المتحدة، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، إضافة لتعاون عدد من الشركاء العالميين، أسهمت في انتشار ثقافة المدن الذكية، التي تستهدف تحقيق التنمية المستدامة وجعل المدن والمستوطنات البشرية متاحة للجميع وآمنة ومستدامة.
*جامعة الملك سعود