ومما يؤكد أن الحجارة أمطرت عليهم جميعًا، أن أكثر مواضع القرآن التي تذكر عذاب قوم لوط لا تذكر إلا إمطارهم بالحجارة، كقوله تعالى: وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ [الأعراف:84]، وقوله: وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ [الشعراء:173] [النمل:58]، وقوله: لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ. حجارة من سجل الزوار. مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ [الذاريات:32-34]، وقوله: إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ [القمر:34]، وقوله: وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا [الفرقان:40]. وقد جمع القرآن بين نوعي العذاب، وقدم ذكر الخسف والقلب على ذكر الإمطار، وذلك في ثلاثة مواضع: الأول: قوله تعالى: وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى. فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى [النجم:53-54]، قال الواحدي في الوجيز: {والمؤتفكة} قرى قوم لوط {أهوى} أسقطها إلى الأرض بعد رفعها {فغشَّاها ما غشَّى} ألبسها العذاب والحجارة. وقال ابن كثير في تفسيره: {والمؤتفكة أهوى} يعني: مدائن لوط، قلبها عليهم، فجعل عاليها سافلها، وأمطر عليهم حجارة من سجيل منضود؛ ولهذا قال: {فغشاها ما غشى} يعني: من الحجارة التي أرسلها عليهم.
وَلذلكَ ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ)، لَمْ يَلعنْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي حَدِيثٍ، إلا في هذا العملِ الخبيثِ، فأينَ يَذهبونَ إذا طُرِدوا من رَحمةٍ وَسِعَتْ العالَمينَ، ومن يرحمُهم إذا خَرجوا من رحمةِ أرحمِ الرَّاحمينَ. الوليدُ بنُ عبدِ الملكِ الخليفةُ الأُمويُّ الذي امتدَّتْ في زمنِه حدودُ الدَّولةِ الإسلاميَّةِ من المغربِ الأقصى غرباً، وإلى بلادِ الهندِ فأطرافِ الصِّينِ شَرقاً، حتى أصبحتْ الدَّولةُ الأمويَّةُ أكبرَ امبراطوريَّةٍ عرفَها التَّاريخُ، وانفتحتْ البِلادُ على كلِّ الحضَاراتِ، وخالَطتْ كلَّ الثَّقافاتِ، وجاءَ النَّاسُ من كلِّ مكانٍ إليه في دمشقٍ عاصمةِ العلمِ والعُمرانِ، يقولُ رحمَه اللهُ: (لولا أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ قصَّ علينا خبرَ قَومِ لوطٍ، ما ظننتُ أنَّ ذَكَراً يعلو ذَكَراً). والعجيبُ.. حجارة من سجيل. أن أصحابَ هذه الفاحشةِ في كلِّ زمانٍ وحِينٍ، يُرغِمونَ الآخرينَ للاعترافِ بحقوقِهم بالقوَّةِ أو باللِّينِ، ويُسمونَ أنفسَهم خِداعاً وتزييفاً بالمِثليينَ، وإن لم تَعترفْ بفعلِهم فإنَّكَ عدوٌّ للحُريَّةِ مبينٌ، تدعو إلى الكراهيةِ وينبغي أن تكونَ من المَنبوذينَ، (قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ)، فإما أن ترضى بفاحشَتِهم الذَّميمةِ، أو تَخرجَ مَطروداً من مسرحِ الجريمةِ.
لنقرأ آيات الرعد والبرق: «هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ، ويُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاء وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ.. » الرعد 12،13. M75 - معركة حجارة سجّيل » فلسطين ذاكرة الشهداء. «وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مَاء فَيُحْيِي بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا. » الروم 24. يتكون البرق من جرّاء تصادم غيوم الشحنات السالبة بغيوم الشحنات الموجبة، وأحياناً ترتفع درجات حرارة البرق إلى آلاف الدرجات وتكون الصواعق المرعبة الحارقة، فإذا سار البرق في الهواء، تمدد الهواء بفعل حرارة البرق العالية، وبعد التمدد يعود الهواء البارد ليملأ هذا الفراغ، فيكون الرعد ومن ثم الصواعق. البرق هو ضوء الرعد، والرعد صوت البرق، وبما أن سرعة الضوء 300000 كم/ثا وسرعة الصوت 330م/ثا فإن الضوء أسرع من الصوت بكثير، فالإنسان يرى ضوء البرق قبل سماع صوت الرعد، فيبدأ بالخوف والهلع لأنه يتوقع بعد البرق أَنْ تأتي الرعود والصواعق المُخيفة فيخاف منها، وبعد ذلك يُرى الغيث يهطُل فيُطمع به لينزل من السماء الماء الذي يُحيي الأرض |(خوفاً من أن يكون البرق صاعقة قاتلة، وطمعاً في أن يكون وراءه سحابٌ مثقلٌ بالأمطار، تخافون الصواعق أن تميتكم، وتطمعون بالماء أن يحيكم ويسقي أرضكم وزرعكم ويعطيكم الرزق)، «وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ» الذاريات 22.