تَنَصَّل هذا عن رداء العافية بمجاهرته. ويتسربل آخرون بعباءة النفاق. والله يشهد إنهم لكاذبون. إن تقدير رجل أعز قومه، ونفع بلده، أمر مطلوب. والأمة التي تتنكر لرجالها ليست هناك. لكن "القائد الملهم" في ثوراتنا السابقة يحيل على التعلق القلبي الغريب بمثل هذه الألقاب، فـ"يلهم" حكامنا أنهم قدر هذه الأمة وقضاؤها، وأن في تسلطهم على رقاب أبنائها عزها ورخاؤها!!!. ماذا ألهم "أب الناصريين" يوم أخزاه الله في هزيمته الشنعاء إلا أن يذرف أمام الشعب دموع التماسيح ويلوح بتنحيه ليرتفع الهتاف عندها باسمه وبالتوسل إليه ليظل "قائدا". يا للخيبة! الكور بعد الحور. يا للاستخفاف!. ثالثا: هذه النقطة مرتبطة بسابقتها، ذلك أن الدولة بعد "الثورة" تبنى على نفوذ محيط "الثائر"، فتسمع في بلد عن "عشيرة الرئيس" و"حزب الرئيس"، وفي بلد آخر عن "زوجة الرئيس" و"نجل الرئيس". و يصبح هذا "المحيط" فضاء للسلطوية والاستغناء المشبوه وما يتناسل عنهما من رذائل العلاقات داخل المجتمعات العربية. والحكايات في هذا الباب أشهر من نار على عَلَم. لعل هناك الكثير من الباحثين الذين تعرضوا لمثل هذه النقاط في كتب ألفوها أو دراسات أشرفوا عليها، نظريات، لكن المعول عليه في هذه الفترة بالذات أن تنتبه ثوراتنا الحالية "عمليا" و"ميدانيا" لمسار حركتها حتى لا تنزلق مرة أخرى في حُفَر التاريخ، فما يبرح رضيعنا أن يهنأ بالشراب الزلال أياما حتى يذيقه "المنقلبون" من علقمهم عقودا.
وفي التفسير الميسّر: "ولو شئنا أن نرفع قدره بما آتيناه من الآيات لفعلنا، ولكنه ركن إلى الدنيا واتبع هواه، وآثر لَذاته وشهواته على الآخرة، وامتنع عن طاعة الله وخالف أمره. فمثل هذا الرجل مثل الكلب، إن تطرده أو تتركه يخرج لسانه في الحالين لاهثاً". وقال الإمام البغوي في هذه الآية: "إن وعظته فهو ضال وإن تركته فهو ضال كالكلب... الحور بعد الكور (محاولة لتحليل ظاهرة سقوط بعض الكوادر الإسلامية) | د. أحمد عبد المنعم - YouTube. ". ولئن لم يتعهد هؤلاء أنفسهم ويثوبوا لرشدهم ويتوبوا لربهم، يوشكوا أن يخسروا الدنيا والآخرة. واعلم أخي أن الابتلاء من سنن الله تعالى لعباده المؤمنين ليتبين له الذين صدقوا ويعلم الكاذبين: { أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهَُّ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت:2]. ولأن عبودية الله وحده هي غاية خلق العباد: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:65]، اقتضت منا هذه الغاية أن تكون عبوديتنا لله تعالى في السراء والضراء، وفي اليسر والعسر، وفي المحاب والمكاره، وفي جميع الأحوال، فالمسلم الصادق هو الذي يستقيم على طاعة ربه مهما اشتد البلاء، ومهما كثرت الفتن وتلاحقت المحن، وقد بيّن صلى الله عليه وسلم جزاء المتمسك بدينه الصابر عليه في مثل هذه الأ يام حين قال: « إن من ورائكم أيام الصبر للمتمسك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجر خمسين »، قال: يا نبي الله منا أو منهم؟ قال: « بل منكم ».